تفسير سورة النساء 114-115

تفسير سورة النساء 114-115

{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)}

{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} عامة في حق جميع الناس، أي لا خير في كثير مما يدبره الناس بينهم {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} إلا من حث على الصدقة، فالنجوى في هذا فيها خير {أَوْ مَعْرُوفٍ} أي: بطاعة الله وما يعرفه الشرع، المعروف: هو كل ما أمر الله به أو ندب إليه من أعمال البر والخير {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} الإصلاح بين المتنازعين والمختصمين، والإصلاح بينهم بما أباح الله؛ ليتراجعا إلى ما فيه التآلف واجتماع الكلمة على ما أذن الله وأمر به {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} أي: هذه الأشياء التي ذكرها {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} أي: يريد بذلك ويطلب رضا الله وثوابه {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ} نعطيه {أَجْرًا عَظِيمًا} أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً.

{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}

{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} أي: يخالفه، فيكون هو في شق والرسول صلى الله عليه وسلم في شق {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} من بعد ما تبين له الحق من صدق الرسول وما جاء به {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: غير طريق المؤمنين، وهم الصحابة الذين كانوا موجودين عند نزول هذه الآية {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} نحرقه في جهنم {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} وساءت جهنم موضعاً ومرجعاً يصير إليه.