الاثنين 13 ذو القعدة 1445 هـ
20 مايو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-53، كتاب الوضوء، الحديث 192و193و194و195و196و197و198و199و200   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-52، كتاب الوضوء، الحديث 187و188و189و190و191   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-51، كتاب الوضوء، الحديث 183و184و185و186   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)      

تفسير سورة التوبة (25-28)

تفسير سورة التوبة 25-28

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)}

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ} أيها المؤمنون {فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} أي: في معارك وأماكنِ حرب كثيرة، وكان عددكم فيها قليل {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} أي وفي يومِ حنين أيضاً نصركم، و(حنين) وادٍ بين مكة والطائف، وقعت فيه معركة بين المسلمين ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقبيلتي هوازن وثقيف وبعض القبائل الأخرى، وقعت في السنة الثامنة من الهجرة، بعد فتح مكة {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} حتى قلتم: لن نغلب اليوم من قلة، وكانوا اثني عشر ألفاً، والكفار أربعة آلاف، على ما قال بعض أهل العلم {فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ} كثرتكم {شَيْئًا} يعني أن النصر لا يكون بالكثرة {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ} بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم {بِمَا رَحُبَتْ} أي: على رحبها وسعتها {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} منهزمين.

هذا في بداية المعركة.

{ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)}

{ثُمَّ} بعد فراركم من عدوكم مع كثرتكم {أَنْزَلَ اللَّهُ} بعد الهزيمة {سَكِينَتَهُ} يعني: الأمنة والطمأنينة، قال السعدي: والسكينة: ما يجعله الله في القلوب وقتَ القلاقل والزلازل والمُفظِعات، مما يثبتها، ويسكنها ويجعلها مطمئنة، وهي من نعم الله العظيمة على العباد" {عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فثبتوا للقتال {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} يعني: الملائكة {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالقتل والأسر وسبي العيال وسلب الأموال {وَذَلِكَ} الذي حصل للذين كفروا {جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} يعذبهم الله في الدنيا، ثم يردهم في الآخرة إلى عذاب غليظ.

{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)}

{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} من بعد أن عذب الكفار {عَلَى مَنْ يَشَاءُ} فيهديه إلى الإسلام، قال السعدي: فتاب الله على كثير ممن كانت الوقعة عليهم، وأتَوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين تائبين، فرد عليهم نساءهم، وأولادهم {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: ذو مغفرة واسعة، ورحمة عامة، يعفو عن الذنوب العظيمة للتائبين، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة والطاعة، والصفح عن جرائمهم، وقبول توباتهم، فلا ييأسنَّ أحد من مغفرته ورحمته، ولو فعل من الذنوب والإجرام ما فعل.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} قذر، خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، سموا نجسا على الذم.

قال السعدي: "وليس المراد هنا، نجاسة البدن، فإن الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن الله تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتَها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها.

والمسلمون ما زالوا يباشرون أبدان الكفار، ولم ينقل عنهم أنهم تقذروا منها، تَقَذُّرَهْم من النجاسات، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية، بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة". انتهى

قال تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} أراد منعهم من دخول الحرم؛ لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا من المسجد الحرام، وأراد به الحرم، وهذا كما قال الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام} [الإسراء: 1] وأراد به الحرم لأنه أسري به من بيت أم هانئ. قاله البغوي. قوله: {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} يعني العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه بالناس، ونادى علي رضي الله عنه ببراءة، فنادى ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوفَ بالبيت عريان. وهو سنة تسع من الهجرة {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أي: فقرا وحاجة، مِن مَنع المشركين من قربان المسجد الحرام، وذلك أن أهل مكة كانت معايشهم من التجارات، وكان المشركون يأتون مكة بالطعام، ويتجرون، فلما منعوا من دخول الحرم، خافوا الفقر، وضيق العيش، فقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}

قال ابن عباس: لما نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، ألقى الشيطانُ في قلوب المؤمنين الحزن، قال: "مِن أين تأكلون، وقد نفي المشركون وانقطعت عنهم العير". فقال الله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} فأمرهم بقتال أهل الكتاب، وأغناهم من فضله. وقوله: {إِنْ شَاءَ} قال السعدي: تعليق للإغناء بالمشيئة؛ لأن الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة الله، فلهذا علقه الله بالمشيئة.

فإن الله يعطي الدنيا، من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين، إلا من يحب.

{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي: علمه واسع، يعلم من يليق به الغنى، ومن لا يليق، ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.

قال السعدي: وتدل الآية الكريمة، وهي قوله {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} أن المشركين بعد ما كانوا، هم الملوك والرؤساء بالبيت، ثم صار بعد الفتح الحكم لرسول الله والمؤمنين، مع إقامتهم في البيت، ومكة المكرمة، ثم نزلت هذه الآية.

ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يُجلوَا من الحجاز، فلا يبقى فيها دينان، وكل هذا لأجل بُعْدِ كل كافر عن المسجد الحرام، فيدخل في قوله {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}. انتهى

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 22 محرم 1445
عدد المشاهدات 179
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق