تفسير سورة الأعراف (52-53)

سورة الأعراف (52-53)

{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) }

{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ} أي أقسم يا محمد لقد جئنا هؤلاء الكفرة {بِكِتَابٍ} يعني القرآن الذي أنزله على نبيه إليهم {فَصَّلْنَاهُ} بيناه، فهو مبين فيه الحق من الباطل، ومبين فيه ما يحتاجه العباد {على علم} منا لما يصلحهم، قال السعدي: على علم من الله بأحوال العباد في كل زمان ومكان، وما يَصلح لهم وما لا يَصلح، ليس تفصيله تفصيلَ غيرِ عالم بالأمور، فتجهله بعض الأحوال، فيحكم حكماً غير مناسب، بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء، ووسعت رحمته كل شيء {هُدًى وَرَحْمَةً} أي: جعلنا القرآن هادياً وذا رحمة {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} قال السعدي: أي: تحصل للمؤمنين بهذا الكتاب الهداية من الضلال، وبيان الحق والباطل، والغيّ والرشد، ويحصل أيضا لهم به الرحمة، وهي: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، فيُنتفى عنهم بذلك الضلال والشقاء.

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53)}

{هَلْ يَنْظُرُونَ}أي: هل ينتظر الكفار {إِلَّا تَأْوِيلَهُ} إلا وقوع ما أخبروا به من العذاب الأليم، أي هل ينتظرون إلا ما يؤول إليه -أي ما يصير إليه- أمرهم في العذاب ومصيرهم إلى النار {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} ما يؤول إليه أمرهم، أي ما يصير إليه أمرهم يوم القيامة، وهو العذاب {يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ} يقول الذين تركوا ما أمروا به من الإيمان والعمل بطاعة الله في الدنيا {قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} اعترفوا به حين لا ينفعهم الاعتراف {فَهَلْ لَنَا} اليوم {مِنْ شُفَعَاءَ} وسطاء من أولياء وأصدقاء {فَيَشْفَعُوا لَنَا} عند الله فتنجينا شفاعتهم من العذاب {أَوْ نُرَدُّ} إلى الدنيا {فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فنعمل بما يرضي الله من الإيمان والطاعة، ونترك ما كنا نعمل من الكفر والمعاصي، أي أنهم يتمنون هذا أو هذا {قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} بدخولهم النار وخلودهم فيها {وَضَلَّ} وبطل وذهب {عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي ذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله فلا يشفعون فيهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه.