الجمعة 18 شوال 1445 هـ
26 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

تفسير سورة المائدة 48-50

تفسير سورة المائدة 48-50

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} يا محمد {الْكِتَابَ} القرآن {بِالْحَقِّ} بالصدق، ولا كذب فيه، ولا شك أنه من عند الله {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} لما قبله {مِنَ الْكِتَابِ} أي: من الكتب المنزلة من قبله، التي فيها ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومدحه، وأن القرآن سينزل من عند الله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فكان نزوله كما أخبرت به الكتب التي قبله، فصدقها فيما أخبرت به {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} قال ابن عباس: المهيمن الأمين، قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله. قال الطبري: القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل.

وقال البعض معنى المهيمن: الشهيد، وقال البعض: الحاكم، قال ابن كثير: وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله؛ آخر الكتب وخاتمَها وأشملَها وأعظمَها وأكملَها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهداً وأميناً وحاكماً عليها كلها، وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة، فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: 9].{فَاحْكُمْ} يا محمد {بَيْنَهُمْ} بين أهل الكتاب وغيرهم من أهل الملل {بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} أي بالقرآن {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} أي لا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهواء هؤلاء الجهلة الأشقياء {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ} أيها الأمم {شِرْعَةً} شريعة {وَمِنْهَاجًا} أي جعل لكل أمة سبيلاً وسنة يمشون عليها ويتعبدون بها، المنهاج: الطريق الواضح السهل، أراد بهذا أن الشرائع مختلفة أي الأحكام، ولكل أهل ملة شريعة، قال قتادة: الدين واحد والشريعة مختلفة. يعني التوحيد واحد والأحكام مختلفة. قال ابن كثير: ثم هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام، المتفقة في التوحيد، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات، ديننا واحد» يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله، وضمنه كلَّ كتاب أنزله، كما قال تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36] الآية، وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراماً، ثم يحل في الشريعة الأخرى، وبالعكس، وخفيفاً، فيزاد في الشدة في هذه دون هذه، وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة، والحجة الدامغة. قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: قوله لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا يقول: سبيلا وسنة، والسنن مختلفة، هي في التوراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي الفرقان شريعة، يحل الله فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، والدين الذي لا يقبل الله غيره، التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. انتهى

{وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: على ملة واحدة {وَلَكِنْ} فرقكم إلى أمم {لِيَبْلُوَكُمْ} ليختبركم {فِي مَا آتَاكُمْ} من الكتب، وبين لكم من الشرائع؛ فيتبين المطيع من العاصي، والموافق من المخالف، أي أنه تعالى شرع الشرائع مختلفة ليختبر عباده فيما شرع لهم، ويثيبهم أو يعاقبهم على حسب طاعتهم ومعصيتهم {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} فبادروا إلى الأعمال الصالحة، وسارعوا إليها {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} بالبعث بعد الموت {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين، ويجزي كلاًّ منكم بعمله.

{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}

{وَأَنِ احْكُمْ} يا محمد {بَيْنَهُمْ} بين أهل الكتاب وسائر أهل الملل {بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ولا تتركن العمل بذلك اتباعاً منك أهواءهم، وإيثاراً لها على الحق الذي أنزلته إليك في كتابي {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ} يصدوك {عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ} قال الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: واحذر يا محمد هؤلاء اليهود الذين جاءوك محتكمين إليك أن يفتنوك، فيصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك من حكم كتابه، فيحملوك على ترك العمل به، واتباع أهوائهم {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي: أعرضوا عن الإيمان والحكم بالقرآن، وأرادوا غيره {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ} بالعقوبة {بِبَعْضِ} بسبب بعض {ذُنُوبِهِمْ} أي فاعلم أن ذلك كائن عن قدر الله وحكمته فيهم، أن يصرفهم عن الهدى عقوبة لهم؛ لما لهم من الذنوب السابقة التي أدت إلى إضلالهم وعقوبتهم {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} لخارجون عن طاعة الله. قال الطبري: يقول: وإن كثيرا من اليهود لفاسقون، يقول: لتاركو العمل بكتاب الله، ولخارجون عن طاعته إلى معصيته.

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} يطلبون، أي أيطلبون ويريدون حكم الجاهلية، ولا يريدون حكم الله.

وهذا استفهام إنكار، ينكر الله تبارك وتعالى على من خرج عن حكم الله، المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وذهب إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا} أي لا أحد أحسن حكماً من الله {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} عند قوم يوقنون به.

قال ابن كثير: أي ومن أعدل من الله في حكمه، لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به، وأيقن، وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء. انتهى

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الخميس 6 جمادة الاولى 1443
عدد المشاهدات 181
عدد التحميلات 4
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق