الاربعاء 15 ذو الحجة 1446 هـ
11 يونيو 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 10 الحديث 38و39و40و41و42و43و44و45و46و47   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-98 كتاب الصلاة، الحديث 453و454و455و456و457   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 9 الحديث 32و33و34و35و36و37   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-97 كتاب الصلاة، الحديث 447و448و449و450و451و452   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 36-42   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 23-35   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 1-22   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-96 كتاب الصلاة، الحديث 443و444و445و446   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 8 الحديث 27و28و29و30و31   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-95 كتاب الصلاة، الحديث 439و440و441و442      

تفسير سورة المائدة 116-120

تفسير سورة المائدة 116-120

{وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)}

{وَإِذْ} هي بمعنى: إذا التي للمستقبل؛ لأن هذا الكلام يكون يوم القيامة {قَالَ اللهُ} أي يقول الله يوم القيامة {يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} تقدير الكلام: واذكر يا محمد لأمتك قصةً إذ يقول الله يوم القيامة لعيسى ابن مريم {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} في الدنيا {اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ} أي: اجعلوني وأمي مريم معبودين لكم {مِنْ دُونِ اللهِ} أي: متجاوزين توحيد الله وإفراده بالعبادة، فكل من عبد مع الله غيره، لم يعبد الله؛ لأن عبادة الله لا تصح إلا بتوحيده تبارك وتعالى.

يقول الله لعيسى هذا القول يوم القيامة، قوله: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}؟ فإن قيل: لماذا يسأل الله عيسى عليه السلام هذا السؤال يوم القيامة، والله تبارك وتعالى يعلم أنه لم يقل ذلك؟ قيل: هذا السؤال عنه لتوبيخ قومه وتعظيم أمر هذه المقالة، هذا السؤال سؤال إعلام وإنكار واستعظام لهذا القول، ليس سؤال استفهام، وأيضاً أراد الله عز وجل أن يقر عيسى عليه السلام عن نفسه بالعبودية، فيسمعْ قومُه منه ويظهرْ كذبهم عليه أنه أمرهم بذلك {قَالَ} أي عيسى {سُبْحَانَكَ} أي: تنزيهًا لك عن النقائص، وبراءة لك من العيوب، وتعظيماً لك {مَا يَكُونُ لِي} ما ينبغي لي {أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أي: أن أقول قولًا لا يحق لي أن أقوله {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} إن كان حصل وقلتُ هذا القول فقد علمتَه يقيناً، فإنك {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} ما كان وما يكون، وما خفي وما ظهر.

{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)}

{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} وهو {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ} وحده لا شريك له، ولا تعبدوا معه أحداً {رَبِّي وَرَبَّكُمْ} الذي خلقني وخلقكم {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} أشهد على ما يقولون وما يفعلون {مَا دُمْتُ فِيهِمْ} مدة بقائي بينهم {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} رفعتني إليك {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} أي: كنت أنت الحفيظ عليهم، تحفظ أعمالهم، المراقب لأعمالهم وأحوالهم {وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} دوني؛ لأني إنما شهدت من أعمالهم ما عملوه وأنا بين أظهرهم، وأنت تشهد على كل شيء؛ إذ لا يخفى عليك شيء، فالرقيب: الحافظ المراقب الذي لا يغيب عنه شيء، والشهيد: العالم الذي لا يعزب عن علمه شيء.

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)}

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ} هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة وماتوا عليها، إن تعذبهم ببقائهم على كفرهم {فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} تفعل بهم ما تشاء {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} لمن آمن منهم، ومات على إيمانه {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} أي: الغالب الذي لا يُغالب في الانتقام ممن يريد الانتقام منه، لا يمتنع عليه ما يريده {الْحَكِيمُ} في أفعاله كلها، فيضع الأمور في مواضعها، الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب وعدل.

{قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)}

{قَالَ اللهُ} تبارك وتعالى يوم القيامة {هَذَا يَوْمُ} أي يوم القيامة {يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} في الدنيا {صِدْقُهُمْ} في الآخرة. قال السعدي: والصادقون هم الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم على الصراط المستقيم والهدْي القويم، فيوم القيامة يجدون ثمرة ذلك الصدق، إذا أحلهم الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر. انتهى

ثم بين ثوابهم فقال: {لَهُمْ جَنَّاتٌ} بساتين {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} من تحت أشجارها وقصورها {الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} ماكثين فيها لا يخرجون منها أبداً ولا يفنون {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ} بما عملوه في الدنيا من التوحيد وطاعة الله، فلا يسخط عليهم أبداً {وَرَضُوا عَنْهُ} بما رزقهم وأنعم عليهم وأثابهم{ذَلِكَ} ما نالوه من رضا الله ودخول جنات النعيم، هو {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الظفر العظيم، فلا نعيم أفضل وأعظم من رضا الله، ورؤيته يوم القيامة، ودخول جنات النعيم والخلود الأبدي فيها الذي لا انقطاع له أبداً.

{لِلهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}

ثم عظم نفسه فقال: {لِلهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ} له سلطان السماوات والأرض، وما فيهن دون عيسى الذي تزعمون أنه إلهكم، ودون أمه، ودون جميع من في السماوات ومن في الأرض؛ فإن السماوات والأرض خلق من خلقه، وما فيهن وعيسى وأمه من بعض ذلك {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قال ابن كثير: أي هو الخالق للأشياء، المالك لها، المتصرف فيها، القادر عليها، فالجميع ملكه وتحت قهره وقدرته، وفي مشيئته، فلا نظير له، ولا وزير، ولا عديل، ولا والد، ولا ولد، ولا صاحبة، ولا إله غيره، ولا رب سواه. انتهى

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الخميس 6 جمادة الاولى 1443
عدد المشاهدات 1042
عدد التحميلات 9
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق