الجمعة 18 شوال 1445 هـ
26 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

الدرس الثالث والثلاثون

[ الدرس الثالث والثلاثون ]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فكنّا في الدرس الماضي قد بدأنا بكتاب الحج.
قال المؤلف رحمه الله: يجب على كل مكلف مستطيع فوراً.
أي الحج كما تقدم هو واجب على كل مكلف مستطيع فوراً، بمجرد أن يتمكن من الحجّ وجب عليه أن يحجّ.
قال:
وكذلك العمرة وما زاد فهو نافلة.
وقد قررنا أن العمرة على الصحيح ليست بواجبة، والواجب هو الحجّ مرة واحدة في العمر.
قال المؤلف رحمه الله:
يجب تعيين نوع الحجّ بالنية من تمتع أو قران أو إفراد.
من هذه الفقرة بيّن لنا المؤلف رحمه الله أن الحجّ أنواع .
أنواع الحجّ ثلاثة: قران وتمتع وإفراد، هذه أنواع الحجّ، الحاجّ الذي خرج إلى الحجّ لا بد أن ينوي واحداً من هذه الثلاث.
النوع الأول:
القران وهو أن يُحرم من عند الميقات بالعمرة والحجّ، يَقرن بين العمرة والحجّ، يعني يجمع في نيته بين الحجّ والعمرة، فيقول عند التلبية لبيك بعمرة وحجّ، ينوي في قلبه أنّه يريد أن يؤدي العمرة والحجّ فيقول لبيك بعمرة وحج، وهذا القران يقتضي بقاء المحرم على صفة الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحجّ جميعاً، يبقى محرماً من أول ما يُحرم من عند الميقات إلى أن ينتهي من أعمال الحجّ والعمرة وهو مُحرم لا يتحلل أبداً، أو صورة ثانية للقران وهي أن يُحرم بالعمرة ويُدخل عليها الحجّ قبل الطواف، قبل أن يبدأ بالطواف يكون من الميقات قد أحرم بالعمرة، فعقد في نفسه أن يعتمر وقال لبيك بعمرة وقبل أن يبدأ بالطواف عندما وصل مكة قبل البدء بالطواف أدخل عليها الحجّ فصار أيضاً قارناً، قرن بين العمرة والحجّ، سُمّي هذا قراناً لما فيه من القران والجمع بين الحجّ والعمرة بإحرام واحد ويطلق عليه في الكتاب والسنة تمتع.
النوع الثاني
: التمتع وهو الاعتمار في أشهر الحج ثم يحجّ من عامه الذي اعتمر فيه، في نفس السنة يعتمر في أشهر الحج وأشهر الحج سيأتي إن شاء الله بيانها بأنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، هذه أشهر الحج وبعضهم قال ذو الحجة كاملة، إذا اعتمر في أشهر الحجّ ثم حجّ في نفس السنة التي اعتمر فيها يسمى متمتعاً، هذا يسمى التمتع (حجّ التمتع)، سُمّي تمتعاً للانتفاع بأداء النُسكين في أشهر الحجّ في عام واحد من غير أن يرجع إلى بلده، ولأن المتمتع يتمتع بعد التحلل من إحرامه بما يتمتع به غير المحرم من لُبس الثياب والطيب والجماع وغيرها، صفته أن يُحرم من الميقات بالعمرة (هذه صفة حج التمتع أن يُحرم من الميقات بالعمرة وحدها فقط)، ويقول عند التلبية لبيك بعمرة وهذا طبعاً يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل الحاجّ إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق شعره أو يقصره ويتحلل، فيخلع ثياب الإحرام ويلبس ثيابه المعتادة ويأتي كلّ ما قد كان حَرُم عليه بالإحرام، يعني يتحلل تحللاً كاملاً، ويبقى على هذه الحال إلى يوم التروية (الذي هو يوم الثامن من ذي الحجة)، وفي ذاك اليوم يُحرم من مكة بالحجّ، هذه صورة المتمتع يأتي إلى الميقات ينوي العمرة يقول لبيك بعمرة وينطلق إلى أن يصل إلى مكة فيؤدي عمرته ثم يتحلل تحللاً كاملاً، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) يُلبي بالحج من مكة.
الآن من خلال ما تبين لكم ما هو الفرق بينه وبين القران؟
· في حال الإحرام فيه فرق عندنا أن الأول يُحرم بالعمرة مع الحج، والمتمتع يحرم فقط بالعمرة.
· وفي حال التحلل القارن لا يتحلل يبقى محرماً على طول، أمّا المتمتع يتحلل تحللاً كاملاً إلى اليوم الثامن.
قال الحافظ في الفتح:
والذي ذهب إليه الجمهور أن التمتع أن يجمع الشخص الواحد بين الحجّ والعمرة في سفر واحد في أشهر الحج في عام واحد وأن يُقدم العمرة وألاّ يكون مكياً، فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعاً.
النوع الثالث:
الإفراد وهو أن يُحرم من يريد الحجّ من الميقات بالحجّ وحده، لا عمرة معه، ويقول في التلبية لبيك بحجّ، ويبقى محرماً حتى تنتهي أعمال الحج، هذه صفة النوع الثالث.


قال المؤلف:
يجب تعيين نوع الحجّ بالنية.أي يجب أن ينوي الحاجّ نوع الحجّ الذي يريده من الميقات عند الإحرام، يجب أن ينوي، هذا كلام المؤلف، قال: يجب أن ينوي الحاجّ نوع الحجّ الذي يريده إما التمتع أو القران أو الإفراد، يجب أن نعلم أولاً أن الإحرام ركن من أركان الحجّ لا يصحّ الحجّ إلّا به ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" الحديث، والأحرام هو نية الدخول في النسك، فإذا نويت في قلبك البدء بأعمال الحج والدخول في ذلك فقد أحرمت سواء قلت لبيك بحجة أم لم تقل، قلت لبيك بعمرة لبيك بحجة و عمرة أو لم تقل ذلك، بمجرد أن عقدت ذلك في قلبك فقد حصل الإحرام، لكن يُستحب معه أن تُهل بذلك، أن تقول لبيك بحج أو لبيك بعمرة أو لبيك بعمرة وحج.
الإحرام مأخوذ من التحريم، ومعنى أحرم أي دخل في الحرام، والمراد أنّه يدخل في التحريم، فإذا قلت أحرم بالحجّ أي دخل في تحريم ما يُحرَّم في الحجّ، أي بمجرد أن تنوي الدخول في نسك الحجّ أو في نسك العمرة حرَّمت على نفسك ما يَحرم على الحاجّ أو على المعتمر هذا معنى الإحرام، ومحل الإحرام القلب لأن النيّة محلها القلب، ويُهل بالنسك الذي يريد، يقول لبيك بحج أو بعمرة أو بعمرة وحجّ على حسب النسك الذي يريده.
ومعنى الإهلال رفع الصوت بالتلبية، ودليله ما أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس قال: "لبى في البيداء لبيك بعمرة وحجة معاً"، هذا الحديث أصله في الصحيحين من حديث أنس، أحد ألفاظه قال: "أنهم كانوا يصرخون بذلك"، يرفعون أصواتهم به، فيستحب رفع الصوت به، وهذا الإهلال مُستحب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم له، وهو ذكر من أذكار الحجّ، حكمه كحكم بقية الأذكار، ثم يستمر بعد ذلك برفع الصوت بالتلبية، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وهذا متفق عليه، ويجب على الحاجّ أيضاً أن يُعين نوع النسك الذي يريده، هذا ما ذكره هو، واحتج من قال بهذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، فقالوا لابدّ أن ينوي المُحرم حجّاً أو عمرة عند دخوله فيه (هذه النية)، لكن الإهلال الذي هو تحديد نوع الحجّ زائد على أن ينوي الشخص الدخول في النسك، فإذا دخل الشخص في النسك فقد نوى أن يحجّ أو يعتمر، فالصحيح في المسألة أن الحجّ ينعقد بإحرامٍ من غير تعيين إفراد أو قران أو تمتع، بأن يقصد نية النسك فقط وله أن يمضي في ذلك الإحرام ثم يجعله أي وجه شاء من الأوجه الثلاث، له أن يمضي في إحرامه، الذي أحرم بنسك ما، كأن يقول مثلاً لبيك بنسك ويدخل في أفعال النسك ثم بعد ذلك له أن يختار أيّ الأنواع الثلاثة إما التمتع أو الإفراد أو القران، ودليله حديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم سَأل علياً بم أهللت؟ قال: بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يَعلم بما أهل النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُعين نوع النسك، وكما حصل مع أبي موسى الأشعري، فدلَّ ذلك على أن الإهلال بنُسك مُبهم صحيح ويصرفه صاحبه إلى أيّ نوع من الأنواع الثلاث.
قال المؤلف:
والأول أفضلها.
أي أفضل هذه الأنواع الثلاث التمتع، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، وفي المسألة خلاف كثير وكبير بين أهل العلم أيهم أفضل، لكن الصحيح إن شاء الله أنّه التمتع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة حين فرغوا من الطواف والسعي أن يُحلوا ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي، فاستدل أهل العلم بهذا على أفضلية التمتع، ثم التمتع أخفّ وأيسر على النفس.
قال رحمه الله:
ويكون الإحرام من المواقيت المعروفة، ومن كان دونها فمُهله أهله، حتى أهل مكة من مكة.
للحجّ مواقيت زمنية ومكانية، ونعني بالمواقيت الأوقات التي جعلها الشارع أوقاتاً لأداء الحجّ أو للإحرام، فهي الزمن الذي يُحجّ فيه والمكان الذي يُحرم الحاجّ منه أيضاً.
المواقيت الزمنية
: هي الأوقات التي لا يصحّ شيء من أعمال الحجّ إلّا فيها، هذه الأوقات الزمنية، قال تعالى: "الحج أشهر معلومات"، أي وقت أعمال الحجّ أشهر معلومات، والعلماء مجمعون على أن المراد بأشهر الحج: شوال وذو القَعدة (يقال القَعدة ويقال القِعدة والقَعدة أفصح) واختلفوا في ذي الحجة أَكلُّ الشهر من أشهر الحجّ أم العشر الأول فقط، حصل نزاع بين أهل العلم والذي ثبت عن ابن عمر وغيره أنها العشر الأول من ذي الحجة.
وأما المواقيت المكانية
: فهي الأماكن التي يُحرم منها من يريد الحجّ أو العمرة، الحاجّ عندما ينطلق من بلده لا يبدأ الحجّ من سكنه ولا يُحرم من سكنه، بل ينطلق إلى أن يصل مكاناً عينه الشارع فيُحرم منه، هذه الأمكنة هي التي تسمى المواقيت المكانية، فهي الأماكن التي يُحرم منها من يريد الحجّ أو العمرة، ولا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أن يتجاوزها دون أن يُحرم، واجب وجوباً شرعياً أن يُحرم قبل أن يتجاوز هذه المواقيت، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما، فقال ابن عباس: "وَقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمن أهله فكذلك حتى أهل مكة يهلون منها" متفق عليه، كما ذكرنا يخرج المرء مسافراً للحجّ من بلده بلباسه التي اعتادها ومن غير أن يبدأ بحجّ ولا بعمرة إلى أن يصل إلى أماكن معينة هي المذكورة في الحديث، فيعد نفسه ليبدأ بالحج ويُحرم من الأماكن المذكورة.
فإذا كان هذا الشخص الذي يريد الحجّ من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإحرامه يكون من ذي الحليفة، ذو الحليفة تسمى اليوم بآبار علي، تبعد عن مكة أربعمائة وثلاثين كيلومتر (430 كيلو)، وهي أبعد المواقيت عن مكة، فإذا وصل المدني الذي هو من أهل المدينة إلى ذي الحليفة يُحرم من هناك يتجرد من ملابسه ويلبس ملابس الإحرام ويُعد نفسه للإحرام ويُحرم من هناك، يعقد نية الدخول في النسك ويقول لبيك بحجة أو لبيك بعمرة أو لبيك بحجة وعمرة، وإذا كان من أهل الشام (الأردن، فلسطين، سوريا، لبنان) هذه هي بلاد الشام فإحرامه يكون من الجُحفة، وهي قرية بجانب رابغ، مدينة مشهورة معروفة تبعد عن مكة مائة وستة وثمانين كيلو (186 كيلو)، وإذا كان من أهل نجد (هي المنطقة التي تشمل الرياض وما حولها) يُحرم من قرن المنازل، ويُقال له أيضاً قرن الثعالب، ويُعرف اليوم بالسيل الكبير، ويبعد عن مكة خمسة وسبعين كيلو (75 كيلو)، وإذا كان من أهل اليمن فيُحرم من يلملم، ويُقال لها ألملم، ويُقال لها اليوم عند أهلها لملم، وهو واد معروف هناك فيه قرية تسمى السعدية تبعد عن مكة اثنان وتسعين كيلو (92 كيلو)، كان الطريق الرئيسي يمر بها ثم صار يمر بعيداً عنها إلا أنّه يمر بنفس الوادي يلملم أيضاً وفي النقطة التي يمر الطريق الرئيس بوادي يلملم يكون بُعد الوادي عن مكة مائة وعشرين كيلو (120 كيلو)، وهو واد كبير جداً، هذا الذي يُسمى وادي يلملم، فالإحرام جائز من الطريق القديم الذي يمر بقرية السعدية وكذلك من الطريق الجديد لأن كليهما يمر بالوادي، وادي يلملم، وأمّا ذات عرق والذي يسمى اليوم الضريبة وهذا لم يُذكر في الحديث الذي معنا، فهو ميقات أهل العراق، وقد اختلف العلماء هل تحديد هذا الميقات من النبي صلى الله عليه وسلم أم من عمر بن الخطاب، نزاع بين أهل العلم في ذلك كثير، وعلى كل حال هم مُجمعون على أنّه ميقات شرعي (على أنه ميقات من مواقيت الحج) بالاتفاق، والرافضة يُحرمون بعيداً عنه لا منه لأن عمر الذي حدده يُحرمون من العتيقة منطقة أخرى، مخالفةً لعمر.
