القائد الدميث إلى شرح الباعث الحثيث الجزء الرابع عشر

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين، أما بعد:
فهذا المجلس الرابع عشر من مجالس شرح الباعث الحثيث و الذي سنبدأ فيه إن شاء الله بالنوع الرابع عشر و هو المنكر.
قال المؤلف رحمه الله :
النوع الرابع عشر
المنكر
المنكر: لغة: ضد المعروف و أما اصطلاحا: فسيذكره لنا المصنف رحمه الله.
وهو كالشاذ إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود،"وهو كالشاذ"هذا مذهب في المنكر، مخالفة الراوي للثقات، فقوله مخالفة الراوي للثقات يدخل فيه مخالفة الثقة فيكون مثل الشاذ، الشاذ كما تقدم معنا مخالفة المقبول لمن هو أولى منه، فإذا راوي المقبول خالف من هو أولى منه يكون شاذا و يكون منكرا عند بعض أهل العلم. و كذلك مخالفة الضعيف للثقات يدخل أيضا فيما وصفه ابن الصلاح رحمه الله، فمخالفة الضعيف للثقات يسمى منكرا كذلك، و بعض أهل الحديث يخص المنكر بهذا، بمخالفة الضعيف للثقات فإذا راو ضعيف روى حديثا و خالف فيه رواية الثقات يسمى منكرا، بعض أهل العلم يخص المنكر بهذه الصورة و يخرج الصور الأخرى والبعض يدخل هذه الصورة و هي مخالفة الضعيف للثقات و يدخل فيه أيضا الشاذ و هو مخالفة المقبول لمن هو أولى منه، فيكون عندهم المنكر أعم من الشاذ.
ثم قال رحمه الله :
وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً، أي و كذلك الراوي إذا لم يكن عدلا ضابطا أي كان ضعيفا.وإن لم يخالفأي الضعيف إذا تفرد بحديث يكون منكرا على هذا القول الثاني، خالف أو لم يخالف، إذا خالف دخل في المعنى الأول في الكلام الأول و إذا لم يخالف دخل في الكلام الثاني. فبعض أهل العلم يذكر أن المنكر هو تفرد الضعيف و بعضهم يقول هو مخالفة الضعيف و ليس فقط مجرد تفرده، بل لابد أن يخالف كي يسمى حديثه منكرا، و البعض يقول هو و الشاذ صيان – أي نفس الشيء -.
و الصحيح الذي عليه عمل الكثير من أهل العلم من أهل الحديث و خصوصا المتقدمين أن المنكر عندهم يطلق على كل هذا، يطلق على كل ما ذكر.
و قال المعلمي رحمه الله : " و الأئمة يقولون للخبر الذي تمتنع صحته أو تبعد منكر أو باطل "، الخبر الذي يمتنع أن يكون صحيحا أو يبعد أن يكون صحيحا أي بعيد أن يصحح يطلق عليه بعض العلماء و خصوصا الأئمة منهم يطلق عليه بأنه منكر أو أنه باطل، هذا ما قاله المعلمي رحمه الله.
و قال بن أبي حاتم في مقدمة الجرح و التعديل : " يقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه و أن يكون كلاما يصلح أن يكون من كلام النبوة، و يعلم سقمه و إنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته " فإن روي الحديث من لم تصح عدالته و تفرد به يكون منكرا على كلام بن أبي حاتم رحمه الله. هذا معنى المنكر عند العلماء.
قال ابن الصلاح رحمه الله:
وأما إن كان الذي تفرد به عدلا ضابطا حافظا قُبِل شرعاً أي و لا يسمى منكرا، ولا يقال له " منكر"فيكون مقبولا، وإن قيل له ذلك لغةً أي من الناحية اللغوية وليس من الناحية الاصطلاحية فلا يكون مردودا، هذا معنى المنكر عند العلماء. و بالجملة علماء السلف كانوا يطلقون المنكر على الحديث الذي لا يمكن تصحيحه و الذي يكون خطأ، إذا ترجح عندهم أن الحديث خطأ فيطلقون عليه النكارة، هذا ما يدل عليه عمل السلف.
ثم قال المصنف رحمه الله :
النوع الخامس عشر
هذا النوع من أنواع علوم الحديث مهم جدا.
في الاعتبارات والمتابعات والشواهد
الاعتبار ليس قسما من أقسام المتابعات و الشواهد، المقصود بالاعتبار هنا: هو البحث عن المتابعات و الشواهد، هذا المقصود بالاعتبار هاهنا. البحث عن المتابعات و الشواهد ليعرفوا هل تفرد الراوي بالحديث أم لا، هذا مرادهم بالبحث عن الشواهد و المتابعات، كي يعلموا هل تفرد الراوي بالحديث أم لا؟ثم بعد أن يحكموا عليه هل تفرد به أم لا؟ ينظرون الحكم المناسب له و يحكمون عليه بالصحة أو بالضعف.
جمع طرق الحديث ولم شمله للوقوف على روايات الرواة له هذا الذي يسمى الاعتبار.
و أما المتابعات و الشواهد فهي كما ذكر المصنف رحمه الله.
قال :
مثاله: أن يروى حماد بن سلمة عن أيوبالسختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاًانظر الآن المثال و دقق معي، فإن رواه غير حماد عن أيوبانظر الآن بحثنا، فتشنا في كتب الحديث في السنن و المسانيد و المعاجم و الأجزاء و الفوائد، فتشنا في جميع الكتب كي نجد الحديث الذي روي بهذا الإسناد أو نجد حديثا بمعناه، فتشنا جميع الكتب و نظرنا، فإن وجدنا نفس هذا الحديث بنفس الإسناد إلا أنه بدل حماد بن سلمة وجدنا راو آخر يرويه عن أيوب، فلنقدر مثلا أنه حماد بن زيد،فوجدنا رواية لحماد بن زيد يرويه عن أيوب، هذه الرواية ماذا نسميها؟ نسميها متابعة تامة، هذه هي المتابعة. فيكون حماد بن زيد تابع حماد بن سلمة في رواية هذا الحديث عن أيوب عن محمد بن سرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم، هذه تسمى متابعة تامة.
لماذا سميت متابعة تامة؟ لأنه رواه بنفس الإسناد عن نفس الشيخ، حماد بن سلمة رواه عن أيوب بن أبي تميم السختياني و كذلك حماد بن زيد رواه عن أيوب بن أبي تميم السختياني و بنفس الإسناد رواه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة إلخ. هذه تمسى متابعة ماذا؟ متابعة تامة. هذه تمسى متابعة تامة لماذا ؟ لأنه تابعه في جميع رجال السند، روى مثلما روى تماما، تابعه عليه، هذه هي المتابعة.
فإن وجدنا راويا ثالثا كذلك تكون متابعة تامة من راو ثالث و هكذا. المهم أنهما اشتركا في نفس الشيخ و بنفس الإسناد و بنفس المتن، كما سيأتي موضوع المتن. قال: فإن رواه غير حماد عن أيوب أو غير أيوب عن محمدلاحظ الآن، بحثنا و فتشنا فلم نجد أحدا رواه عن أيوب بن أبي تميم السختياني إلا حماد بن سلمة، هذه صورة جديدة الآن فلننس الصورة الأولى، الآن الصورة الثانية نفس المثال، حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم و ذكر المتن.
الآن بحثنا فلم نجد أحدا رواه عن أيوب إلا حماد بن سلمة لكننا وجدنا هشام بن حسّان القردوسي مثلا يرويه عن محمد بن سيرين – نفس الحديث – لكن عن غير أيوب بن أبي تميم، يرويه عمن ؟ عن محمد بن سيرين الذي هو شيخ شيخ حماد بن سلمة،فهاهنا إيش تسمى هذه ؟ متابعة قاصرة، لماذا ؟ لأنه لم يتابع في شيخه إنما توبع في شيخ شيخه فهي قاصرة عن المتابعة الأولى فسميت متابعة قاصرة و الأولى متابعة تامة، فإذا تابعه في جميع السند من أوله إلى آخره و شاركه في شيخه تسمى متابعة تامة، أما إذا تابعه في شيخ شيخه فما فوق فتسمى متابعة قاصرة. فإذا لم نجد رواية حتى عن محمد بن سيرين، ما وجدنا، لا أحد يرويه عن أيوب و لا أحد يرويه عن محمد بن سيرين لكن وجدنا راو آخر يرويه عن أبي هريرة كأبي صالح مثلا، وجدنا رواية للحديث من طريق أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم هذه أيضا تسمى متابعة ماذا؟ متابعة قاصرة، لأنه ما توبع في جميع السند إنما توبع في بعضه.
قال:أو غير أيوب عن محمدأو غير محمد عن أبي هريرة، أو غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه متابعاتقال حتى لو لم نجد كل الإسناد، كل الإسناد لم نجد أحدا تابعه عليه حتى الصحابي و لكن وجدنا الحديث من رواية صحابي آخر لكن بنفس اللفظ، قال هذه كلها تسمى متابعات، لو ما وجدنا أحدا روى هذا الحديث عن أيوب و لا وجدنا أحدا يرويه عن محمد بن سيرين و لا وجدنا أحدا يرويه عن أبي هريرة و لا وجدنا أيضا أحدا يرويه عن أحد من الصحابة إلا صحابة آخرون يروونه عن غير أبي هريرة، وجدناه مثلا من حديث بن عمر وجدناه مثلا من حديث بن عباس أو غيرهم من الصحابة، إذا كان بنفس لفظ حديث أبي هريرة فهذا يسمى إيش ؟ متابعة عند من ؟عند ابن الصلاح، قال " هذه متابعات " هذه كلها عند ابن الصلاح متابعات. لكن الحافظ ابن حجر رحمه الله فرق بين المتابعة و الشاهد بغير هذه التفريق كما سيأتي إن شاء الله.
قال: فإن روي معناه من طريق أُخرى عن صحابي آخر سمي شاهدا لمعناههذا معنى الشاهد، عند بن الصلاح الشاهد ما هو ؟ أن يروى الحديث من طريق أخرى و لكن بنفس المعنى و ليس بنفس اللفظ، بنفس المعنى يسمى هذا شاهدا له. هذا عند ابن الصلاح. فالعبرة عند ابن الصلاح في الفرق بين المتابعة و الشاهد ما هي ؟ هي اللفظ و المعنى فإذا روي الحديث من طريق أخرى بنفس اللفظ تسمى متابعة عند ابن الصلاح، و إذا روي الحديث بالمعنى يسمى شاهدا لمعناه.
لكن الحافظ ابن حجر كما ذكرنا لا يذهب إلى ما ذهب إليه ابن الصلاح رحمه الله، الحافظ ابن حجر يجعل الفرق بين المتابعة و الشاهد هو الصحابي، إذا اختلف الصحابي، إن كان لفظ الحديث بنفس اللفظ أو بنفس المعنى، يكون شاهدا، أما إذا اتحد الصحابي فتكون متابعة، و هذا الفرق هو الصحيح.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعدما ذكر هذا التفريق، أن الشاهد يكون إذا اختلف الصحابي يسمى شاهدا و إذا اتحد الصحابي يكون متابعا، قال الحافظ رحمه الله " و قد تطلق المتابعة على الشاهد و بالعكس و الأمر فيه سهل" الأمر سهل في التسميات، و لكنه ذكر أن إطلاق الشاهد على المتابعة قليل، لكن المعتمد عنده أن الصحابي إذا اختلف و كان الحديث بنفس اللفظ أو بنفس المعنى يكون شاهدا، أما إذا اتحد الصحابي و كان الحديث بنفس اللفظ أو بنفس المعنى يكون متابعة.
إذن يتلخص عندنا، أن العبرة في تغير الحديث و اعتباره شاهدا للحديث الآخر هو الصحابي، فإذا روى أبو هريرة حديثا عن النبي صلى الله عليه و سلم و روى ابن عمر حديثا عن النبي صلى الله عليه و سلم، نفس الحديث تماما عن النبي صلى الله عليه و سلم يسمى شاهدا، حديث ابن عمر يسمى شاهدا لحديث أبي هريرة. هذا هو المعتمد عند أهل الحديث. إذن المتابعة تذكر فيمن تحت الصحابي أما إذا تغير الصحابي فيسمى شاهدا. هذا هو الفرق بين الشاهد و المتابعة.
ثم قال ابن الصلاح: وإن لم يرو بمعناه أيضاً حديث آخر فهو فرد من الأفرادفرد مطلق، غريب مطلق، ذكرنا أن الفرد المطلق أو الغريب المطلق هو الذي يتفرد به راو واحد، إذا تفرد بالحديث راو واحد يسمى فردا مطلقا.
ثم قال رحمه الله: ويُغتفر في باب " الشواهد والمتابعات " من الرواية عن الضعيف القريب الضعف ما لا يُغتفر في الأصول، كما يقع في الصحيحين وغيرهما مثل ذلكماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن باب الشواهد و المتابعات لا يشترط فيه أن يكون الراوي ثقة، لو كان ضعيفا و لكن ضعفه خفيف و ليس شديدا لا يقال فيه متروك، كذاب هذا لا ينفع بتاتا. إذا كان الراوي ضعيفا ضعفا خفيفا كأن يقال فيه ضعيف، سيء الحفظ، فيه مقال، لين الحديث، ليس بالقوي، مثل هذه الألفاظ تشير إلى أن ضعفه خفيف، كان بسبب الحفظ حفظه ليس جيدا و متينا تماما. مثل هذا الضعف الخفيف صاحبه يشارك معنا في المتابعات و الشواهد، فالراوي الذي فيه ضعف خفيف يصلح أن يكون متابعا أو أن يكون حديثه شاهدا للحديث الآخر. إذن المتابعة و الشاهد لا يشترط فيها أن يكون رواته ثقات، ممكن أن يكونوا ثقات أو فيهم ضعف خفيف و لكن ضعفهم هذا الخفيف ينجبر بالمتابعة أو بالشاهد. فإذا وجد عندنا إسنادين، إسناد يرويه راو فيه ضعف خفيف هذا الإسناد ماذا نحكي عنه؟ نقول فيه إسناد ضعيف، لكننا بحثنا فوجدنا راو آخر قد تابعه عن نفس الشيخ لنفس الحديث و الراوي الآخر أيضا فيه ضعف خفيف، هل يتقوى هذا بهذا ؟ نعم. نقول الراوي الثاني تابع الراوي الأول متابعة تامة وحديثه به يكون حسنا، إسناده الآن نحكم عليه بأنه حسن لماذا؟ نقول لأن أحد رواته ضعيف و لكننا وجدنا له متابعا تابعه على هذه الرواية فأصبح حديثه حسنا. إذن الحديث في باب المتابعة أو الشاهد لا يشترط أن يكون راويه ثقة، لا، الحديث الذي فيه ضعف خفيف كذلك يصلح في الشواهد و المتابعات هذا معنى كلام ابن الصلاح هاهنا، لذلك تجد في الصحيحين بعض الرواة الذين فيه شيء من الضعف و يقول لك فيه رواه البخاري مقرونا، بعض الرواة تجدهم يقولون لك رواه البخاري مقرونا أي مقرونا بغيره ممكن أن يكون غيره ثقة فالعمدة يكون على الثقة و هذا مجرد متابعة يزيد القوة قوة أو أن يكون غيره ضعيفا ضعفا خفيفا فينجبر حديثه و يكون ضعف هذا مع ضعف هذا أي يتقو بالآخر فينجبر حديثهما، هذا معنى كلام ابن الصلاح رحمه الله.
قال: ولهذا يقول الدارقطني في بعض الضعفاء: " يصلح للاعتبار "يعني يصلح للشواهد و المتابعات أي أنه ضعيف لا يقبل حديثه استقلالا بنفسه، لا، يقبل حديثه إذا وجدنا له شاهدا أو متابعا. هذا معنى كلام الدارقطني "يصلح للاعتبار" أو "لا يصلح أن يعتبر به" أي ضعفه شديد، معناه لا يصلح في باب الشواهد و المتابعات. و الله أعلم.
طيب الآن نأخذ مثالا، هذا المثال تنطبق فيه المتابعة القاصرة و المتابعة التامة و الشاهد أيضا. وجدنا له متابعة قاصرة و متابعة تامة و وجدنا له شاهدا أيضا بناء على ما ذكرنا أن الشاهد إن اختلف الصحابي و ليس على ما ذهب إليه ابن الصلاح رحمه الله.
روى الإمام الشافعي رحمه الله – هذا المثال موجود عندكم في الحاشية ذكره الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إذا أحببتم أن تنظروا إليه انظروا إليه في التعليق على آخر الموضوع، في آخر الموضوع و الله أعلم علق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بكلام طويل إلى أن قال: قال الحافظ ابن حجر قد يسمى الشاهد متابعة أيضا و الأمر سهل ثم قال مثال : ما اجتمع فيه المتابعة التامة و القاصرة و الشاهد:
ما روى الشافعي في الأم – ركزوا الآن معي – عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "الشهر تسع و عشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال و لا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "هذا حديث بين أيدينا، من يرويه ؟ مالك عمن ؟ عن عبد الله بن دينار عمن ؟ عن ابن عمر يروي هذا الحديث، ركزوا على آخره " فأكملوا العدة ثلاثين ".
قال فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك فعدوه من غرائبه لماذا؟ من غرائب مالك ؟ لأنه تفرد بهذا اللفظ عن الإمام مالك رحمه الله، قال لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد بلفظ "فإن غم عليكم فاقدروا له "، الآن المثال ليس عن أصل الحديث، أصل الحديث رواه عن مالك مجموعة و لكن اللفظ هذا " فأكملوا العدة ثلاثين " لم يروه عن مالك بهذا اللفظ إلا الإمام الشافعي رحمه الله فقالوا الإمام الشافعي رحمه الله تفرد بهذا اللفظ فهو من غرائب الشافعي. لكن بعد البحث و التفتيش وجدنا أن عبد الله بن مسلمة القعنبي روى نفس الحديث في البخاري عن مالك، الآن كل واحد منكم يجيب نفسه، عبد الله بن مسمة القعنبي روى الحديث نفسه بنفس لفظ الشافعي رحمه الله عن مالك هذه المتابعة ماذا تسمى؟ تسمى متابعة تامة لماذا ؟ لأن عبد الله بن مسلمة القعنبي رواه عن مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر، نفس الإسناد تماما من أوله إلى آخره، نفس الإسناد الذي رواه الشافعي تماما فتسمى هذه المتابعة متابعة تامة، هذه أول صورة، حصلنا على متابعة تامة عند البخاري في الصحيح. إذن نقول عبد الله بن مسلمة القعنبي تابع الإمام الشافعي متابعة تامة في شيخه مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر، هذه نسميها متابعة تامة. تمام.
ثم قال: و وجدنا له متابعة قاصرة في صحيح بن خزيمة من رواية عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبد الله بن عمر بلفظ " فأكملوا ثلاثين" هذه إيش تسمى ؟ متابعة قاصرة، لأنه لم يتابعه في مالك، بحثنا فلم نجد أحدا رواه مالك إلا عبد الله بن مسلمة القعنبي مثلا و الشافعي، ثم بحثنا لعلنا نجد من رواه عن مالك غير هؤلاء ما وجدنا مثلا و إلا فقد قيل بأنه موجود، فلم نجد أحدا، ثم بحثنا من رواه عن عبد الله بن دينار غير مالك فما وجدنا ثم بحثنا من رواه عن بن عمر غير عبد الله بن دينار فوجدنا عند بن خزيمة، فرواية عاصم بن محمد عن أبيه عن جده الذي هو عبد الله بن عمر ،هذه متابعة قاصرة، لأنه لم يتابعه في شيخه إنما تابعه في بن عمر ، الوحيد المشترك معنا هنا في الإسناد الأول و هذا الإسناد هو ابن عمر، فهذه تسمى متابعة قاصرة بلفظ " فأكملوا ثلاثين".
و في صحيح مسلم من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر – لاحظ هذه إيش تسمى الآن ؟ بلفظ "فاقدروا ثلاثين" ، هذه إيش تسمى الآن؟متابعة قاصرة لأن عبيد الله بن عمر ليس هو المذكور في الرواية الأولى و لا نافع هو المذكور في الرواية الأولى إنما هو ابن عمر الصحابي فقط، إنما الاشتراك في الصحابي فقط فهذه متابعة قاصرة لم يتابعه في شيخه مباشرة بل تابعه فيمن هو أعلى من ذلك بلفظ " فاقدروا ثلاثين " ، اللفظ الأول "فأكملوا العدة ثلاثين" اللفظ الثاني " فاقدروا ثلاثين " المعنى واحد أم لا ؟ المعنى واحد، معنى الحديث واحد و الصحابي واحد فهي متابعة قاصرة.
ثم قال ووجدنا له شاهدا رواه النسائي من رواية محمد بن حنين عن بن عباس، اختلف الصحابي أم لم يختلف؟ اختلف، الصحابي هناك ابن عمر و الصحابي هنا بن عباس. ننظر في اللفظ الآن، عن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر مثل حديث عبد الله بن دينار عن بن عمر بلفظه سواء– نفس اللفظ - "فأكملوا العدة ثلاثين"نفس اللفظ. بما أن الصحابي اختلف ماذا نسميه؟ نسميه شاهدا إن كان اللفظ متحدا، عند ابن الصلاح لا،يقول لك هذه متابعة أخرى بن عباس تابع الشافعي رحمه الله عليه متابعة قاصرة لكن الصحيح أن هذا يعتبر شاهدا لماذا؟ لأن الصحابي اختلف. هذا هو الضابط الصحيح و نمشي عليه إن شاء الله، بعد ذلك لن نذكر مذهب ابن الصلاح، نمشي على هذا، بما أن الصحابي اختلف سواء كان اللفظ واحدا أو المعنى واحد يكون شاهدا بس لابد أن يكون اللفظ إما متحدا أو المعنى واحد،مش يكون هذا حديث و هذا حديث مستقل لا علاقة بينما لا، فتنبه، اللفظ إما أن يكون متحدا في اللفظ أو المعنى واحد حتى نسميه شاهدا أو متابعا، فلابد أن يتحد باللفظ أو بالمعنى. فإذا اتحد باللفظ أو بالمعنى و كان الصحابي نفسه يسمى متابعة، إذا اختلف الصحابي يسمى شاهدا.
ثم ذكر شاهدا آخر فقال و رواه البخاري من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ "فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين "و ذلك شاهد بالمعنى. فأتى له بشاهد باللفظ و شاهد بالمعنى و لكن كون الصحابي اختلف سمي شاهدا. هذا هو الفرق بين الشاهد و المتابعة.
هذا الموضوع كما ذكرنا مهم جدا و إتقانه لابد منه فادرسوه و راجعوه و من كان عنده إشكال أو لم يفهم جيدا أعدنا له شرح ما لم يفهمه.