الجمعة 20 رمضان 1445 هـ
29 مارس 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-44، كتاب الوضوء، الحديث 155و156   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-43، كتاب الوضوء، الحديث 151و152و153و154   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-42، كتاب الوضوء، الحديث 145و146و147و148و149و150   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-41، كتاب الوضوء، الحديث 142و143و144   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-40، كتاب الوضوء، الحديث 138و139و140و141   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-39، كتاب الوضوء، الحديث 136و137   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-38، أول كتاب الوضوء، الحديث 135      

الآيات 18-22 من سورة آل عمران

تفسير سورة آل عمران 18-22

{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}

{شهد الله} أي: أخبر الله سبحانه وتعالى، وأعلم وبيّن لعباده {أَنَّهُ لَا إِلَهَ} أي: لا معبود بحق في الوجود {إِلَّا هُوَ} أي إلا الله سبحانه وتعالى، قال أهل العلم: هذه أجل الشهادات الصادرة من الملك العظيم، ومن الملائكة، وأهل العلم، على أجل مشهود عليه، وهو توحيد الله، وقيامه بالقسط. انتهى {و} شهدت {الملائكة} كلهم، أي علمت وأقرَّت بتوحيد الله تعالى } شهد {أولو العلم} أي علم وأقر جميع علماء المؤمنين الموحدين {قائما بالقسط} أي: بالعدل، أي: تفرد سبحانه وتعالى حالة كونه قائمًا ومتصفًا بالقسط والعدل في تدبير أمور خلقه من الأرزاق والآجال والإحياء والإماتة والرفع والخفض والثواب والعقاب، وهذا بيان لكماله تعالى في أفعاله بعد بيان كماله في ذاته، وقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}؛ أي: لا معبود بحق في الوجود إلا هو سبحانه وتعالى، كرره للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد.

قال أهل العلم: وهذه الآية تدل على الدرجة العالية، والمرتبة الشريفة لعلماء التوحيد.

وقالوا: في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء، فإنه لو كان أحدٌ أشرف من العلماء لقَرنه الله تعالى باسمه واسم ملائكته، كما قرن اسم العلماء، ويكفي في شرف العلم قوله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أن العلماء ورثة الأنبياء". انتهى {العزيز} القاهر الغالب الذي لا يُقهر ولا يُغلب ولا يعجزه شيء {الحكيم} في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)}

{إن الدين عند الله الإسلام} يعني: الدين المرضي الصحيح، كما قال: {ورضيت لكم الإسلام دينا} وقال: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}، والإسلام: هو الدخول في السلم، وهو الانقياد والطاعة، يقال: أسلم، أي: دخل في السلم، واستسلم، قال قتادة في قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} قال: شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله تعالى، وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه، فلا يقبل غيره، ولا يجزي إلا به.

قال ابن كثير رحمه الله: إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل، كما قال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} ، وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام إن الدين عند الله الإسلام. انتهى

قوله تعالى: {وما اختلف} وتفرق {الَّذِينَ أُوتُوا} وأعطوا {الكتاب} أي: التوراة والإنجيل من اليهود والنصارى في دين الإِسلام، وأنكروا نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: نحن أحق بالنبوة من قريش؛ لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ} وحصل لهم {الْعِلْمُ} والمعرفة بصدق محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بما عرفوه في كتبهم من نعته ووصفه قبل بعثته {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أي: ما خالفوه وأنكروه إلا لأجل الحسد الكائن منهم وطلب الرياسة لا لشُبهةٍ وخفاءٍ في أمره {ومن يكفر بآيات الله} أي من جحد ما أنزل الله في كتابه ولم يؤمن به {فإن الله سريع الحساب} أي فإن الله سيجازيه على ذلك ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه.

{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}

{فإن حاجوك} أي: فإن خاصموك وجادلوك يا محمد في الدين بالباطل {فقل أسلمت وجهي لله} أي: انقدت لله وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي، وأخلصت عبادتي لله وحده لا شريك له ولا ند له، ولا ولد له، ولا صاحبة له.

وخص الوجه بالذكر؛ لأنه أكرم الجوارح للإنسان، وفيه بهاؤه وتعظيمه، فإذا خضع وجهه للشيء فقد خضع له جميع جوارحه {ومن اتبعن} أي: وأخلص وانقاد من اتبعني أيضاً وجهه لله معي{وقل} يا محمد { للذين أوتوا الكتاب} من اليهود والنصارى {والأميين} الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب {أأسلمتم} هل أفردتم التوحيد، وأخلصتم العبادة والألوهية لرب العالمين، وانقدتم له، لفظه استفهام، أي سؤال، ومعناه أمر أي: وأسلموا، كما قال: {فهل أنتم منتهون}أي: انتهوا {فإن أسلموا} فإن انقادوا له وأخلصوا{فقد اهتدوا} أي أصابوا طريق الحق {وإن تولوا} أي أدبروا معرضين عما تدعوهم إليه من الإسلام، وإخلاص التوحيد لله رب العالمين، ولم ينقادوا لأمر الله {فإنما عليك البلاغ} أي: تبليغ الرسالة، وليس عليك الهداية، أي والله عليه حسابهم وإليه مرجعهم ومآبهم، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة {والله بصير بالعباد} قال ابن كثير: أي هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون، وما ذلك إلا لحكمته ورحمته.

وقال: وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق، كما هو معلوم من دينه ضرورة، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث، فمن ذلك قوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] وقال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] وفي الصحيحين وغيرهما مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة أنه صلى الله عليه وسلم بعث كتبه يدعو إلى الله ملوك الآفاق وطوائف بني آدم من عربهم وعجمهم كتابيهم وأميهم؛ امتثالاً لأمر الله له بذلك، وقد روى عبد الرزاق.. عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم «بعثت إلى الأحمر والأسود»، وقال «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».

وقال الإمام أحمد، ... عن أنس رضي الله عنه: أن غلاما يهوديا كان يضع للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه، ويناوله نعليه، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وأبوه قاعد عند رأسه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «يا فلان! قل لا إله إلا الله» فنظر إلى أبيه فسكت أبوه، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول «الحمد لله الذي أخرجه بي من النار» رواه البخاري في الصحيح، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث. انتهى باختصار الأسانيد.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)}

{إن الذين يكفرون بآيات الله} لا يؤمنون بآيات الله، يعني: القرآن، وهم اليهود والنصارى {ويقتلون النبيين بغير حق} كانوا يقتلون رسل الله الذين يرسلهم الله إليهم بغير حق، نحو زكريا وابنه يحيى ومن أشبههما من أنبياء الله {ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} يأمرون بالقسط أي بالعدل، أي يقتلون أتباع الأنبياء الذين يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر {فبشرهم} أي فأخبرهم وأعلمهم يا محمد {بعذاب أليم} مؤلم موجع.

{أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)}

{أولئك} أي الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين، الذين تقدم ذكرهم {الذين حبطت} بطلت {أعمالهم في الدنيا والآخرة} بطلان العمل في الدنيا ألا يقبل، وفي الآخرة ألا يجازى عليه {وما لهم من ناصرين} ينصرونهم ويخلصونهم من عذاب الله.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 20 ذو الحجة 1441
عدد المشاهدات 1049
عدد التحميلات 9
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق