الجمعة 24 جمادة الاولى 1447 هـ
14 نوفمبر 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-113 كتاب الصلاة، الحديث 533-542   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 15 الحديث 77-85   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-112 كتاب الصلاة، الحديث 528-532   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-111 كتاب الصلاة، الحديث 523و524و525و526و527   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-110 كتاب الصلاة، الحديث 517و518و519و520و521و522   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-109 كتاب الصلاة، الحديث 514و515و516   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-108 كتاب الصلاة، الحديث 510و511و512و513   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 14 الحديث 70و71و72و73و74و75و76   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-107 كتاب الصلاة، الحديث 504و505و506و507و508و509   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-106 كتاب الصلاة، الحديث 496و497و498و499و500و503,502,501      

تفسير سورة النساء 125-127

تفسير سورة النساء 125-127

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) }

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} وأصوب طريقاً وأهدى سبيلاً {مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلهِ} أي: أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيماناً واحتساباً {وَهُوَ مُحْسِنٌ} قال ابن كثير: أي اتبع في عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أي يكون خالصاً صواباً، والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون متابعاً للشريعة، فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد.

فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً، وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً، ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم، ولهذا قال تعالى: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. انتهى {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} يعني: واتبع الدين الذي كان عليه إبراهيم خليل الرحمن، وأمر به إبراهيم بنيه من بعده وأوصاهم به {حَنِيفًا} الحنيف هو المائل عن الشرك قصداً، أي تاركاً له عن بصيرة، ومقبل على الحق بكُلِّيته، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} حبيباً صفياً، والخلة: صفاء المودة، وهي أرفع مقامات المحبة، قالوا: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل، فسمي خليلاً؛ لأن الله أحبه واصطفاه.

قال ابن كثير: وهذا من باب الترغيب في اتباعه؛ لأنه إمام يقتدى به، حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له، فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه.

{وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) }

{وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} من قليل وكثير، كله ملك له تبارك وتعالى، فليس بحاجة لأحد من خلقه، بل الخلق بحاجة إليه تبارك وتعالى. قال الطبري رحمه الله: واتخذ الله إبراهيم خليلاً؛ لطاعته ربه، وإخلاصه العبادة له، والمسارعة إلى رضاه ومحبته، لا من حاجة به إليه وإلى خلته، وكيف يحتاج إليه وإلى خلته، وله ما في السموات وما في الأرض من قليل وكثير ملكاً، والمالك الذي إليه حاجة ملكه دون حاجته إليه، فكذلك حاجة إبراهيم إليه، لا حاجته إليه فيتخذه من أجل حاجته إليه خليلاً، ولكنه اتخذه خليلاً؛ لمسارعته إلى رضاه ومحبته. يقول: فكذلك فسارعوا إلى رضاي ومحبتي لاتخذكم لي أولياء.

{وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} أي: أحاط علمه بجميع الأشياء، فلا يخفى عليه شيء مما يفعله العباد من خير وشر.

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) }

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} ويسألك يا محمد أصحابك أن تفتيهم في أمر النساء، والواجب لهن وعليهن، الاستفتاء: طلب السائل من المسؤول بيان الحكم الشرعي في ذلك المسؤول عنه {قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} قل لهم يا محمد: الله يفتيكم أي يبين لكم الحكم الشرعي فيهن، يعني في النساء {وَ} ويبين لكم أيضاً {مَا يُتْلَى} يقرأ {عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} في القرآن، أي ما نزل في أول هذه السورة {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} أي: في بيان حقوق اليتامى من النساء {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ} أي: لا تعطونهن {مَا كُتِبَ لَهُنَّ} من صداقهن {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} أي: في نكاحهن لمالهن وجمالهن بأقل من صداقهن {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} يريد: ويفتيكم في المستضعفين من الولدان وهم الصغار، أن تعطوهم حقوقهم؛ لأنهم كانوا لا يورثون الصغار {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ}أي: ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط بالعدل في مهورهن ومواريثهن {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} يحثهم على فعل الخيرات، وامتثال الأوامر، فإن الله عز وجل عالم بجميع ذلك، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه.

أخرج الشيخان في صحيحيهما عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَ لَهَا: يَا أُمَّتَاهْ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} [النساء: 3]- إِلَى قَوْلِهِ - {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا «فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: " اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ: أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ " قَالَتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ. انتهى

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 842
عدد التحميلات 14
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق