الاثنين 28 شوال 1445 هـ
06 مايو 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-51، كتاب الوضوء، الحديث 183و184و185و186   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-50، كتاب الوضوء، الحديث 176و177و178و179و180و181و182   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175      

تفسير سورة النساء 95-99

تفسير سورة النساء 95-99

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)}

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} عن الجهاد {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي الذين لا يجاهدون {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} أي: الذين لا ضرر بهم يمنعهم من الخروج للجهاد، فلا هم مرضى ولا عميان ولا بهم شيء من هذا {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} أي: ليس المؤمنون القاعدون عن الجهاد من غير عذر والمؤمنون المجاهدون سواء في الفضل والأجر، أما أولوا الضرر كالعميان والمرضى فإنهم يساوون المجاهدين بالنية؛ لأن العذر أقعدهم {فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} أي: فضيلة واحدة {وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى} المجاهدون والقاعدون من المؤمنين كلهم لهم الجنة بإيمانهم {وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ} في سبيله {عَلَى الْقَاعِدِينَ} عن الجهاد التاركين له من غير عذر {أَجْرًا عَظِيمًا}

{دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}

{دَرَجَاتٍ مِنْهُ} فضائل منه ومنازل من منازل الكرامة {وَمَغْفِرَةً} لذنوبهم {وَرَحْمَةً} بهم {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا} ولم يزل الله غفورا لذنوب عباده المؤمنين، فيصفح لهم عن العقوبة عليها {رَحِيمًا} بهم، يتفضل عليهم بنعمه.

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)}

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال:" إنَّ أُنَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ، يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ". انتهى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} أي إن الذين تقبض أرواحهم الملائكة {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الذين ظلموا أنفسهم بالبقاء في دار الشرك وعدم الهجرة مع قدرتهم عليها، وبخروجهم لقتال المسلمين مع المشركين {قَالُوا} أي قالت لهم الملائكة {فِيمَ كُنْتُمْ} أي في أي شيء كنتم في أمر دينكم {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ} عاجزين {فِي الْأَرْضِ} يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا وبلادنا بكثرة عددهم وقوتهم، فيمنعونا من الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، هذه معذرة ضعيفة وحجة واهية {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}؟ سؤال إنكار من الملائكة لهم، يعني كان بإمكانكم أن تخرج من بين المشركين وتفروا بدينكم إلى مكان تأمنون فيه، ولكنكم لم تفعلوا، فقال تعالى: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} أي: مصيرهم في الآخرة جهنم، وهي مسكنهم {وَسَاءَتْ} جهنم {مَصِيرًا} وساءت جهنم لأهلها الذين صاروا إليها مصيرا ومسكنا ومأوى، ثم استثنى أهل العذر منهم، فقال:

{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)}

{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} لا يقدرون على حيلة ولا على نفقة ولا على قوة الخروج منها، فما كانوا قادرين على الهجرة {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} أي: لا يعرفون طريقاً إلى الخروج. وقال مجاهد: لا يعرفون طريق المدينة.

{فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}

{فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} يتجاوز عنهم، وعسى من الله واجب وقوعها بمقتضى كرمه وإحسانه {وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا} يتجاوز عن عباده {غَفُورًا} ويغفر لهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كنت أنا وأمي ممن عذر الله، يعني المستضعفين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهؤلاء المستضعفين في الصلاة. انتهى

قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنا من إقامة الدين؛ فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع، وبنص هذه الآية. انتهى

والتفصيل الذي ذكره ابن قدامة في المغني في حكم الهجرة من بلاد الكفر، هو الصحيح المعتمد، والأدلة تدل عليه، سأذكره باختصار، قال: فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:

أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة.

الثاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف؛ من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه.

والثالث: من تستحب له، ولا تجب عليه. وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم، ورؤية المنكر بينهم. ولا تجب عليه؛ لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة. انتهى

القسم الأول والثاني دلالة الآية التي معنا واضحة عليها.

أما القسم الثالث فقال الإمام الشافعي في الأم: ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن فرض الهجرة على من أطاقها إنما هو على من فتن عن دينه بالبلد الذي يُسلم بها؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم أذن لقوم بمكة أن يقيموا بها بعد إسلامهم منهم العباس بن عبد المطلب وغيره، إذ لم يخافوا الفتنة.

وكان يأمر جيوشه أن يقولوا لمن أسلم: "إن هاجرتم فلكم ما للمهاجرين، وإن أقمتم فأنتم كأعراب المسلمين". وليس يخيرهم إلا فيما يحل لهم. انتهى

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاثنين 12 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 151
عدد التحميلات 6
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق