الجمعة 20 رمضان 1445 هـ
29 مارس 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-44، كتاب الوضوء، الحديث 155و156   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-43، كتاب الوضوء، الحديث 151و152و153و154   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-42، كتاب الوضوء، الحديث 145و146و147و148و149و150   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-41، كتاب الوضوء، الحديث 142و143و144   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-40، كتاب الوضوء، الحديث 138و139و140و141   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-39، كتاب الوضوء، الحديث 136و137   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-38، أول كتاب الوضوء، الحديث 135      

الرشوة

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته فضيلة الشيخ حفظكم الله : يقول شيخنا " العلامة زيد المدخلي "- أطال الله في عمره على طاعته -في أحد أشرطة بلوغ المرام الكلام التالي :( ( والذي يترجح ويظهر رجحانه أن الرشوة لا يجوز أن يتقدم بها أحد للحاكم ولو كان مظلوماً وعليه أن يبذل الجهد لاستيفاء حقه فإن لم يستوفي حقه في الدنيا فإن الله سيقتص له ممن ظلمه في الأخرة ويجتنب موضوع الرشوة اجتنابا كليا)) . نريد من فضيلتكم بارك الله فيكم توضيح من هو الحاكم هنا في كلام الشيخ وهل يدخل تحت هذا المسمى كل من يأخذ الرشوة ؟؟ والسؤال الآخر : ماذا نفعل مع من يطلب هو الرشوة؟؟ أي أنه يخيرنا بين أن يفعل كذا أو نعطيه مبلغاً من المال مقابل عمله هذا ؟ مثال على ذلك : في المطارات يجبرون المرأة على كشف وجهها أو أن ترشيه فماذا تفعل في هذه الحالة ؟؟ وكذلك الحال فيمن يمد يده ويقول أعطني مقابل مرورك بدون تفتيش وهكذا ، يعني يجبرك وربما يضرّك لو عاندته .
الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد ؛

فالمقصود بالحاكم كل من حكم بين الناس سواء كان أميرا أو قاضيا أو غير ذلك .

وليست الرشوة خاصة به ، ولكنه خص بالذكر لعظمها وشدتها منه .

قال ابن عثيمين رحمه الله :إن الرشوة تكون في الحكم فيقضى من أجلها لمن لا يستحق ، أو يمنع من يستحق أو يقدم من غيره أحق بالتقديم ، وتكون الرشوة في تنفيذ الحكم فيتهاون من عليه تنفيذه بتنفيذه من أجل الرشوة ، سواء كان ذلك بالتراخي في التنفيذ ، أو بعمل ما يحول بين المحكوم عليه وألم العقوبة إن كان الحكم عقوبة .

إن الرشوة تكون في الوظائف والمسابقة فيها ، فيقدم من أجلها من لا ينجح أو تعطى له أسئلة المسابقة قبل الامتحان فيولى الوظيفة من غيره أحق منه ، وفي الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : « من استعمل رجلا من عصابة - أي من طائفة - وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين » ( رواه الحاكم وصحح إسناده) .

وإن الرشوة تكون في تنفيذ المشاريع ينزل مشروع عمل في المناقصة فيبذل أحد المتقدمين رشوة ، فيرسو المشروع عليه مع أن غيره أنصح قصدا وأتقن عملا ولكن الرشوة عملت عملها .

وإن الرشوة تكون في التحقيقات الجنائية أو الحوادث أو غيرها ، فيتساهل المحققون في التحقيق من أجل الرشوة ، وفي الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ( رواه أبو داود ومن حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه) والغلول إثمه عظيم ، فقد « جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : استشهد مولاك أو قال : غلامك فلان ، قال : بل يجر إلى النار في عباءة غلها » ( رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح).

وأغرب من ذلك أن تدخل الرشوة في التعليم والثقافة ، فينجح من أجلها من لا يستحق النجاح ، أو تقدم له أسئلة الامتحان أو يشار إلى أماكنها من المقررات ، أو يتساهل المراقب في مراقبة الطالب من أجلها فيتقدم هذا الطالب مع ضعف مستواه العلمي ويتأخر من هو أحق منه لقوة مستواه العلمي .انتهى كلامه رحمه الله .

وأما إعطاء المال لدفع الظلم عن النفس فجائز للمعطي محرم على الآخذ على الصحيح من أقوال أهل العلم .

قال الإمام البغوي رحمه الله : عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعنة الله على الراشي والمرتشي " .

هذا حديث حسن مراجعة سنن الترمذي وابن أبي ذئب : هو محمد بن عبد

الرحمن بن المغيرة بن الحارث والحارث بن عبد الرحمن خاله.

قال الإمام : الرشوة : ما يعطى لإبطال حق ، أو لإحقاق باطل ، فيعطي الراشي لينال باطلاً ، أو ليمنع حقاً يلزمه ، ويأخذ الآخذ على أداء حق يلزمه ، فلا يؤديه إلا برشوة يأخذ ، أو على باطل يجب عليه تركه ، ولا يتركه إلا بها ، فأما إذا أعطى المعطي ليتوصل به إلى حق ، أو يدفع عن نفسه ظلماً ، فلا بأس.

يروى عن ابن مسعود : أنه أخذ ، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله.

وروي عن الحسن ، والشعبي ، وجابر بن زيد ، وعطاء ، أنهم قالوا : لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه ، وماله ، إذا خاف الظلم.

قال الإمام : وكذلك الآخذ إذا أخذ ليسعى في إعانة صاحب الحق ، فلا بأس ، وقال ابن سيرين : كان يقال : السحت : الرشوة في الحكم ،وكانوا يعطون على الخرص.

وقال المناوي في فيض القدير : ( الراشي والمرتشي ) أي آخذ الرشوة ومعطيها ( في النار ) قال الخطابي : إنما تلحقهم العقوبة إذا استويا في القصد فرشى المعطي لينال باطلا فلو أعطى ليتوصل به لحق أو دفع باطل فلا حرج .

وقال ابن القيم : الفرق بين الرشوة والهدية أن الراشي يقصد بها التوصل إلى إبطال حق أو تحقيق باطل وهو الملعون في الخبر ؛ فإن رشى لدفع ظلم اختص المرتشي وحده باللعنة والمهدي يقصد استجلاب المودة ومن كلامهم البراطيل تنصر الأباطيل .

وقال ابن حزم في المحلى : مسألة ولا تحل الرشوة وهي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل أو ليولي ولاية أو ليظلم له إنسان فهذا يأثم المعطي والآخذ ، فأما من مُنع من حقه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم فذلك مباح للمعطي ، وأما الآخذ فآثم .

وقال ابن تيمية رحمه الله : العقود التي فيها نوع معاوضة - وهي غالب معاملات بني آدم التي لا يقومون إلا بها - سواء كانت مالا بمال ؛ كالبيع أو كانت منفعة بمال كالإجارة والجعالة وقد يدخل في المسألة : الإمارة والتجنيد ونحو ذلك من الولايات . أو كانت منفعة بمنفعة كالتعاون والتناصر ونحو ذلك . تنقسم أربعة أقسام : فإنها إما أن تكون مباحة من الجانبين . كالبيع والإجارة والتعاون على البر والتقوى . وإما أن تكون حراما من الجهتين كبيع الخمر بالخنزير والاستئجار على الزنا بالخمر وعلى شهادة الزور بشهادة الزور كما كان بعض الحكام يقول عن طائفة من الرؤساء : يتقارضون شهادة الزور وشبهه بمبادلة القروض . وإما أن يكون مباحا من إحدى الجهتين حراما من الأخرى . وهذا القسم ينبغي لأهل الإسلام أن يعلموه ؛ فإن الدين والدنيا لا تقوم إلا به .

وأما القسم الأول وحده فلا يقوم به إلا دين ضعيف . وأما الثالث فتقوم به الدنيا الفاجرة والدين المبتدع . وأما الدين المشروع والدنيا السالمة فلا تقوم إلا بالثالث : مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم لجلب منفعتهم أو دفع مضرتهم ورشوة الولاة لدفع الظلم أو تخليص الحق ؛ لا لمنع الحق وإعطاء من يتقى شر لسانه أو يده من شاعر أو ظالم أو قاطع طريق أو غير ذلك . وإعطاء من يستعان به على البر والتقوى من أعوان وأنصار وولاة وغير ذلك . وأصله في الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين : أن الله جعل للمؤلفة قلوبهم حقا في الصدقات التي حصر مصارفها في كتابه وتولى قسمها بنفسه وكان هذا تنبيها على أنهم يعطون من المصالح - ومن الفيء على القول الصحيح - التي هي أوسع مصرفا من الزكاة ؛ فإن كل من جاز أن يعطى من الصدقة أعطي من المصالح ولا ينعكس ؛ لأن آخذ الصدقة إما أن يأخذ لحاجته أو لمنفعته وكلا الأمرين يؤخذ منهما للمصالح ؛ بل ليست المصالح إلا ذلك ، والمؤلفة قلوبهم هم من أهل المنفعة الذين هم أحق بمال المصالح والفيء . ولهذا أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم من الفيء والمغانم كمافعله بالذهيبة التي بعث بها علي من اليمن . وكما فعل في مغانم حنين حيث قسمها بين رؤساء قريش وأهل نجد وقال : { إني لأعطي رجالا وأدع من هو أحب إلي منهم . أعطي رجالا لما في قلوبهم من الهلع والجزع وأكل رجالا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير } وقال : { إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا . قالوا : يا رسول الله فلم تعطيهم قال : يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل } . وقال : { والذي نفسي بيده ما من رجل يسألني المسألة فتخرج له المسألة ما لم نكن نريد أن نعطيه إياه فيبارك له فيه } " أو كلاما هذا معناه . وهذا القسم يشتمل على الأقسام الثلاثة : أما المال بالأعيان فمنه افتكاك الأسرى والأحرار من أيدي الكفار والغاصبين ؛ فإن المسلم الحر قد يستولي عليه الكفار وقد يستولي عليه الفجار ؛ إما باستعباده ظلما أو بعتقه وجحود عتقه . وإما باستعماله بغير اختياره ولا إذن الشارع : مثل من يسخر الصناع كالخياطين والفلاحين بغير حق . وإما بحبسه ظلما وعدوانا فكل آدمي قهر آدميا بغير حق ومنعه عن التصرف . فالقاهر يشبه الآسر والمقهور يشبه الأسير وكذلك القهر بحق أسير . قال { النبي صلى الله عليه وسلم للغريم الذي لزم غريمه : ما فعل أسيرك ؟ } .

وإذا كان الاستيلاء على الأموال إذا لم يكن بحق فهو غصب وإن دخل في ذلك الخيانة والسرقة فكذلك الاستيلاء على النفوس بغير حق أسر . وإن دخل فيه استيلاء الظلمة من أهل القبلة . وكذلك افتكاك الأنفس الرقيقة من يد من يتعدى عليها ويظلمها فإن الرق المشروع له حد فالزيادة عليه عدوان . ويدخل في ذلك افتكاك الزوجة من يد الزوج الظالم ؛ فإن النكاح رق كما دل عليه الكتاب والسنة قال الله تعالى : { وألفيا سيدها لدى الباب } وقال النبي صلى الله عليه وسلم في النساء : { إنهن عندكم عوان } . وقال عمر : النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته . وكذلك افتكاك الغلام والجارية من يد الظالم كالذي يمنعه الواجب ويفعل معه المحرم . ومنه افتكاك الأموال من أيدي الغاصبين لها ظلما أو تأويلا كالمال المغصوب والمسروق وغيرهما إذا دفع للظالم شيء حتى يرده على صاحبه . وسواء كان الدفع في كلا القسمين دفعا للقاهر حتى لا يقهر ولا يستولي كما يهادن أهل الحرب عند الضرورة بمال يدفع إليهم أو استنقاذا من القاهر بعد القهر والاستيلاء . مجموع الفتاوى ( 29 / 181 ) . والله أعلم

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الجمعة 3 محرم 1431
عدد المشاهدات 2262
عدد التحميلات 64
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق