الاربعاء 16 شوال 1445 هـ
24 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

تفسير سورة المائدة 70-76

تفسير سورة المائدة 70-76

{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70)}

{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي العهد المؤكد على الإيمان بالله ورسله وبما بعثوا به {وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ} بما لا تميل إليه أنفسهم ولا تحبه من الحق {فَرِيقًا} من الرسل {كَذَّبُوا} كعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، كذبوهما ولم يؤمنوا بهما {وَفَرِيقًا} من الرسل { يَقْتُلُونَ} كيحيى وزكريا؛ يفعلون هذا نقضاً لميثاقنا الذي أخذناه عليهم، وجراءة علينا وعلى خلاف أمرنا.

{وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)}

{وَحَسِبُوا} ظنوا {أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: عذاب وقتل، على تكذيبهم الرسل وقتلهم لهم {فَعَمُوا} عن الحق فلم يبصروه {وَصَمُّوا} عنه فلم يسمعوه {ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ} أي مما كانوا فيه {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا} ثانية {كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} أي مطلع عليهم، عليم بما يعملون، وسيجازيهم عليه.

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72)}

{لَقَدْ كَفَرَ} بالله العظيم {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} هم طائفة من النصارى، قالوا بأن الله هو عيسى ابن مريم عليه السلام {وَقَالَ الْمَسِيحُ} عيسى ابن مريم {يا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} أي أن عيسى لم يقل لهم هو الله، واعبدوه هو، بل كان يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، الله الذي خلقه وخلقهم، والذي يملكه وإياهم، ويرزقه وإياهم، ويدبر أمرهم جميعاً {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ} فيعبد غيره معه، ومات على ذلك {فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} لن يدخلها أبداً {وَمَأْوَاهُ النَّارُ} المكان الذي سيصير إليه ويأوي إليه ويستقر فيه؛ نار جهنم خالداً فيها لا يخرج منها أبداً {وَمَا لِلظَّالِمِينَ} الذين عبدوا غير الله {مِنْ أَنْصَارٍ} ينصرونهم من الله، فيخرجونهم من عذاب جهنم.

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}

{لَقَدْ كَفَرَ} بالله العظيم {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} وهم طائفة من النصارى، وكان عليه أكثر النصارى، هؤلاء قالوا: الله ثالث ثلاثةِ آلهة، يقولون: الإلهية مشتركة بين الله تعالى ومريم وعيسى، وكل واحد من هؤلاء إله، فهم ثلاثة آلهة، يبين هذا قوله عز وجل للمسيح: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}، قال الطبري رحمه الله: كانوا فيما بلغنا يقولون: الإله القديم جوهر واحد، يعم ثلاثة أقانيم: أباً والداً غير مولود، وابناً مولوداً غير والد، وزوجاً متتبَّعة بينهما.

ثم قال الله تبارك وتعالى رداً عليهم ومكذباً لهم: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} وهو الله وحده لا شريك الله، ليس معه آلهةٌ أخرى.

قال الطبري في معناها: ما لكم معبود أيها الناس إلا معبود واحد، وهو الذي ليس بوالد لشيء ولا مولود، بل هو خالق كل والد ومولود {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ} أي إن لم يكفوا عن قولهم الباطل بأن الله ثالث ثلاثة ويتوبوا {لَيَمَسَّنَّ} ليصيبن {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} الذين يقولون منهم إن المسيح هو الله، والذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة، وكل كافر سلك سبيلهم {عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم موجع، وهو عذاب جهنم.

{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)}

{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ} استفهام بمعنى الأمر، أي فليرجعوا إلى الله ويتركوا الكفر الذي هم عليه {وَيَسْتَغْفِرُونَهُ} ويطلبون منه المغفرة التي هي ستر الذنب والتجاوز عنه وعدم العقاب عليه، قال الفراء: هذا أمر بلفظ الاستفهام كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} أي: انتهوا، والمعنى: إن الله يأمركم بالتوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم {وَاللهُ غَفُورٌ} لمن تاب {رَحِيمٌ} به.

{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)}

{مَا الْمَسِيحُ} عيسى {ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ} مضت {مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أي: ليس هو بإله ولا ابن إله؛ بل هو كالرسل الذين مضوا، لم يكونوا آلهة، بل كانوا خلقاً من خلق الله {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} أي: كثيرة التصديق، فهي مؤمنة بالله صالحة، فليست إلهاً، قال أهل العلم هذا أرفع مقام ذكرت به مريم، أنها صديقة، واستدلوا بهذا على أنها ليست نبية، فالصديق منزلة دون النبي. والله أعلم {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} أي: كانا يعيشان بالطعام والغذاء كسائر الآدميين، فكيف يكون إلهاً من لا يقيمه إلا أكل الطعام؟! كيف يكون إلهاً من هو بحاجة للأكل والشرب ولا يمكنه البقاء إلا بهما، فهو عاجز بحاجة إلى غيره، ومن كان هذا حاله لا يكون إلا مربوباً لا رباً، ثم قال تعالى: {انْظُرْ} يا محمد {كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ} هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى {الْآيَاتِ} أي الأدلة والحجج على بطلان ما يقولون، ثم لا يرتدعون عن كذبهم وباطل قولهم، مع ورود الحجج القاطعة على بطلان قولهم {ثُمَّ انْظُرْ} يا محمد {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي كيف يصرفون عن الحق مع قيام البرهان.

{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)}

{قُلْ} لهم يا محمد {أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ} من غير {اللهِ} أتعبدون سوى الله الذي يملك ضركم ونفعكم وهو الذي خلقكم ورزقكم وهو يحييكم ويميتكم، أتعبدون سواه {مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} وكل مخلوق فلا يملك ضراً ولا نفعاً؛ فلماذا يعبد، إنما يعبد من بيده الضر والنفع، وهو الله وحده.

قال الطبري رحمه الله: يخبرهم تعالى ذكره أن المسيح الذي زعم من زعم من النصارى أنه إله، والذي زعم من زعم منهم أنه لله ابن؛ لا يملك لهم ضراً يدفعه عنهم إن أحله الله بهم، ولا نفعاً يجلبه إليهم إن لم يقضه الله لهم.

يقول تعالى ذكره: فكيف يكون رباً وإلهاً من كانت هذه صفته؟ بل الرب المعبود الذي بيده كل شيء، والقادر على كل شيء، فإياه فاعبدوا، وأخلصوا له العبادة، دون غيره من العجزة الذين لا ينفعونكم ولا يضرون. انتهى

{وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ} يسمع ما يقولون {الْعَلِيمُ} ويعلم كل شيء.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الخميس 6 جمادة الاولى 1443
عدد المشاهدات 141
عدد التحميلات 3
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق