تفسير سورة النساء 13-14

تفسير سورة النساء 13-14

{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}

{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ} أي هذه القسمة التي قسمها لكم ربكم، والفرائض التي فرضها لأحيائكم من موتاكم؛ هي حدود الله، يعني فصول ما بين طاعة الله ومعصيته في قسمة المواريث {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} في العمل بما أمره به في قسمة المواريث وغيرها من الطاعات التي أمر الله ورسوله بها {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} يعني بساتين {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} تجري من تحت غروسها وأشجارها أنهار الماء واللبن والعسل والخمر {خَالِدِينَ فِيهَا} باقين فيها أبداً لا انقطاع لبقائهم فيها، فلا يموتون فيها ولا يفنون، ولا يخرجون منها {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وإدخال الله إياهم الجنان التي وصفها بما وصفها به؛ هو الفوز العظيم يعني الربح والفلاح العظيم.

{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}

{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ} فلا يعمل بما أمر به في قسمة المواريث وغيرها مما أوجب الله عليه {وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} ويتجاوز فصول طاعته التي جعلها تعالى فاصلة بينها وبين معصيته إلى ما نهاه عنه من قسمة التركات وغيرها {يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} باقيا فيها أبدا لا يموت ولا يخرج منها أبداً {وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} وله عذاب مذل ومخز له.

قال السعدي رحمه الله: ويدخل في اسم المعصية؛ الكفر فما دونه من المعاصي، فلا يكون فيها شبهة للخوارج القائلين بكفر أهل المعاصي؛ فإن الله تعالى رتب دخول الجنة على طاعته وطاعة رسوله، ورتب دخول النار على معصيته ومعصية رسوله؛ فمن أطاعه طاعة تامة دخل الجنة بلا عذاب، ومن عصى الله ورسوله معصية تامة -يدخل فيها الشرك فما دونه- دخل النار وخلد فيها، ومن اجتمع فيه معصية وطاعة؛ كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية.

وقد دلت النصوص المتواترة على أن الموحدين الذين معهم طاعة التوحيد، غير مخلدين في النار، فما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود فيها. انتهى