الاحد 20 شوال 1445 هـ
28 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169      

شبهة البوطي حول حديث افتراق الأمة

السؤال
معذرة إن كان الكلام طويلا،و نرجو منكم شيخنا أن تقرؤوه بكامله و أن تردوا عليه،فقد قرأه البعض و التبس عليهم الأمر،و جزاكم الله خيرا قال البوطي: "ولعل من أخطر هذه العوامل التي تتحرك باسم الدين فهم مقلوب منكس لحديث صحيح رواه أصحاب السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: افترق اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، زاد الإمام الترمذي على ذلك هذه الزيادة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: كلها في النار إلا ملة واحدة، قيل له ما هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي، فهذا الحديث حديث صحيح وله معنى يزيد الأمة إلى الاجتماع والألفة ولكن في الناس اليوم كثرة ذهبت في تفسير هذا الحديث مذهباً باطلاً، مذهباً منكساً تحول بذلك هذا الحديث إلى عامل من أخطر عوامل الفرقة بين المسلمين، كثيراً ما يرى الرجل صاحبه من هؤلاء الذي فهموا هذا الحديث فهماً باطلاً، يقول له صاحبه سائلاً: من أي البلاد أنت، يسأله عن مسقط رأسه، يسأله عن وطنه فيجيبه أنا من الفرقة الناجية ومعنى هذا الكلام بصريح القول أن الذين يسيرون على خلاف مذهبه ومنهجه ليسوا من الفرق الناجية بل هي ممن قال رسول الله عنهم كلها في النار. من هنا انتشرت عوامل التكفير والتبديع والتضليل وما إلى ذلك، وها أنا أضعكم يا عباد الله أمام المعنى الدقيق الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان كلامي هذا يتحول إلى حديث أكاديمي علمي ولكن لا حرج تأملوا لتعلموا فنحن في هذا العصر بل في هذا المنعطف الخطير بأمس الحاجة إلى أن نُقَيِّدَ ضوابط العظة في كلماتنا وخطبنا بالعلم. وردت أحاديث كثيرة بلغت مبلغ التواتر المعنوي تفيد أن من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة، من هذه الأحاديث ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: من لقي الله لا يشرك به شيئاً حرَّم الله عليه النار، ومن ذلك ما رواه النسائي من حديث أبي عمرة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني عبده ورسوله لا يلقى اللهَ عبدٌ يؤمن بهما إلا حُجِبَتْ عنه النار يوم القيامة، وروى أبو داود والحاكم من حديث معاذ رضي الله عنه: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله لم تمسه النار، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال لا إله إلا الله مخلصاً بها دخل الجنة، وأنتم تعلمون أن هؤلاء الذين يقولون لا إله إلا الله ويموتون وهم مستمسكون بها فيهم كثيرٌ ممن تبنى فرقة من الفرق، تبنى مذهباً من المذاهب، اجتهد في إتباع فئة من الفئات وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن في أحاديث بلغت مبلغ التواتر المعنوي أن لا حرج، كلهم ناجون وكلهم يكرمهم الله بالجنة، أفيمكن أن يناقض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه فيقول في هذا الحديث ما يناقض مناقضة حادة هذه التأكيدات التي ذَكَرْتُ لكم طائفة يسيرة منها فيقول وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا ملة واحدة ويعني بذلك الفرق الإسلامية والمذاهب الإسلامية المتنوعة إذاً فرسول الله يناقض نفسه! وحاشاه. إذاً فما معنى الحديث؟ تأملوا يا عباد الله فيما أقوله لكم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، مقتضى بلاغة المصطفى وكونِه حجة في البيان والفصاحة وكونه أوتِيَ جوامع الكلم أن يقابل كلمة اليهود والنصارى بكلمة المسلمين فيقول وسيفترق المسلمون إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة لكنه عَدَلَ عن كلمة المسلمين وإنما قال وستفترق أمتي إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة والمراد بالأمة هنا أمة الدعوة لا أمة الاستجابة، كل من وُجِدَ في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من وُجِدَ فيما بعد إلى قيام الساعة من أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه من أمة الدعوة ومن آمن منهم أصبح من أمة الاستجابة، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : وستفترق أمتي، أي أمة الدعوة، إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، أي إلى أديان مختلفة متناقضة شتى، والدليل الناطق على هذا أنه قال بعد ذلك: كلها في النار إلا ملة واحدة ولم يقل إلا فرقة واحدة، كلها في النار إلا ملة واحدة هي ملة الإسلام بكل فئاتها، بكل مذاهبها، بكل أقوامها، الجامع المشترك بينها والذي يجعل لها هوية الرحمة من الله سبحانه وتعالى ويجعلها تدخل إلى بوابة الرحمة الإلهية والواسعة أنها جميعاً لَقِيَت الله عز وجل وهي تؤمن أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله، هذا هو المعنى الذي قصده المصطفى صلى الله عليه وسلم وهيهات هيهات أن نفسر هذا الحديث بما يروق لنا وبما يبرر المذهبية التي نتعصب لها أو بما يبرر الفرقة التي نتعصب لها والتي نرى أن غيرنا ممن لا يتبناها آيلٌ إلى النار وآيلٌ إلى الدمار، هيهات أن يكون قصد رسول الله ذلك إذاً لناقض نفسه وإذاً لوقعنا أمام مشكلة تجاه هذه الأحاديث الكثيرةِ الكثيرة التي بلغت مبلغ التواتر والتي حدثتكم عن بعضٍ منها. إذا عرفنا هذا الذي نقول أيها الإخوة فالمسلمون اليوم بكل مذاهبهم، بكل فرقهم، ولا أريد أن أذكر الأسماء، كلهم يستظلون بظل الإيمان بالله، كلهم لهم هوياتهم التي يدخلون بها غداً في رحمة الله عز وجل ألا وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إذاً لا يجوز لي وقد اتبعت أنا مذهب أهل السنة والجماعة الكثرةَ الكاثرة التي كانت في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز لي أن أقول أنا وحدي من الفرقة الناجية والآخرون ليسوا ناجين إذا هم كفرة، هل يجوز لي أن أقول هذا؟ هل يجوز لي أن أُكَفِّرَ أخاً بيني وبينه رحم شهادةِ أن لا إله إلا الله؟ هل يجوز لي أن أقطع صلة ما بيني وبينه وقد مدَّ الله عز وجل صلة ما بيني وبينه بصلة الأخوة في الله إذ قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات:10]؟ أرجو وآمل من كل مسلم أن يتشبع بهذا المعنى الذي ذكرته لكم من معنى حديث رسول الله حتى تفوتوا الفرصة على من يريد أن يُحَوِّلَ معنى هذا الحديث وأن يفرغه من مضمونه ثم يجعل منه قنبلة موقوتة تُصَدِّعُ أمتنا هذه وتحيلها إلى مزيد من الشظايا وكأن ما قد منينا به لا يكفي
الاجابة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ؛

