الاحد 12 ذو القعدة 1445 هـ
19 مايو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-53، كتاب الوضوء، الحديث 192و193و194و195و196و197و198و199و200   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-52، كتاب الوضوء، الحديث 187و188و189و190و191   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-51، كتاب الوضوء، الحديث 183و184و185و186   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)      

تفسير سورة التوبة (5-6)

تفسير سورة التوبة (5-6)

{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}

{فَإِذَا انْسَلَخَ} انقضى ومضى {الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} هي أشهر التسيير الأربعة المنصوص عليها فيما تقدم في قوله تعالى {‌فَسِيحُواْ ‌فِي ‌ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ} وقيل لها حرم؛ لأن الله تعالى حرم فيها على المؤمنين دماء المشركين والتعرض لهم أي إذا انقضت ومضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم، وأجلناهم فيها {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} فاقتلوا المشركين أينما وجدتموهم من الأرض، قال ابن كثير: هذا عام، والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم بقوله: {‌وَلَا ‌تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ} {وَخُذُوهُمْ} وأسِروهم {وَاحْصُرُوهُمْ} قال السعدي: أي: ضيقوا عليهم، فلا تدعوهم يتوسعون في بلاد الله وأرضه، التي جعلها الله معبداً لعباده.

فهؤلاء ليسوا أهلاً لسكناها، ولا يستحقون منها شبراً؛ لأن الأرض أرضُ الله، وهم أعداؤه المنابذون له ولرسله، المحاربون، الذين يريدون أن يُخلُوَ الأرض من دينه، {وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن ‌يُتِمَّ ‌نُورَهُۥ ‌وَلَوۡ ‌كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} أي: على كل طريق، والمرصد: الموضع الذي يراقب فيه العدو، من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته، يريد كونوا لهم رصداً لتأخذوهم من أي وجه توجهوا.

قال ابن كثير: أي لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام، ولهذا قال: {فَإِنْ تَابُوا} من الشرك {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} يقول دعوهم فليتصرفوا في أمصارهم {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لمن تاب {رَحِيمٌ} به.

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)}

يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم {اسْتَجَارَكَ} أي: استأمنك، أي طلب الدخول في جوارك يعين في حمايتك {فَأَجِرْهُ} فأجبه إلى طلبه وأمنه {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} أي إلى أن يسمع القرآن، أو كي يسمع القرآن فتقام عليه الحجة، قال أئمة السلف: حتى يسمع القرآن {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} أي: إن لم يسلم أبلغه مأمنه، أي: الموضع الذي يأمن فيه، وهو دار قومه {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} أي: لا يعلمون دين الله وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام الله.

وقال ابن كثير: أي: إنما شرعنا أمان مثل هؤلاء ليعلموا دين الله، وتنتشر دعوة الله في عباده. انتهى

احتج أئمة السلف رضي الله عنهم بهذه الآية على أن القرآن كلام الله غير مخلوق.

قال الإمام أحمد: قال اللَّه في كتابه: {وَإِنْ أَحَدٌ ‌مِنَ ‌الْمُشْرِكِينَ ‌اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فجبريل سمعه من اللَّه، وسمعه النبي من جبريل عليهما السلام، وسمعه أصحاب النبي من النبي عليه السلام، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ولا نشك ولا نرتاب فيه، وأسماء اللَّه في القرآن وصفاته في القرآن من علم اللَّه وصفاته منه، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فقد كنا نهاب الكلام في هذا، حتى أحدث هؤلاء ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، دَعَوا الناس إلى ما دَعَوهم إليه، فبان لنا أمرُهم وهو الكفر باللَّه العظيم. انتهى

وقال يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ؟ فقَالَ: " الْقُرْآنُ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ مَا كَانَ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا أَبَدًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ ‌مِنَ ‌الْمُشْرِكِينَ ‌اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، وَلَمْ يَقُلْ: حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَكَ يَا مُحَمَّدُ "، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا يَدُورُ هَؤُلَاءِ عَلَى الْإِبْطَالِ وَالتَّعْطِيلِ، قَالَ: «نَعَمْ»، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ».

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 22 محرم 1445
عدد المشاهدات 194
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق