كانت في وقت البعثة النبوية القبائل العربية في العراق تحت حكم الفرس، ودولة فارس كانت إحدى الدول الكبرى في ذاك الوقت في إيران والعراق وما حولها، وكان دينها المجوسية. والمجوس منهم من يعبد النار، ومنهم من يعبد الشمس، ويقولون بأن للعالم إلهين: إلها للنور وإلها للظلمة.
وكانت القبائل العربية في الشام تحت حكم الروم، الدولة البيزنطية وهي كذلك إحدى الدول الكبرى، وعاصمتها القسطنطينية (إسطنبول) وكان دينهم النصرانية.
والروم أولاد عم بني إسرائيل، فهم أولاد العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام.
ويقال لهم: بنو الأصفر، لصفرةٍ كانت في العيص. كذا قال ابن كثير وغيره.
وكان هؤلاء العرب نصارى، ووثنيين.
وكان يحصل بينهم قتال ينصر كل منهم حليفه من الدول الكبرى عند حصول قتال بينهم، ولهم أيضا مُلك وإمارة تحت سلطة الدول الكبرى.
من أشهرها الغساسنة والمناذرة.
هذا الحال في العراق والشام.
وعندما نذكر الشام نريد بها ما يعرفه المسلمون قديما قبل حدود سايكس بيكو الحالية.
الشام تبدأ من جبال طوروس في تركيا، وتنتهي بعريش مصر في مصر، وجبلي طيء في السعودية.
ومن الفرات إلى بحر الشام (البحر الأبيض المتوسط).
هذه مقدمة مهمة لما سيأتي إن شاء الله، فلحاضرنا ومستقبلنا علاقة وارتباط قوي بماضينا، وإن حاول البعض الفصل بينها، فلا سبيل إلى ذلك حقيقة، وسترون كيف ذلك في سرد أهم ما نحتاج إلى معرفته من الماضي، وله علاقة بما يحدث اليوم. إن شاء الله.
أرض الشام أرض شريفة مباركة وهي خيرة الله من أرضه وأشرفها القدس التي فيها بيت المقدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي صلى فيه الأنبياء خلف نبينا صلى الله عليه وسلم، وله الفضائل المعلومة.
ودخلها جمع من الأنبياء في حياتهم، وآخرهم نبينا صلى الله عليه وسلم.
ولها فضائل كتبت فيها كتب، وهي معلومة.
وهي أرض أحداث عظيمة من قديم الزمان إلى آخره كما سيأتي.
فلذلك كان للشام عند المسلمين واليهود والنصارى مكانة، ولهم فيها اعتقاد، لذلك هي محل نزاع مستمر بينهم.
أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تفتح أن المسلمين سيفتحونها، وأخبرنا أنها ستخرج من بين أيدينا، كما حصل، وأنها سترجع إلينا.
ولأن الحديث عنها وعن تاريخها طويل، والأحداث اليوم متسارعة سأختصر بقدر الأمكان.
كما علمنا سابقا كانت الشام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحكمها الروم النصارى ودولتهم الدولة البيزنطية.
والنبي صلى الله عليه وسلم بدأ بجهاده بالجزيرة، ثم أرسل جيشا لقتال الروم وكانت أول غزوة كبيرة هي غزوة مؤتة وقصتها معلومة وكانت في السنة الثامنة من الهجرة ثم تتابعت الغزوات،
ثم جهز النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته جيش أسامة إلى الشام، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم مات قبل أن يكمل الجيش طريقه.
وفي عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أكمل ما بدأه النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل جيش أسامة إلى الشام فغزا الشام، وعاد سالما.
ولما فرغ أبو بكر من حروب الردة بدأ بفتح الشام….