الاحد 27 شوال 1445 هـ
05 مايو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-51، كتاب الوضوء، الحديث 183و184و185و186   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175      

تفسير سورة النساء من الآية 1-4

تفسير سورة النساء من الآية 1-4

سورة النساء قال الطبري رحمه الله: سورة النساء مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة. انتهى

أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ" تعني عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد بَنَى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعائشة في المدينة.

وهذا يصحح ما قاله الطبري رحمه الله، وحكى بعضهم الإجماع عليه.

قال أهل العلم: وسميت سورة النساء لكثرة ما ورد فيها من الأحكام التي تتعلق بهن، بدرجة لم توجد في غيرها من السور، ولذلك أطلق عليها سورةُ النساء الكبرى في مقابلة سورة النساء الصغرى التي عرفت في المصحف بسورة الطلاق.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هذا خطاب للناس جميعاً مؤمنِهم وكافرِهم {اتَّقُوا رَبَّكُمُ} خافوه واجتنبوا عذابه بطاعته، وترك معصيته، الله الذي يجب علينا أن نتقيه دون غيره هو {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني: من آدم عليه السلام {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني حواء خلقت من آدم من ضلع من أضلاعه {وَبَثَّ مِنْهُمَا} نشر وأظهر من آدم وحواء {رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} فالناس جميعاً أولاد آدم وحواء، وحواء خلقت من ضلع آدم، وآدم خلق من تراب {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} أي: تتساءلون به، فتقولون أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزم عليك بالله، وما أشبه ذلك {وَالْأَرْحَامَ} أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ} أيها الناس {رَقِيبًا} أي هو مراقب لجميع أحوالكم وأعمالكم، مطلع عليها ويعلمها فيجازيكم عليها فاحذروه.

قال السعدي رحمه الله: افتتح تعالى هذه السورة بالأمر بتقواه، والحث على عبادته، والأمر بصلة الأرحام، والحث على ذلك.

وبيَّن السبب الداعي الموجب لكل من ذلك، وأن الموجب لتقواه أن {رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} ورزقكم، ورباكم بنعمه العظيمة، التي من جملتها خلقكم {مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ليناسبها، فيسكن إليها، وتتم بذلك النعمة، ويحصل به السرور، وكذلك من الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به وتعظيمكم، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم، توسلتم بها بالسؤال بالله. فيقول من يريد ذلك لغيره: أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي ألا يُردّ من سأله بالله، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه.

وكذلك الإخبار بأنه رقيب، أي: مطلع على العباد في حال حركاتهم وسكونهم، وسرهم وعلنهم، وجميع أحوالهم، مراقبا لهم فيها مما يوجب مراقبته، وشدة الحياء منه، بلزوم تقواه.

وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة، وأنه بثهم في أقطار الأرض، مع رجوعهم إلى أصل واحد؛ ليعطف بعضهم على بعض، ويرقق بعضهم على بعض. وقرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها، ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به.

وتأمل كيف افتتح هذه السورة بالأمر بالتقوى، وصلة الأرحام والأزواج عموما، ثم بعد ذلك فصل هذه الأمور أتم تفصيل، من أول السورة إلى آخرها. فكأنها مبنية على هذه الأمور المذكورة، مفصلة لما أجمل منها، موضحة لما أبهم.

وفي قوله: {وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا} تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسبٍ وأشد اتصالٍ، وأقرب علاقةٍ. انتهى

{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)}

{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} قوله: {وآتوا} وأعطوا، والخطاب لأولياء اليتامى والأوصياء عليهم، واليتامى: جمع يتيم، واليتيم: اسم لصغير لا أب له، وإنما يدفع المال إليهم بعد البلوغ، وسماهم يتامى هاهنا على معنى أنهم كانوا يتامى {وَلَا تَتَبَدَّلُوا} أي لا تستبدلوا {الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} أي: ولا تستبدلوا الحرام عليكم من أموالهم بأموالكم الحلال لكم ، قال غير واحد من السلف: كان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم ويجعلون مكانه الرديء، فربما كان أحد يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها المهزولة، ويأخذ الدرهم الجيد ويجعل مكانه الزيف، ويقول: درهم بدرهم، فنهوا عن ذلك {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} أي مع أموالكم، أي ولا تخلطوا أموالهم يعني: أموال اليتامى بأموالكم فتأكلوها مع أموالكم أي لا تخلطوها فتأكلوها كلها ما لكم وما لهم { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} إثما عظيماً.

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } معناه إن خفتم يا أولياء اليتامى ألا تعدلوا في اليتيمة التي عندكم بأن تتزوجوها من غير أن تعطوها مهرها الذي تستحقه عادة، وخفتم أن لا تقوموا بحقها لعدم محبتكم إياها، فاتركوا الزواج بها، وتزوجوا غيرها من النساء ، أخرج البخاري في صحيحه عن عُرْوَة، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عن هذه الآية، فقَالَتْ: «يَا ابْنَ أُخْتِي اليَتِيمَةُ، تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا -أي في رعاية من يقوم على شأنها- فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا -أي وليها-، يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا-أي بأقل من مهر مثلها عادة-، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ -أي يعدلوا-، فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ -أي يعطوهن المهر كاملاً-، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ» {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } أي انكحوا ما شئتم من النساء من غير اليتيمات اللاتي عندكم إن شاء أحدكم نكح ثنتين من النساء، وإن شاء ثلاثا، وإن شاء أربعا، وأجمعت الأمة على عدم جواز أن يزيد الرجل على أربع نسوة، قال ابن كثير رحمه الله: قال الشافعي: وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة، وهذا الذي قاله الشافعي رحمه الله مجمع عليه بين العلماء إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة، أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع إلى تسع.

وقال بعضهم: بلا حصر. وقد يتمسك بعضهم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعه بين أكثر من أربع إلى تسع كما ثبت في الصحيحين، وأما إحدى عشرة كما جاء في بعض ألفاظ البخاري: وقد علقه البخاري وقد روينا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بخمس عشرة امرأة، ودخل منهن بثلاث عشرة، واجتمع عنده إحدى عشرة، ومات عن تسع. وهذا عند العلماء من خصائصه دون غيره من الأمة لما سنذكره من الأحاديث الدالة على الحصر في أربع، ولنذكر الأحاديث في ذلك... فذكرها. والله أعلم {فَإِنْ خِفْتُمْ} خشيتم {أَلَّا تَعْدِلُوا} بين الأزواج الثنتين أو الثلاث أو الأربع {فَوَاحِدَةً} أي: فانكحوا واحدة {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني: السراري؛ لأنه لا يلزم فيهن من الحقوق ما يلزم في الحرائر، ولا يجب أن يقسم لها كالزوجة، ولا يلزم عدد معين فيهن كالحرائر لا يزيد على أربعة، وأما الإماء فلا عدد معين يتسرى من غير تقييد بعدد { ذَلِكَ أَدْنَى } أقرب {أَلَّا تَعُولُوا} أي: لا تجوروا ولا تميلوا.

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}

{وَآتُوا} أي وأعطوا {النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} أي مهورهن {نِحْلَةً} فريضة {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} يعني: فإن طابت نفوسهن بشيء من مهورهن فوهبن لكم منه {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} سائغا طيبا.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 11 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 585
عدد التحميلات 6
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق