الخميس 5 ربيع الاول 1447 هـ
28 اغسطس 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-106 كتاب الصلاة، الحديث 496و497و498و499و500و503,502,501   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-105 كتاب الصلاة، الحديث 493و494و495   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 13 الحديث 58و59و60و61و62و63و64و65و66و67و68و69   المقالات: الشام في عهد عمر بن الخطاب   المقالات: الشام في عهد أبي بكر الصديق   المقالات: تاريخ الشام من البعثة النبوية   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 105-111 (آخر السورة)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-104 كتاب الصلاة، الحديث 483و484و485و486و487و488و489و490و491و492   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 43-104   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-103 كتاب الصلاة، الحديث 477و478و479و480و481و482      

تفسير سورة آل عمران الآية 154

تفسير سورة آل عمران الآية 154

{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}

{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ} يا معشر المسلمين {مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ} الذي أصابكم {أَمَنَةً} يعني: أمناً، والأمن والأمنة بمعنى واحد، وقيل في الفرق بينهما: الأمن يكون مع زوال سبب الخوف، والأمنة مع بقاء سبب الخوف، وكان سبب الخوف هنا قائماً {نُعَاسًا} أي الأمنة هي نعاس، قال بعض أهل العلم: النعاس في الجهاد أمنة، وفي الصلاة من الشيطان، وقالوا: هذا رحمة بهم، وإحسان وتثبيت لقلوبهم، وزيادة طمأنينة؛ لأن الخائف لا يأتيه النعاس لما في قلبه من الخوف، فإذا زال الخوف عن القلب أمكن أن يأتيه النعاس{يَغْشَى} أي النعاس، ومن قرأ: تغشى، بالتاء، فعلى معنى الأمنة، أي الأمنة تغشى، والمعنى واحد {طَائِفَةً مِنْكُمْ} أي جماعة منكم، وهم المؤمنون، قال قتادة: «وذاكم يوم أحد، كانوا يومئذ فريقين؛ فأما المؤمنون فغشاهم الله النعاس أمنة منه ورحمة». انتهى {وَطَائِفَةٌ} وجماعة آخرون، وهم المنافقون {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} فليس لهم هم غير أنفسهم، قيل: أراد تمييز المنافقين من المؤمنين، فأوقع النعاس على المؤمنين حتى أمِنوا، ولم يوقع على المنافقين، فبقوا في الخوف قد أهمتهم أنفسهم، يخافون على أنفسهم القتل {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أي: يظنون بالله الظنون الكاذبة، يظنون أن الله لا ينصر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} أي: كظن أهل الجاهلية والشرك {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا} أي ما لنا {مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} يعني: النصر، هذا استفهام إنكاري، أي: ما لنا من الأمر -أي: النصر والظهور- شيء، فأساءوا الظن بربهم وبدينه ونبيه، وظنوا أن الله لا يتم أمر رسوله، وأن هذه الهزيمة هي القاضية على دين الله، قال الله في جوابهم{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلهِ} فجميع الأشياء بقضاء الله وقدره، وعاقبة النصر والظفر لأوليائه وأهل طاعته، وإن جرى عليهم ما جرى {يُخْفُونَ} أي المنافقون {فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ} أي ما لا يظهرون {لَكَ} ثم بين الذي يخفونه فقال:{يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} أي: لو كان لنا اختيار لما خرجنا، ولكننا أخرجنا مكرهين، ولو لم نخرج {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} أي لما قتل من قتل منا هنا {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} ولم تخرجوا للقتال {لَبَرَزَ} لخرج وظهر {الَّذِينَ كُتِبَ} قضي {عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} مصارعهم، المواضع التي كتب عليهم القتل فيها، فالأسباب -وإن عظمت- إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء، فإذا عارضها القدر لم تنفع شيئا، بل لا بد أن يُمضي الله ما كتب في اللوح المحفوظ من الموت والحياة {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ} وليمتحن الله {مَا فِي صُدُورِكُمْ} ما فيها من نفاق وإيمان وضعف إيمان {وَلِيُمَحِّصَ} يخرج ويظهر {مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بما في القلوب من خير وشر.

أخرج الترمذي في جامعه عن أنس عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته -أي تحرك ومال من جانب إلى جانب- من النعاس فذلك قول الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}.

وأصله عن البخاري بلفظ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، قَالَ: " غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ ". انتهى

وعن الزبير قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم أحد حين اشتد علينا الخوف وأُرسل علينا النوم فما منا أحد إلا وذقنه في صدره فوالله إني لأسمع كالحلم قول مُعتِّب بنِ قشير {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فحفظتها فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} - إلى قوله - {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} - لقول معتب بن قشير. قال {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} حتى بلغ {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

أخرجه الترمذي، ولم يَسُق لفظه، ساقه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
السبت 10 ذو القعدة 1442
عدد المشاهدات 1702
عدد التحميلات 12
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق