الاحد 20 شوال 1445 هـ
28 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169      

تفسير سورة النساء 47-51

تفسير سورة النساء 47-51

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا (47)}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا} أعطوا {الْكِتَابَ} التوراة، يخاطب اليهود {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} يعني: القرآن {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} يعني: التوراة، فالقرآن مصدق للتوراة لأن التوراة فيها صفة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وصدق ما ذكر فيها {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} معناه نمحو آثارها وما فيها من أنف وعين وفم وحاجب {فَنَرُدَهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} ونجعل الوجوه إلى الخلف فيمشون إلى الخلف.

فإن قيل لم يؤمن اليهود، ولم يفعل الله بهم هذا؟

فأجاب العلماء بأجوبة، منها: أن الله دفع عنهم هذا العذاب بإيمان بعضهم كعبد الله بن سلام ومن آمن منهم.

وأصل الطمس: المحو مع جعل الشيء مستويا، ومنه يقال: طمست أعلام الطريق؛ إذا دثرت ومحيت فاندفنت واستوت بالأرض.

{أَوْ نَلْعَنَهُمْ} أو نخزيهم ونطردهم من رحمتنا فنجعلهم قردة وخنازير {كَمَا لَعَنَّا} كما أخزينا وطردنا {أَصْحَابَ السَّبْتِ} فجعلناهم قردة وخنازير {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا} وكان جميع ما أمر الله أن يكون كائناً مخلوقاً موجوداً، لا يمتنع عليه خلق شيء شاء خلقه.

{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}

{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ} الإشراك {بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ} ما سوى {ذَلِكَ} الإشراك من الذنوب {لِمَنْ يَشَاءُ} فإن الله لا يغفر الشرك به والكفر لمن مات عليه، ويغفر ما دون ذلك الشرك أي ما سوى الشرك والكفر من الذنوب والآثام، يغفرها لمن يشاء من أهلها.

{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى} اختلق افتعل {إِثْمًا} ذنباً {عَظِيمًا} كبيراً. قال الطبري رحمه الله: وإنما جعله الله تعالى ذكره مفتريا؛ لأنه قال زورا وإفكا بجحوده وحدانية الله، وإقراره بأن لله شريكا من خلقه وصاحبة أو ولدا، فقائل ذلك مفتر، وكذلك كل كاذب فهو مفتر في كذبه مختلق له.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)}

{أَلَمْ تَرَ} يا محمد {إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ} فيبرئونها من الذنوب، ويطهرونها {بَلِ اللهُ يُزَكِّي} أي: يطهر ويبرئ من الذنوب ويصلح {مَنْ يَشَاءُ} من خلقه، قال الطبري: فإنه تكذيب من الله المزكين أنفسهم من اليهود والنصارى المبرئيها من الذنوب، يقول الله لهم: ما الأمر كما زعمتم أنه لا ذنوب لكم ولا خطايا، وإنكم برآء مما يكرهه الله، ولكنكم أهل فرية وكذب على الله، وليس المزكى من زكى نفسه، ولكنه الذي يزكيه الله، والله يزكي من يشاء من خلقه فيطهره ويبرئه من الذنوب بتوفيقه لاجتناب ما يكرهه من معاصيه إلى ما يرضاه من طاعته {وَلَا يُظْلَمُونَ} ولا ينقصون من أعمالهم {فَتِيلًا} وهو اسم لما في شق النواة، والقطمير اسم للقشرة التي على النواة، والنقير اسم للنقرة التي على ظهر النواة، وقيل: الفتيل من الفتل وهو ما يجعل بين الأصبعين من الوسخ عند الفتل، يعني لا ينقصون من أعمالهم شيئاً مهما قل.

{انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)}

{انْظُرْ} يا محمد {كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ} يختلقون ويفتعلون {الْكَذِبَ} بتزكيتهم أنفسهم بالباطل {وَكَفَى بِهِ} بالكذب {إِثْمًا مُبِينًا} إثما بينا ظاهراً.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)}

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم يا محمد فهي رؤية قلبية {إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا} أعطوا {نَصِيبًا} حظاً {مِنَ الْكِتَابِ} التوراة {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ} السحر {وَالطَّاغُوتِ} عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن الطواغيت، فقال: هم كهان تنزل عليهم الشياطين. وقال مجاهد: الطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم. وقال الإمام مالك: الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله عز وجل، وقد تنوعت عبارات السلف في الجبت والطاغوت، وكلها تؤدي إلى معنى واحد؛ لذلك قال الطبري رحمه الله بعد أن ذكر أقوال السلف وأدخلها كلها في تعريفه، قال: " يصدقون بمعبودَين من دون الله يعبدونهما من دون الله، ويتخذونهما إلهين.

وذلك أن الجبت والطاغوت اسمان لكل معظم بعبادة من دون الله، أو طاعة، أو خضوع له، كائنا ما كان ذلك المعظم؛ من حجر أو إنسان أو شيطان. وإذ كان ذلك كذلك وكانت الأصنام التي كانت الجاهلية تعبدها كانت معظمة بالعبادة من دون الله فقد كانت جُبُوتا وطواغيت، وكذلك الشياطين التي كانت الكفار تطيعها في معصية الله، وكذلك الساحر والكاهن اللذان كان مقبولاً منهما ما قالا في أهل الشرك بالله، وكذلك حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف؛ لأنهما كانا مطاعين في أهل ملتهما من اليهود في معصية الله والكفر به وبرسوله فكانا جبتين وطاغوتين". انتهى لكن العلماء قيدوا الطاغوت بمن فُعل به ذلك وهو راض؛ كي يخرجوا مثل عيسى عليه السلام وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الصالحين الذين عُبدوا وهم غير راضين بذلك، وإنما عبد هؤلاء المشركون حقيقة الشيطان الذي أمرهم بعبادة الصالحين {وَيَقُولُونَ} أي اليهود الذين أعطوا التوراة {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} من مشركين قريش تملقا لهم ومداهنة، وبغضا للإيمان وأهله {هَؤُلَاءِ} أي أنتم، يعنون كفار قريش عبدة الأوثان {أَهْدَى} أصوب ديناً وأقوم طريقاً {مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم {سَبِيلًا} طريقاً، فيفضلون عبدة الأوثان الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخرة ولا يحلون الحلال ويحرمون الحرام، ولا يتخلقون بالأخلاق الحسنة التي يتخلق بها أهل الإسلام، على المؤمنين بالله واليوم الآخر، الذين يحلون الحلال ويحرمون الحرام ويتخلقون بالأخلاق الحسنة التي أمر الله تبارك وتعالى بها، النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إنما يقولون هذا عنادا وحسدا وهم يعلمون أنهم كاذبون.

قال ابن عباس: لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايَةِ وَالسِّدَانَةِ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ، فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنَيْبِيرُ الْمُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا، فَقَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، وَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا}»

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 11 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 138
عدد التحميلات 3
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق