الجمعة 18 شوال 1445 هـ
26 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

الآيات 178 -182 من سورة البقرة

تفسير الآيات 178- 182 من سورة البقرة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)}

{يا أيها الذين آمنوا} الخطاب للمؤمنين {كتب عليكم} أي فُرض {القصاص} المراد بالقصاص: أن يُوقَع على الجاني مثل ما جنى، يعني القاتل يقتل، والجارح يجرح، والقاطع كالذي يقطع يد إنسان مثلاً ظلماً، تقطع يده، هذا هو القصاص شرعاً، ولكنه هنا يريد القصاص في القتل؛ لقوله: {في القتلى} «قتلى» جمع قتيل، أي في شأن القتلى؛ والذي يُقتص منه هو القاتل.

ثم فصل فقال: {الحر بالحر} أي الحر يقتل بالحر؛ والحر هو الذي ليس مملوكاً، ليس عبداً.

{والعبد بالعبد} أي العبد يقتل بالعبد؛ و{العبد} هو المملوك.

{والأنثى بالأنثى} أي الأنثى تقتل بالأنثى.

وتفصيل القصاص في كتب الفقه.

{فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} {فمن عفي له} المعفو عنه القاتل؛ و{من أخيه} المراد به المقتول، أي من دم أخيه فأيّ قاتل عفي له من دم أخيه شيء بأن قبل أولياء المقتول الدية، سقط القصاص؛ وحينئذ على العافي اتباع بالمعروف عند قبض الدية، بحيث لا يتبع عفوه منًّا، ولا أذًى؛ و{شيء} قال أهل العلم: شيء: دليل على أن بعض الأولياء إذا عفا يسقط القود؛ لأن شيئاً من الدم قد بطل، أي في حال عفا واحد من أصحاب الدم، فيكون قد سقط جزء من الدم، فيبطل القصاص وتبقى الدية

{فاتباع} أي فالواجب اتباع بالمعروف؛ والاتباع بالمعروف يكون على ورثة المقتول؛ أي: على الطالب للدية أن يتبع بالمعروف فلا يطالب بأكثر من حقه.

{وأداء إليه بإحسان} أي: على القاتل أداء الدية بالإحسان من غير مماطلة، أمر كل واحد منهما بالإحسان في ما له وعليه.

{ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} قال أهل العلم: أي: ذلك الذي ذكرت من العفو عن القصاص وأخذ الدية؛ تخفيف من ربكم ورحمة، وذلك أن القصاص في النفس والجراح كان حتما في التوراة على اليهود، ولم يكن لهم أخذ الدية، وكان في شرع النصارى الدية ولم يكن لهم القصاص، فخير الله هذه الأمة بين القصاص وبين العفو عن الدية تخفيفا منه ورحمة {من ربكم} «الرب» معناه الخالق المالك المدبر لخلقه كما يشاء على ما تقتضيه حكمته {ورحمة} أي بالجميع: بالقاتل؛ حيث سقط عنه القتل، وبأولياء المقتول؛ حيث أبيح لهم أن يأخذوا العوض.

{فمن اعتدى} فقتل القاتل {بعد ذلك} بعد العفو وقبول الدية {فله عذاب أليم} أي مؤلم موجع.

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}

{ولكم في القصاص حياة} أي بقاء، وذلك بأن الذي يريد أن يقتل إذا علم أنه سيُقتل بالقصاص سيمتنع عن القتل، فيكون في ذلك بقاء له ولمن أراد قتله، فتحفظ الأنفس بالقصاص.

{يا أولي الألباب} أي يا أصحاب العقول، هذا يدل على أن الذين يطالبون بإلغاء القصاص لا يعقلون، بل هم يتبعون أهواءهم، وقد ترتب على فعلهم فساد عريض.

{لعلكم تتقون} أي لعلكم تنتهون عن القتل، يعني: أوجبنا القصاص، وكتبناه عليكم من أجل أن تَتَّقُوا العدوان بالقتل.

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)}

{كتب} أي فُرض {إذا حضر أحدكم الموت} أي إذا أوشك أحدكم على الموت أي: جاءته أسباب الموت وآثاره من العلل والأمراض {إن ترك خيراً} أي مالاً {الوصية} قال العلماء في تعريف الوصية: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، كأن تقول بيتي بعد موتي لفلان، هذه وصية {للوالدين} يعني بذلك الأم، والأب؛ و {الأقربين} مِن سواهما من القرابة؛ والمراد بهم الأدنون، كالإخوة، والأعمام، ونحوهم؛ كانت الوصية فريضة في ابتداء الإسلام للوالدين والأقربين على من مات وله مال، ثم نسخت بآية الميراث {بالمعروف} أي بما عرفه الشرع، وأقره؛ وهو الثلث فأقل {حقاً} أي مؤكداً، أي: جعل الوصية حقاً {على المتقين} أي المتصفين بالتقوى، أي على المؤمنين، و «التقوى» هي اتخاذ ما يقي من عذاب الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.

{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)}

{فمن بدله} أي غير الموصى به، أي غيّره بنقص، أو زيادة، أو منع {بعد ما سمعه} قال أهل العلم: عبر بالسمع عن العلم؛ أي فمن بدله بعد أن يعلمه علم اليقين، كما لو سمعه بنفسه؛ ومعلوم أن العلم بالوصية لا يتوقف على السماع؛ قد يكون بالكتابة؛ وقد يكون بالمشافهة، والسماع؛ وقد يكون بشهادة الشهود؛ وما إلى ذلك.

{فإنما إثمه} أي إثم التبديل {على الذين يبدلونه} أي يغيرونه؛ يعني: فهذا الإثم يعود على الذي غير الوصية؛ لا على الميت؛ ولا على الورثة { إن الله سميع} لما أوصى به الموصي{عليم} بتبديل المبدل، وهذا تحذير من المخالفة.

{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)}

{فمن خاف من موصٍ} أي فمن علم من الموصي {جنفاً أو إثماً} «الجنف» أصله الميل، والمراد هنا: أن يوصي بوصية فيها ميل عن الحق بغير قصد، أي خطأ؛ أو إثم، وهو الظلم {فأصلح بينهم} اختلفوا في معنى الآية قال بعض أهل العلم بالتفسير: معناها أن الرجل إذا حضر مريضاً وهو يوصي فرآه يميل إما بتقصير أو إسراف أو وضع الوصية في غير موضعها، فلا حرج على من حضره أن يأمره بالعدل وينهاه عن الجنف، فينظر للموصى له والورثة، وقال الآخرون: إنه أراد به أنه إذا أخطأ الميت في وصيته أو جار متعمداً؛ فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين ورثته وبين الموصى لهم، ويرد الوصية إلى العدل والحق {فلا إثم عليه} أي: لا حرج عليه {إن الله غفور رحيم} فإن أصلح في مثل هذا؛ لا يكون قد بدل الوصية التبديل المحرم الذي تقدم تحريمه في الآية السابقة.

قال ابن كثير رحمه الله : قال ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس والسدي: الجنف الخطأ، وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها بأن زادوا وارثاً بواسطة أو وسيلة، كما إذا أوصى ببيعه الشيء الفلاني محاباة، أو أوصى لابن ابنته ليزيدها، أو نحو ذلك من الوسائل، إما مخطئاً غير عامد بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر، أو متعمدا آثما في ذلك، فللوصي والحالة هذه، أن يصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي، ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به؛ جمعا بين مقصود الموصي والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق، ليس من التبديل في شيء، ولهذا عطف هذا فبينه على النهي عن ذلك، ليعلم أن هذا ليس من ذلك بسبيل، والله أعلم.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الخميس 23 شعبان 1441
عدد المشاهدات 941
عدد التحميلات 19
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق