دعوتنا

دعوتنا

قال الله تبارك وتعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا } [ آل عمران: 103] ، وقال { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر : 7] ، وقال { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً } [النساء:115] وقال – عز وجل - : { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني } [يوسف:108] فعملاً بهذه الآيات ندعوا المسلمين إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة ، والمنهج الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام – وهم السلف الصالح - ومن اتبعهم بإحسان فهو ( الدين القيم ) ، أي : الإسلام المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ، وهو الذي ينجي الناس في الدنيا والآخرة من الانحرافات والبدع والخرافات ، ومن عذاب النار وشديد العقوبات. قال تعالى : {يا أَهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيِّنُ لكم كثِيرًا مما كنتم تُخفُون من الْكتاب ويعفو عن كثِير قد جاءكم من اللَّه نُورٌ وكتابٌ مُبِين _ يهْدي به اللَّهُ من اتَّبَعَ رضْوانهُ سُبُل السَّلام وَيُخْرِجُهُمْ من الظُّلُمات إِلى النُّورِ بِإِذْنه ويهْديهِم إِلى صراط مُستقِيم } [ المائدة :15- 16] وقال: { إِنَّ اللَّه هو ربِّي وربُّكُمْ فاعْبُدُوهُ هذا صراطٌ مُستقِيمٌ (64) فاختلف الْأَحزابُ من بينِهِمْ فويلٌ للذين ظلمُوا منْ عذاب يوم أَلِيم (65) } [الزخرف: 64 - 65 ]. ولا يعني ذلك أننا ندعوهم إلى نبذ الحضارة النافعة ، والصناعات العائدة على الناس بالخير والتطوُّر والرقي ؛ فإن الإسلام الصحيح لا يتعارض مع ما يعود على الناس بالنفع والخير الخالص أو الأغلبي ؛ وإنما يحرِّم ما كانت مفسدته مثل أو أكبر من مصلحته ، ويعود على الناس بالضرر في دينهم ودنياهم .

و ندعوا المسلمين إلى عدم الانجرار خلف الغرب في كل شيء دون التحقُّق منه والنظر فيه ؛ هل يتوافق مع ديننا وأخلاقنا ومجتمعاتنا أم لا؛ فإن ( الدين القيم ) قد جاءنا بكل خير يصلح البشريّة ويحتاج إليه الناس ، وعلمنا إياه ؛ فلا مقارنة بين أخلاق الإسلام وأخلاق الغرب وما وافق فيه الغرب الصواب فقد سبقهم إليه الإسلام ، وكم تخبّط الغرب في مسائل حاولوا التخلُّص فيها من الباطل الذي وقعوا فيه؛ فانقلبوا إلى ضدِّه ، فكانوا في تفريط وتقصير ، فوقعوا في إفراط وغلوٍّ، أو العكس ؛ نظراً إلى أنهم لا يعتمدون على شريعة ربانيّة كما هو الحال عند المسلمين فعندما تولّت الكنيسة عندهم زمام الأمور ؛ تدمَّر حالهم ، وتخلَّفوا ، وانتشر بينهم الظلم والجهل ، فانقلبوا عليها ، وتولّى الأمر بعدها العلمانيِّون الذين حوَّلوا الكثير من الأمور بطريقة عكسيّة ظنّوها صواباً وإنما كان تقدُّمهم بسبب اهتمامهم بالعلم ، وصدق نيّتهم وعلوِّ همَّتهم للخروج من الفساد الذي كانوا عليه وأما المسلمون ؛ فعندما تولّى الإسلام زمام الأمور ، تحوَّل حال العرب من الفساد والظلم والجور ؛ إلى الرقيِّ والصلاح والخير والعدل، وارتقى بهم من أرذل الأخلاق إلى أعلاها ، وبنوا حضارة ، نفعوا بها العالم أجمع ، ولم يستطع الغرب على كثرة ما أخفوا من حقائق حولها ؛ أن يتخلّصوا من الدلائل عليها ؛ بل كثير من حضارة الغرب قامت على الحضارة الإسلامية وبعد أن ضعف الوازع الديني في نفوس الناس ، وانشغلوا بأهوائهم وملذّاتهم ورغباتهم، وسيطر على المسلمين أهل البدع والخرافات من الصوفيّة وغيرهم ؛ تراجعوا وتخلّفوا ؛ وووصلوا إلى الحال الذي كان عليه الغرب عندما سيطرت عليهم الكنيسة ، وظن العلمانيون بجهلهم بـ ( الدين القيم ) أن الحال عند المسلمين يجب أن يكون كالحال عند الغربيين ، فنبذوا الإسلام وراء ظهورهم ، فلا هم تمسّكوا بالإسلام ، ولا وصلوا إلى ما وصل إليه الغرب ونحن نعتقد وندين الله بما قاله الإمام مالك – رحمه الله - : " لايَصلحُ آخر هذه الأمة إلا بما صَلَحَ به أوّلُها " ، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " (1 )

و ندعوا الناس إلى الحذر من الجماعات والطوائف والفرق المنحرفة عن ( الدين القيم ) الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في عدّة أحاديث (2 ) أن هذه الأمة ستبتلى بكثرة الفرق المنحرفة عن الطريق المستقيم ، والواقع شاهد على ذلك ،وسنبيّن الطائفة المنصورة الناجية عند الله – تبارك وتعالى - ، والفرق المنحرفة في موقعنا هذا - إن شاء الله.

وندعوا الناس إلى تعلُّم العلم الشرعي ، والتفقّه في دين الله،ومعرفة ما دعا إليه من عقيدة وأحكام وأخلاق ، والانشغال بالكتاب والسنّة تعلُّماً وعملاً ؛ فإنه السبب في إيجاد البشر وخلقهم ، كما قال – تبارك وتعالى - : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات :56 ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه أبو داود ( 3462 ) ، وغيره

(2) منها قوله صلى الله عليه وسلم : " ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة ... " انظر الكلام عليه في موقعنا ، فقرة الفرق والجماعات المعاصرة ، المبحث الأول . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا فسد أهل الشام ... " انظر الكلام عليه في موقعنا ، فقرة " شرح الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين " شرح الحديث الأول .