الخميس 5 ربيع الاول 1447 هـ
28 اغسطس 2025 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-106 كتاب الصلاة، الحديث 496و497و498و499و500و503,502,501   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-105 كتاب الصلاة، الحديث 493و494و495   الصوتيات: شرح سنن الترمذي الدرس 13 الحديث 58و59و60و61و62و63و64و65و66و67و68و69   المقالات: الشام في عهد عمر بن الخطاب   المقالات: الشام في عهد أبي بكر الصديق   المقالات: تاريخ الشام من البعثة النبوية   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 105-111 (آخر السورة)   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-104 كتاب الصلاة، الحديث 483و484و485و486و487و488و489و490و491و492   تفسير القرآن: تفسير سورة يوسف 43-104   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-103 كتاب الصلاة، الحديث 477و478و479و480و481و482      

تفسير سورة الأعراف (187-195)

تفسير سورة الأعراف (187-195 )

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) }

{يَسْأَلُونَكَ} أي المكذبون لك يا محمد يسألونك {عَنِ السَّاعَةِ} يعني: القيامة {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} أي: متى قيامها؟ {قُلْ} يا محمد {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} أي لا يعلمها إلا هو {لَا يُجَلِّيهَا} لا يكشفها، ولا يظهرها {لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يعني: ثقل علمها وخفي أمرها على أهل السماوات والأرض{لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} فجأة على غفلة {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} أي: كأنك عالم بها {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أن ذلك لا يعلمه إلا الله، بل يحسبون أن علم ذلك يوجد عند بعض خلقه.

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) }

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا} أي: لا أقدر على جلب خير لنفسي، ولا دفع ضر عنها إلا ما شاء الله أن أملكه {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} كأن أعُدّ في السنة المخصبة للسنة المجدبة، كما فعل يوسف لما علم بما علمه الله برؤيا رآها الملك، فادخروا في السنين المخصبة، للسنين المجدبة {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} أي: الضر والفقر والجوع {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} ما أنا إلا رسول أخوف من عقاب الله من لا يصدق بما جئت به {وَبَشِيرٌ} بالجنة {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بالله ورسوله.

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)}

{هُوَ} الله تبارك وتعالى {الَّذِي خَلَقَكُمْ} أيها الرجال والنساء {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني من آدم {وَجَعَلَ}وخلق {مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني: حواء {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ليأنس بها ويأوي إليها {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي: فلما جامع زوج زوجته {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} وهو أول ما تحمل المرأة من النطفة يكون خفيفاً عليها {فَمَرَّتْ بِهِ} أي: استمرت به، وقامت، وقعدت به، ولم يثقلها {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} أي: كبر الولد في بطنها، وصارت ذات ثقل بحملها، ودنت ولادتها {دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا} يعني دعا الزوجان ربهما، قائلين: {لَئِنْ آتَيْتَنَا} لئن أعطيتنا يا ربنا {صَالِحًا} أي: بشراً سوياً مثلنا، أي صالح وتام الخلقة لا نقص فيه {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لنعمك.

{ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) }

{ فَلَمَّا آتَاهُمَا} فلما استجاب الله دعاء الزوجين، ورزقهما {صَالِحًا } بشراً تاماً لا نقص فيه عن البشر كما دَعَوا {جَعَلَا} صيرا {لَهُ} لله {شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} جمع شريك يعني إبليس، أخبر عن الواحد بلفظ الجمع، أي: جعلا له شريكاً إذ سمياه عبد الحارث {فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تنزه الله عن الشريك، فلا شريك له سبحانه.
هذا القول الذي ذكرناه هو الصحيح في معنى الآية: أنه راجع إلى جميع المشركين من ذرية آدم، وليس المقصود في جعل الشركاء آدمَ وحواء.

{أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)}

قال ابن كثير: هذا إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الأنداد والأصنام والأوثان، وهي مخلوقة لله مربوبة مصنوعة، لا تملك شيئاً من الأمر، ولا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تنتصر لعابديها، بل هي جماد لا تتحرك ولا تسمع ولا تبصر، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم.
قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا} أي أيعبدون مع الله ما لا يُوجِد من العدم، وإنما الخالق الله تبارك وتعالى وحده؛ فهو الذي يستحق العبادة وحده {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} أي: وهم مخلوقون، فكيف يكون المخلوق شريكاً للخالق؟!
قال ابن جرير الطبري: أيشركون في عبادة الله، فيعبدون معه ما لا يخلق شيئاً والله يخلقها وينشئها، وإنما العبادة الخالصة للخالق لا للمخلوق؟

{وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)}

{وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا} أي: الذين اتخذوهم شركاء مع الله لا يستطعون نصرهم إن أنزل الله بهم عقوبته {وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} ولا يستطيعون نصر أنفسهم.

{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)}

{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى} وإن تدعوا أيها الناس هذه الأصنام إلى الطريق المستقيم، والأمر الصحيح السديد {لَا يَتَّبِعُوكُمْ} لأنها لا تعقل شيئاً {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ} إلى الهدى {أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} عن دعائهم؛ لأنهم لا يفهمون دعاءكم، ولا يسمعون صوتكم، ولا يعقلون ما يقال لهم؟

{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) }

{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ} تعبدون {مِنْ دُونِ اللهِ} من غير الله {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} يريد أنها مملوكة لربها أمثالكم {فَادْعُوهُمْ} إن كنتم صادقين في أنها تستحق العبادة، وأنها تضر وتنفع {فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} ولن يفعلوا؛ لأنهم لا يملكون شيئاً ولا ينفعون ولا يضرون {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أنها آلهة.

{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) }

قال السعدي رحمه الله: وهذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان، يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} أي: لا فرق بينكم وبينهم، فكلكم عبيد لله مملوكون، فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئاً {فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} فإن استجابوا لكم وحصلوا مطلوبكم، وإلا تبين أنكم كاذبون في هذه الدعوى، مفترون على الله أعظم الفرية، وهذا لا يحتاج إلى التبيين فيه، فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء، فليس لها أرجل تمشي بها، ولا أيد تبطش بها، ولا أعين تبصر بها، ولا آذان تسمع بها، فهي عادمة لجميع الآلات والقوى الموجودة في الإنسان.

فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، وهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها وأقوى على كثير من الأشياء، فلأي شيء عبدتموها؟!{قُلِ} يا محمد للمشركين {ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ} الذين تعبدونهم مع الله {ثُمَّ كِيدُونِ} ثم احتالوا لإيقاع الضر بي {فَلَا تُنْظِرُونِ} أي: لا تمهلوني، فلن تستطيعوا ذلك.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الجمعة 15 جمادة الاخرة 1444
عدد المشاهدات 1256
عدد التحميلات 13
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق