تفسير سورة الأنعام [154-157]

تفسير سورة الأنعام [154-157]

{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) }

{ثُمَّ} قل يا محمد مخبراً عنا بأنا {آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} التوراة {تَمَامًا} كاملاً جامعاً لجميع ما يحتاج إليه في شريعته {عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} أي جزاء على إحسانه في العمل، وقيامه بأوامرنا وطاعتنا{وَتَفْصِيلًا} بياناً {لِكُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه من شرائع الدين {وَهُدًى وَرَحْمَةً} هذا في صفة التوراة {لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} كي يؤمنوا بالبعث ويصدقوا بالثواب والعقاب.

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}

{وَهَذَا} يعني: القرآن {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} إليكم على محمد صلى الله عليه وسلم {مُبَارَكٌ} كثير الخير والنفع {فَاتَّبِعُوهُ} فاعملوا بما فيه {وَاتَّقُوا} الله، خافوه، أطيعوا أمره واجتنبوا نهيه {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ليرحمكم الله فتنجوا من عذابه، وتفوزوا بثوابه. قال ابن كثير: فيه الدعوة إلى اتباع القرآن، ووصفُه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة. انتهى

{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156)}

{أَنْ تَقُولُوا} يعني: أنزلناه لئلا تقولوا {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} يعني: اليهود والنصارى {وَإِنْ كُنَّا} وقد كنا {عَنْ دِرَاسَتِهِمْ}قراءتهم {لَغَافِلِينَ}لا نعلم ما هي، ولا نفهم ما يقولون، فتجعلون هذا عذراً لكم. فمعناه أنزلنا عليكم القرآن لئلا تقولوا إن الكتاب أنزل على من قبلنا بلسانهم ولغتهم فلم نعرف ما فيه وغفلنا عن دراسته، فتجعلونه عذراً لأنفسكم.

{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) }

{ أَوْ تَقُولُوا} ولئلا تقولوا أيها المشركون {لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ} أي لو أنزل علينا كتاب كما أنزل على اليهود والنصارى {لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ } لكنا خيراً منهم، وأحسن استقامة، فقال الله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} حجة واضحة من ربكم، كتاب بلسانكم بلغة تعرفونها {وَهُدًى} بيان للحلال والحرام، وهدى لما في القلوب {وَرَحْمَةٌ} من الله لعباده الذين يتبعونه {فَمَنْ أَظْلَمُ} أي لا أحد أشد ظلماً {مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ} بحجج الله تعالى {وَصَدَفَ} أعرض {عَنْهَا سَنَجْزِي} سنعاقب {الَّذِينَ يَصْدِفُونَ} يعرضون {عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ} عقاباً شديداً في نار جهنم {بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} بسبب إعراضهم عن آياتنا.