فإن البوطي تخبط في فهم هذا الحديث تخبطا عجيبا ، فإنه أوهم القراء أن ظاهر الحديث يدل على أن الفرق الإسلامية المذكورة كافرة ، واعتمد على رواية ضعيفة للحديث وهي رواية عبد الله بن عمرو بلفظ : كلها في النار إلا ملة واحدة . في سندها عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف ، وترك الروايات الصحيحة التي جاءت عن جمع من الصحابة بلفظ : ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة . وما فعل ذلك إلا لأن الروايات الصحيحة لا تخدم مصلحته في حمل الحديث على معنى تكفير هذه الفرق كي يتمكن من رده والطعن فيه ، فإذا علمت أن الحديث لا يدل على أن تلك الفرق كافرة ، بل هي فرق مسلمة ولكنها ابتدعت في دين الله بدعا خالفت بها الشريعة استحقت بذلك دخول النار ثم الخروج منها بما معها من كلمة التوحيد ؛ تبين لك بطلان كل الكلام الذي ذكره البوطي ، ثم إن هذا الحديث يؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتي يأتي أمر الله ، والواقع يدل على الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . ومن أراد المزيد فليطلع على شروح أهل العلم للحديث . ثم إن الرجل معروف بعدائه لمنهج السلف ومحاولة التخلص من كل ما يدل على ضلال من خالفه لأنه واحد منهم . والله أعلم

قائمة الخيارات
0 [0 %]
السبت 19 صفر 1430
عدد المشاهدات 3322
عدد التحميلات 72
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق