تفسير سورة آل عمران 98-100

تفسير سورة آل عمران 98-100

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98)}

{قُلْ} يا محمد لليهود والنصارى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} يا أهل التوراة والإنجيل {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ} استفهام إنكار وتعنيف، أي لأي سبب تكفرون بآيات الله، وآيات الله: الحجج والبينات التي في التوراة والإنجيل والقرآن التي تدل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء به حق {وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} أي: عليم به مطلع عليه، لا يخفي عليه ما تعملون، وسيجازيكم عليه.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)}

{ قُلْ} لهم يا محمد أيضاً {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي: لأي سبب تصرفون عن دين الله، وتمنعون { مَنْ آمَنَ} باللهِ وبمحمد وبالقرآن، بإضلالكم ضعفة المسلمين، وإلقاء الشبه والشكوك في قلوبهم {تَبْغُونَهَا } تطلبون السبيل { عِوَجًا } زيغاً وميلاً، أي تطلبون لسبيل الله الذي هو دينه الحق وطريقه المستقيم، اعوجاجًا وميلًا عن القصد والاستقامة { وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} وأنتم تعلمون أن صفة محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبة في التوراة والإنجيل، وأن الإسلام الذي جاء به هو دين الله الذي لا يقبل غيره {وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل يعلمه وسيجازيكم عليه.

قال ابن كثير: هذا تعنيف من الله تعالى للكفرة أهلِ الكتاب على عِنادِهم للحق، وكفرِهم بآيات الله، وصدِّهم عن سبيل الله مَن أراده من أهل الإيمان بجُهدهم وطاقتهم، مع علمهم بأن ما جاء به الرسولُ حقٌ مِن الله، بما عِندَهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين والسادةِ المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وما بَشّروا به ونَوّهُوا به من ذكر النبي الأمي الهاشمي العربي المكي سيدِ ولدِ آدم، وخاتَمِ الأنبياء، ورسولِ ربِّ الأرض والسماء، وقد تَوَّعَدهم اللهُ على ذلك، وأخبر بأنه شهيد على صنيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء ومعاملتِهم الرسولَ المبشرَ به بالتكذيب والجحود والعناد، فأخبر تعالى أنه ليس بغافل عما يعملون، أي وسيجزيهم على ذلك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون. انتهى

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)}

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } هذا خطاب للمؤمنين وتحذير لهم { إِنْ تُطِيعُوا} أي تسمعوا لهم وتأخذوا بقولهم {فَرِيقًا} أي جماعة، وهم الذين يريدون صدكم عن دين الله { مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } من اليهود والنصارى { يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} أي طاعتكم لهم تؤدي بكم إلى الكفر بالله بعد إيمانكم، والكفر: يوجب الهلاك في الدنيا والدين، أما في الدنيا فبوقوع العداوة والبغضاء وهيجان الفتنة المؤدي إلى سفك الدماء. وأما الدين فواضح.

قال قتادة: «قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون، وحذركم وأنبأكم بضلالتهم، فلا تأمنوهم على دينكم ولا تنتصحوهم على أنفسكم، فإنهم الأعداء الحسدة الضلال، كيف تأتمنون قوما كفروا بكتابهم، وقتلوا رسلهم، وتحيروا في دينهم، وعجزوا عن أنفسهم؟ أولئك والله هم أهل التهمة والعداوة». انتهى

وقال الطبري رحمه الله: فنهاهم جل ثناؤه أن ينتصحوهم، ويقبلوا منهم رأيا أو مشورة، ويُعْلِمهم تعالى ذكره أنهم لهم منطوون على غل وغش وحسد وبغض. انتهى

وهذا الذي حصل اليوم خالف الكثير من المسلمين أمر الله هذا، فأطاعوهم فردوهم بعد إيمانهم كافرين، ردوهم إلى العلمانية والشيوعية ووحدة الأديان وغيرها من الدعوات الكفرية، هذا حال من لا يهتم بتعلم دينه ولا ينقاد له.