قال في الحديث: "هنَّ لهن" أي هذه المواضع التي ذُكرت لهن أي لأهل هذه المواضع، "ولمن أتى عليهن من غير أهلهن"، أي من مرَّ على هذه المواقيت من غير أهل البلد الذين لهم الميقات أيضاً يُحرمون من هذه المواقيت، يعني أهل مصر مثلاً إذا دخلوا من طريق الشام وجاؤوا من طريق الجحفة يُحرمون من الجحفة، كذلك أهل تركيا مثلاً أو روسيا أو غيرها إذا دخلوا من طريق الشام كذلك ميقاتهم يكون الجحفة، وإذا جاؤوا من طريق المدينة فيكون ميقاتهم ذو الحليفة وهكذا، وقوله ممن أراد الحج والعمرة، في الحديث نفسه، قال: فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، هذا يدل على أن من لم يرد الحج ولا العمرة له أن يدخل ويذهب بدون إحرام فلا يجب عليه أن يُحرم، إنما الإحرام واجب على من أراد الحجّ أو العمرة، أمّا من دخل للتجارة مثلاً فهذا لا يَلزمه أن يُحرم، وفي المسألة هذه خلاف، وقول المصنف ومن كان دونها فمُهله أهله حتى أهل مكة من مكة، هذا يدل عليه الحديث المتقدم، ومعناه أنَّ من كان يسكن مكاناً هو أقرب إلى مكة من الميقات فهو لا يمر بهذه المواقيت أصلاً لقربه من مكة هذا ميقاته في نفس مكانه من بيته، هناك ميقاته، فهذا لا يلزمه أن يرجع رجوعاً إلى أن يخرج إلى الميقات ثم بعد ذلك يُحرم من هناك ويمشي، لا، ميقاته من البلد التي هو فيها، يُحرم من هناك، حتى أهل مكة يُحرمون من مكة، لكن هذا في الحج أما في العمرة فأهل مكة يلزمهم أن يخرجوا إلى أدنى الحل فيُحرموا من هناك كما فعلت عائشة رضي الله عنها، خرجت إلى أدنى الحل وهو التنعيم فأحرمت من هناك، إذن العمرة لا بد من إحرام خارج مكة حتى وإن كان الشخص من أهلها، أما الحج فلا، أهل مكة يُحرمون من مكة، ومن كان خارج مكة ولكنّه أقرب من الميقات هذا يُحرم من مكانه الذي هو فيه، ومن جاوز الميقات من غير أن يُحرم وهو يريد الحج أو العمرة فإمّا أن يرجع إلى الميقات ويُحرم من هناك، شخص كان قادماً وتجاوز الميقات ولم يُحرم وهو يريد الحجّ أو العمرة فهذا أمامه أحد أمرين إمّا أن يرجع إلى الميقات ويُحرم من هناك ثم يُكمل طريقه، أو أن يُكمل طريقه ويلزمه دم (يجب عليه أن يذبح بدل تركه لهذا الواجب)، وأما الإحرام قبل الميقات فقد نقل ابن المنذر رحمه الله الإجماع على أنّه يكون مُحرماً إن أحرم الشخص قبل الميقات، إن أحرم من بيته (كان من الذين هم أبعد من الميقات وأحرم من بيته) ثم مرَّ على الميقات وهو مُحرم، نقل ابن المنذر الاتفاق على أنه مُحرم وأنَّ إحرامه صحيح، لكن هل يُكره هذا الفعل أم لا ؟ اختلف أهل العلم في ذلك والصحيح أنّه مكروه لأنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، السنة والذي كان يفعله صلى الله عليه وسلم كان يُحرم من الميقات، إذن أنت تُحرم من الميقات، لكن لو حصل وفعلها أحد نقول له يجوز هذا الفعل وإحرامه يكون صحيحاً.
وأمّا من كان بالطائرة والسفينة ونحوِ ذلك فهذا إذا حاذى الميقات أحرم، ولا يجوز له مجاوزة ذلك إلا وهو محرم، ماذا يعني هذا؟ صار على نفس المستوى، من أين أتينا بالمحاذاة؟ أتينا بها من أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصحيحين، جاءه أهل العراق فقالوا له بأن الميقات الذي وقَّته النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجد وهو قرن، هذا بعيد عنهم فلو أنّك تفعل لنا شيء أو من هذا القبيل، قال لهم أنظروا حذوها من طريقكم فحدّ لهم ذات عرق لأنه حذو قرن، ميقات نجد وهو قرن المنازل، فمن هنا أخذنا أنّ من طريقُه لا تأتي به إلى الميقات فيُحاذي الميقات ويُحرم من هناك، وكذلك الذي يأتي بالطائرة أو الذي يأتي بالسفينة.


نكتفي بهذا القدر إن شاء الله.
قائمة الخيارات
35 [2.9 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الاثنين 28 ذو الحجة 1433
عدد المشاهدات 3432
عدد التحميلات 59
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق