الخميس 19 رمضان 1445 هـ
28 مارس 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-44، كتاب الوضوء، الحديث 155و156   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-43، كتاب الوضوء، الحديث 151و152و153و154   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-42، كتاب الوضوء، الحديث 145و146و147و148و149و150   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-41، كتاب الوضوء، الحديث 142و143و144   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-40، كتاب الوضوء، الحديث 138و139و140و141   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-39، كتاب الوضوء، الحديث 136و137   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-38، أول كتاب الوضوء، الحديث 135      

شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحِكَمه

شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وحِكَمه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛

فقال العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان : ......يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون له علم يعلم به أن ما يأمر به معروف، وأن ما ينهى عنه منكر ؛ لأنه إن كان جاهلا بذلك فقد يأمر بما ليس بمعروف، وينهى عما ليس بمنكر، ولا سيما في هذا الزمن الذي عم فيه الجهل وصار فيه الحق منكرا، والمنكر معروفا .

والله تعالى يقول: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} الآية ، فدل على أن الداعي إلى الله لا بد أن يكون على بصيرة، وهي الدليل الواضح الذي لا لبس في الحق معه، وينبغي أن تكون دعوته إلى الله بالحكمة، وحسن الأسلوب، واللطافة مع إيضاح الحق. لقوله تعالى: {ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} الآية ، فإن كانت دعوته إلى الله بقسوة وعنف وخرق، فإنها تضر أكثر مما تنفع، فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسنادا مطلقا، إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس، لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل، وأتباعهم وهو مستلزم للأذى من الناس، لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة، ولذا قال العبد الصالح لقمان الحكيم لولده، فيما قص الله عنه: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك} الآية ، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لورقة بن نوفل "أو مخرجي هم؟" يعني قريشا أخبره ورقة أن هذا الدين الذي جاء به لم يأت به أحد إلا عودي، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما ترك الحق لعمر صديقا، واعلم أنه لا يحكم على الأمر بأنه منكر، إلا إذا قام على ذلك دليل من كتاب الله تعالى، أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين.

وأما إن كان من مسائل الاجتهاد، فيما لا نص فيه فلا يحكم على أحد المجتهدين المختلفين بأنه مرتكب منكرا، فالمصيب منهم مأجور بإصابته، والمخطىء منهم معذور كما هو معروف في محله.

واعلم أن الدعوة إلى الله بطريقين: طريق لين، وطريق قسوة. أما طريق اللين فهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة في أحسن أسلوب وألطفه. فإن نجحت هذه الطريق فبها ونعمت، وهو المطلوب وإن لم تنجح تعينت طريق القسوة بالسيف حتى يعبد الله وحده وتقام حدوده، وتمتثل أوامره، وتجتنب نواهيه، وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} الآية .

ففيه الإشارة إلى أعمال السيف بعد إقامة الحجة، فإن لم تنفع الكتب تعينت الكتائب، والله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

المسألة الثالثة: يشترط في جواز الأمر بالمعروف، ألا يؤدي إلى مفسدة أعظم من ذلك المنكر، لإجماع المسلمين على ارتكاب أخف الضررين. قال في مراقي السعود:

وارتكب لأخف من ضرين ... وخيرن لدى استوا هذين

ويشترط في وجوبه مظنة النفع به، فإن جزم بعدم الفائدة فيه لم يجب عليه، كما يدل له ظاهر قوله تعالى: {فذكر إن نفعت الذكرى} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أياما، الصابر فيهن كالقابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم" ، وفي لفظ قيل: يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا، أو منهم قال: "بل أجر خمسين منكم" ، أخرجه الترمذي، والحاكم وصححاه، وأبو داود وابن ماجه وابن جرير، والبغوي في معجمه، وابن أبي حاتم، والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردوديه، والبيهقي في الشعب من حديث ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وقال الراوي هذا الحديث عنه أبو أمية الشعباني، وقد سأله عن قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} ، والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "بل ائتمر" إلى آخر الحديث.

وهذه الصفات المذكورة في الحديث من الشح المطاع والهوى المتبع إلخ مظنة لعدم نفع الأمر بالمعروف. فدل الحديث على أنه إن عدمت فائدته سقط وجوبه.

تنبيه:

الأمر بالمعروف له ثلاث حكم:

الأولى: إقامة حجة الله على خلقه، كما قال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} .

الثانية: خروج الآمر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف، كما قال تعالى في صالحي القوم الذين اعتدى بعضهم في السبت، {قالوا معذرة إلى ربكم} الآية ، وقال تعالى: {فتول عنهم فما أنت بملوم}، فدل على أنه لو لم يخرج من العهدة، لكان ملوما.

الثالثة: رجاء النفع للمأمور، كما قال تعالى: {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} ، وقال تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وقد أوضحنا هذا البحث في كتابنا "دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب" في سورة الأعلى في الكلام على قوله تعالى: {فذكر إن نفعت الذكرى} ، ويجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف كزوجته وأولاده ونحوهم، وينهاهم عن المنكر؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ، الحديث.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الاحد 26 شعبان 1430
عدد المشاهدات 4088
عدد التحميلات 111
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق