الاثنين 13 ذو القعدة 1445 هـ
20 مايو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-53، كتاب الوضوء، الحديث 192و193و194و195و196و197و198و199و200   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-52، كتاب الوضوء، الحديث 187و188و189و190و191   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-51، كتاب الوضوء، الحديث 183و184و185و186   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)      

تفسير سورة التوبة (13-16)

تفسير سورة التوبة (13-16)

{أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13)}

قال الشنقيطي رحمه الله: "(ألا) هنا حرف تَحْضِيض، والتَّحْضِيض معناه: الطلب بِحَثٍّ وشِدَّة. والمعنى: إن الله هنا طلب منهم بِحَثّ وشدة أن يقاتلوا هؤلاء الكفَرَة أئمة الكفر". انتهى المراد

يقول الله تبارك وتعالى للمؤمنين بالله ورسوله حاضاً لهم على جهاد أعدائهم من المشركين {أَلَا تُقَاتِلُونَ} أيها المؤمنون {قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} أي قاتلوا المشركين الذين نقضوا عهدهم {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} من مكة {وَهُمْ بَدَءُوكُمْ} بالقتال {أَوَّلَ مَرَّةٍ} قال بعض أهل التفسير: يعني: يوم بدر، حين خرجوا لنصر عِيرهم، فلما نجت وعلموا بذلك، لم يرجعوا بل استمروا طلباً لقتال المسلمين والقضاء عليهم؛ بغياً وتكبراً، وقال جماعة من المفسرين: أراد أنهم بدأوا بقتال خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية {أَتَخْشَوْنَهُمْ} أتخافونهم فتتركون قتالهم خوفاً منهم؟! {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ} فالله أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادَهم، من هؤلاء المشركين، وتحذروا سخطه عليكم من هؤلاء المشركين الذين لا يملكون لكم ضراً ولا نفعاً إلا بإذن الله {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} حقاً فامتثلوا لأمر الله، ولا تخشوهم فتتركوا أمر الله.

{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)}

ثم أمر بقتالهم وذكر ما يترتب على قتالهم من الفوائد، وكل هذا حث وإنهاض للمؤمنين على قتالهم {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} يقتلهم الله بأيديكم {وَيُخْزِهِمْ} ويذلهم بالأسر والقهر {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} هذا وعد من الله، ووعد الله حق، وبشارة قد أنجزها {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} ويبرئ داء صدور قوم مؤمنين؛ فإن في قلوب المؤمنين من الحِنق والغيظ علي المشركين ما يكون قتالهم وقتلهم شفاءً لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم؛ إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين لله ولرسوله، ساعين في إطفاء نور الله، يقتلون ويعذبون المسلمين لدينهم.

قال الطبري: "ويبرئ داء صدور قوم مؤمنين بالله ورسوله بقتل هؤلاء المشركين بأيديكم وإذلالكم وقهركم إياهم، وذلك الداء هو ما كان في قلوبهم عليهم من المَوجِدة بما كانوا ينالونهم به من الأذى والمكروه". انتهى

{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)}

{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} غمَّها وكربَها ووجدَها، قال السعدي: وهذا يدل على محبة الله لعباده المؤمنين واعتنائه بأحوالهم حتى إنه جعل -من جملة المقاصد الشرعية- شفاء ما في صدورهم وذهابَ غيظهم {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} فيهديه إلى الإسلام كما فعل بأبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بمن يستحق التوبةَ والتوفيقَ للإسلام، ومَن لا يستحق ذلك {حَكِيمٌ} في تدبير خلقه.

قال الطبري: "ومعنى الكلام: ويَمُنُّ اللهُ على من يشاء مِن عباده الكافرين، فيُقبِلُ به إلى التوبةِ بتوفيقه إياه {والله عليم} بِسرائرِ عباده، ومَن هو للتوبةِ أهلٌ فيتوبُ عليه، ومَن منهم غيرُ أهلٍ لها فيَخذُلُه {حكيم} في تصريف عباده من حال كفر إلى حال إيمان بتوفيق من وفَّقه لذلك، ومِن حال إيمان إلى كُفر بخِذلانِه من خَذَل منهم عن طاعته وتوحيده، وغيرِ ذلك من أمرِهم". انتهى

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}

{أَمْ حَسِبْتُمْ} أظننتم أيها المؤمنون {أَنْ تُتْرَكُوا} من غير أن يمتحنكم الله ويختبركم ليظهر الصادق من الكاذب منكم {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} ولمّا يظهر علمه ليترتب عليه الثواب والعقاب، فالله تبارك وتعالى عالم بكل شيء لا يخفى عليه شيء، ولكن المقصود هنا ظهور علمه للخارج {الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} في سبيله بإخلاص لإعلاء كلمةِ الله {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} بطانة وأولياء يوالونهم، ويفشون إليهم أسرارهم.

قال الطبري: هو الشيء يُدخَلُ في آخرَ غيرِه، يقال منه: وَلَجَ فُلَانٌ فِي كَذَا يَلِجُهُ فَهُوَ وَلِيجَةٌ.

وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين، نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء يفشون إليهم أسرارهم. انتهى

والحاصل أنه تعالى لما شرع لعباده الجهاد بين أن له فيه حكمةً، وهو اختبار عباده مَن يُطيعه مِمّن يعصيه؛ مع علمه بهم، ولكن ليثيب ويعاقب بناء على ما يقع من أعمالهم {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} والله ذو خبرة بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، والله مجازيكم عليها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 22 محرم 1445
عدد المشاهدات 102
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق