الجمعة 18 شوال 1445 هـ
26 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

الدرس الثالث عشر

[المجلس الثالث عشر]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
درسنا اليوم هو الدرس الثالث عشر من دروس شرح الدرر البهية
قال المؤلف رحمه الله:((وستر عورته ))
يعني من شروط الصلاة ستر العورة، العورة لغة مأخوذة من العَوَر وهو النقص والعيب، وسمِّيت بذلك لقبح ظهورها، ولغض الأبصار عنها.
وشرعاً: ما يُطلب ستره، اتفق العلماء على أن الفرج يعني القُبُل والدبر عورة، قاله ابن حزم في مراتب الإجماع، فانتهينا من هذا الموضوع، يبقى عندنا من السرة إلى الركبة، القبل والدبر يعني السوءتان، الآن القضية الأوسع وهي من السرة إلى الركبة، اختلفوا فيها بالنسبة للرجل هل هي عورة أم لا؟ فالذين قالوا
: ما بين السرة والركبة عورة احتجوا بحديث ابن عباس وجَرْهَد ومحمد بن جحش وغيرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" الفخذ عورةوفي رواية" إن الفخذين عورة"، وفي رواية" ما بين السرة والركبة عورة"، الحديث الذي يدل على أن ما بين السرة والركبة عورة هو ما بين السرة والركبة عورة" وهذا الحديث ضعيف، منتهي أمره، بقي الآن حكم الفخذين الذي ثبت أنه عورة بحديث " الفخذ عورة" والحديث صحيح، فالركبة والسرة نفسها بعدما ضعَّفنا الحديث السابق ليستا بعورة، بقي الآن الفخذان، جاء حديث آخر خالف الحديث الذي بين أيدينا وهو حديث أنس متفق عليه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان راكباً وكذا أنس وأبو طلحة فحسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فخذه، قال أنس :" حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - " الاستدلال في هذا الحديث من أي ناحية؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حسر عن فخذه يعني كشف عن فخذه وأن أنس كان ينظر إلى بياض فخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، ولو كانت عورة لما جاز له أن ينظر . وروت عائشة وغيرها في الصحيح وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جالساً وهو كاشف عن فخذه فدخل أبو بكر وهو جالس ودخل عمر وهو جالس ودخل عثمان، فلما دخل عثمان غطى - صلى الله عليه وسلم - فخذه، فلما راجعته عائشة بذلك قال:"ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة؟" فالشاهد أنه كان كاشف عن فخذيه أمام الصحابة، فاختلف أهل العلم في طريقة الجمع بين هذه الأحاديث، قال الإمام البخاري رحمه الله في الصحيح : حديث أنس أَسند، وحديث جرهد أحوط، حتى يُخرَج من اختلافهم ، حديث أنس أسند(أقوى في الصحة)، حديث جرهد أحوط(لمن أراد الورع هو أحوط) لكن ما الحكم الشرعي الذي يترجح عندي ورأيتها أفضل طريقة في الجمع بين الأحاديث؟ هو أن تقسَّم العورة إلى قسمين: عورة مغلظة وعورة مخففة، العورة المغلظة هي التي يحرم كشفها والنظر إليها وهي السوءتان، وعورة مخففة يُكره كشفها والنظر إليها وهما الفخذان، هذه أفضل طريقة للجمع بين الأحاديث وبذلك نكون قد عملنا بجميع الأحاديث الواردة في هذا الباب
.
وأما عورة المرأة فجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وهذا قول مالك والشافعي ورواية أيضاً عن أحمد، بل قول جمهور علماء الإسلام، وفي رواية عن أحمد أن المرأة كلها عورة، والاختلاف في ذلك، في كون الوجه والكفين من العورة أم لا سببه الاختلاف في فهم قول الله تبارك وتعالى { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [ النور/31]هل الاستثناء ها هنا يعود إلى الوجه والكفين أم يعود إلى ما ظهر من الثياب؟ كما هو قول عبد الله بن مسعود وجمهور علماء الإسلام ذهبوا إلى ما ذهب إليه ابن عباس وابن عمر وغيرهم من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ويستدل العلماء على ذلك بأنه لو كان الوجه والكفان عورة لما نهي عن لبس القفازين والنقاب في الحج، فيستدلون بهذا على جواز كشف الوجه والكفين في الحج، يؤكد هذا الفهم أيضاً حديث الخثعمية، الحديث يذكر أن الفضل كان خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج فجاءت امرأة خثعمية فأخذ ينظر إليها وتنظر إليه، فهذا يدل على أنها كانت كاشفة وجهها وكان ينظر إلى وجهها فأزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهه عنها.وكذلك حديث أنس كان يذكر حديثاً عندما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :إن النساء ناقصات عقل ودين ...إلخ الحديث ، فقال أنس: قامت امرأة سفعاء الخدين (سفعاء الخدين يعني في خديها سواد)، كيف رآى أنس هذا ؟ هذا هو الذي يظهر والله أعلم جواز كشف الوجه والكفين وإن كان الأفضل والأستر والأحسن أن يغطى كل ذلك .

وأما القدمان فذهب بعض أهل العلم أيضاً إلى أنهما ليستا عورة، ولكن الصحيح أن القدمان عورة والدليل قول النبي
- صلى الله عليه وسلم - :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، قالت أم سلمة :فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال:"يرخين شبراًفقالت: إذاً تنكشف أقدامهنّ، قال:" فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليهفأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإرخاء الثوب على القدمين كي لا تنكشف مع أن جر الذيل كان منهياً عنه.
ثم بعد ذلك هل ستر العورة التي قررناها آنفاً واجب أم شرط؟ اختلف أهل العلم في ذلك والراجح أنه واجب وليس شرطاً، ودليل الوجوب قول الله تبارك وتعالى {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [ الأعراف/31]قال غير واحد من السلف : هو ستر العورة، وسبب نزول الآية يدل على ذلك، ودليل عدم الشرطية حديث عمرو بن سلمة أنه أَمَّ بقوم وهو صغير فكانت تنكشف عورته، حتى قالت امرأة: غطوا عنا عورة إمامكم، فاشتروا له ثوباً جديداً، فقال: ما فرحت بشيء فرحي بذاك الثوب، فلو كانت تغطية العورة شرط في صحة الصلاة لبطلت صلاة الإمام، فالظاهر والله أعلم عدم الشرطية، وأما الحديث أيضاً الذي يستدلون به في حق النساء" لا صلاة لحائض إلا بخمار " فهو حديث ضعيف لا يصح ولا يعوَّل عليه .

قال المؤلف رحمه الله:(( ولا يَشتَمِل الصمَّاء. ولا يَسْدُل .ولا يُسْبِل .ولا يَكفِتُ. ولا يصلي في ثوب حرير. ولا في ثوب شهرة. ولا مغصوب))
جاء في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن اشتمال الصماء، اشتمال الصماء أن يأخذ الثوب ويلف نفسه به، لا يخرج يديه منه، فإذا تحرك أو أراد أخذ شيء ظهرت عورته، يعني ثوب واحد يلف نفسه به، سمي الصماء لأنه لا منفذ لها، مغلقة، وهذا مظنة لكشف العورة لذلك نهي عنه، وأما السدل فقد أخرج أبو داود وغيره عن أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن السدل في الصلاة وهو حديث ضعيف، والسدل هو أن يرسل الثوب حتى يصيب الأرض فإذا كان هذا المعنى- هذا أحد المعاني التي ذكروها- إذا كان هذا المعنى فهو يدخل في ضمن النهي عن الإسبال، وقال بعضهم : هو أن يرسل طرفي الثوب ولا يضمهما، يعني يرتدي ثوبه ويتركه هكذا فتنكشف عورته وينكشف بطنه بسبب الإرسال ولا يأخذ بجانبيه هكذا، لا يغلقه-هذا المعنى الآخر للإسدال-، فإذا كان هذا المعنى فالنهي لستر العورة، وأما الإسبال فهو أن يرخي إزاره أو ثوبه حتى يجاوز الكعبين وهذا صح فيه النهي في الصلاة وفي غيرها فقال - صلى الله عليه وسلم - :" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" هذا أحد الأحاديث، وأحاديث النهي عن الإسبال كثيرة، وأما كَفْت الثوب والشعر في الصلاة فقد صح النهي عنه في الصحيحين، عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم .. إلى أن قال: ولا نكفت الثياب والشعر" وكفت الثوب هو أن يأخذ طرف الثوب ويرفعه إلى الأعلى أو يقلبه قلباً أو يشمر أكمامه، هذا كله داخل في ضمن كفت الثوب، وأما كفت الشعر فأن يأخذ خصلة مرخية مسبلة من الشعر فيكفتها إلى الأعلى فيربطها بخيط أو غيره، ولا يجوز للرجل أن يصلي في ثوب الحرير لأنه منهي عن لبس الحرير، للنهي العام الذي جاء أن الرجل لا يلبس الحرير، ولا يجوز لبس ثوب الشهرة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة"رواه أبو داود وغيره، وثوب الشهرة هو الثوب يشتهر به بين الناس، هذا ثوب الشهرة، يكون مشهوراً به بين الناس إما بلونه أو بصفته، المهم أنه إذا لبس هذا الثوب وخرج أمام الناس كان مميزاً ومعروفاً بين الناس بهذا اللباس، هذا هو لبس الشهرة، وكذلك لا يجوز للمصلي أن يصلي في ثوب مغصوب، لماذا؟ لأن الثوب المغصوب ليس ملكاً له وإنما هو ملك لصاحبه، ومال المسلم لا يجوز استعماله إلا بإذنه، والغصب هو أخذ مال الغير قهراً أو عدواناً بغير وجه حق، ولكن، كل ما ذكر المؤلف هنا لا يعتبر من شروط الصلاة على الصحيح لأن منها ما يتعلق بستر العورة فيكون حكمه راجع إلى ما قررناه في مسألة ستر العورة، كالنهي عن اشتمال الصماء والسدل وغيره، ومنه ما لا يختص بالصلاة وهذا لا يبطلها فلا يعتبر من شروطها، مثل لبس الحرير والإسبال والغصب،ومنها ما لا يختص بالصلاة، فهذا لا يبطلها إذا فُعل كلبس الحرير والإسبال والغصب كما ذكرنا، منها ما يختص بالصلاة، كالكفت، ولكن أجمع العلماء على أن المرء إذا صلى كافتاً شعره أو ثوبه أن صلاته صحيحه، وما نُقل البطلان إلا عن الحسن البصري فقط، ابن جرير الطبري أطلق الإجماع مطلقاً أما ابن المنذر هو الذي استثنى الحسن البصري في ذلك، وصح عن ابن مسعود أنه رآى رجلاً يصلي وهو عاقِصٌ شعره فلم يأمره بإعادة الصلاة ونهاه عن ذلك.
قال المؤلف رحمه الله:((وعليه استقبال عين الكعبة إن كان مشاهداً لها أو في حكم المشاهد. وغير المشاهد يستقبل الجهة بعد التحري))
اتفق العلماء على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة وهذا محل اتفاق، إذا كان المصلي يرى البيت فالفرض عليه التوجه إلى عين البيت، لا خلاف بينهم في ذلك، إذا كنت ترى الكعبة أمامك فالواجب عليك أن تتجه إلى الكعبة مباشرة، هذا محل اتفاق لا خلاف فيه، الخلاف حاصل في شخص لا يرى عين الكعبة، هل الواجب عليه أن يستقبل العين أم الواجب عليه أن يستقبل الجهة فقط؟ هنا حصل النزاع بين أهل العلم والراجح من ذلك أن الواجب عليه أن يتحرى فقط الجهة لا العين، والدليل على أن الواجب هو التوجه إلى الجهة عند عدم رؤية الكعبة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"ما بين المشرق والمغرب قبلة" فهذا يدل على أن المقصود هي الجهة، وأيضاً إلزام الناس بالتوجه إلى عين الكعبة فيه من الحرج ما فيه، هذا يحتاج إلى مهندسين وبورصات ودقِّق وكذا ووجِّه، يعني أمر فيه من العسر ما فيه، والحرج مرفوع عن الأمة كما قال الله سبحانه وتعالى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج/78]، فإذاً حقيقة شروط الصلاة هي: الإسلام، العقل، التمييز، دخول الوقت، استقبال القبلة، الوضوء، النية.
__ الإسلام: فلا يُقبل من كافر صلاة حتى يدخل في الإسلام.
__ العقل: المجنون لا يصح منه قصد الطاعة .
__ والتمييز : كذلك كالمجنون ، غير المميز كالمجنون لا تصح منه طاعة .
__ دخول الوقت: شرط من شروط صحة الصلاة وقد تقدم معنا.
__ استقبال القبلة: بالاتفاق.
__ الوضوء: حديث " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" وكذلك" لا صلاة بغير طهور".
__ النية: حديث "إنما الأعمال بالنيات
"
نكتفي بهذا القدر.

قائمة الخيارات
29 [3.4 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الاحد 27 ذو الحجة 1433
عدد المشاهدات 3759
عدد التحميلات 68
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق