الدرس الرابع والأربعون

[الدرس الرابع والأربعون]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد..
قال المؤلف رحمه الله: باب اللعان

اللعان لغة: مصدر لعَنَ، مأخوذ من اللعن وهو الطرد والإبعاد.
وأما شرعاً: فهو شهادات مؤكَّدات بأيمانٍ من الجانبين، من جانب الزوج والزوجة، مقرونة بلعن من الزوج وغضبٍ من الزوجة، كما سيأتي التفصيل
.
قال المؤلف رحمه الله:((إذا رمى الرجل امرأته بالزنا ولم تُقِرَّ بذلك ولا رجع عن رميه لاعنها . فيَشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين .ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين
))
ذكر المؤلف رحمه الله هاهنا سبب اللعان وكيفيته، ما هو سبب اللعان؟ وكيف يكون اللعان بين الزوجين؟

أما سببه فأن يرمي الرجل زوجته بالزنا، فإن أقرت، إذا رمى الزوج امرأته في الزنا، فإن أقرَّت رُجمت، لأنها متزوجة والزانية المتزوجة الثيب تُرجم، وإن أنكرت لزِم الزوج أن يأتي بأربعة شهود، فإن لم يفعل أو لم يستطع فإما أن يتراجع وعندئذ يُجلد حد القاذف، أو لا يتراجع ولا يأتي بالشهود فيلزمه أن يلاعنها، هذه هي القصة كلها.
وأما كيفية الملاعنة: فأن يقول الزوج أولاً، يبدأ الزوج ويقول عند الحاكم: أَشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا، ويشير إليها إن كانت موجودة، فإن لم تكن موجودة يسمِّها باسمها بما تُعرف به، يفعل ذلك أربع مرات، أربع مرات يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا، أربع مرات، الخامسة ماذا يقول؟ يلعن نفسه ويقول: لعنة الله عليّ إن كنتُ من الكاذبين، هذه الخامسة، خمس مرات
.
ثم تقول المرأة أربع مرات: أَشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة: غضَب الله علي إن كان من الصادقين، ثم يفرَّق بينهما
.
وكذلك يفعلون إذا نفى الرجل حمل امرأته، إذا كانت زوجته حامل ونفى الحمل قال: هذا الحمل ليس لي كذلك يلاعن الرجل زوجته، ودليل اللعان قول الله تبارك وتعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [ النور/4-9]، لذلك في الخامسة تقول: غضَب الله علي إن كان من الصادقين، ووردت فيه عدة أحاديث في الصحيحين، منها حديث ابن عمر وقد سئل ابن عمر: المتلاعنان أيفرَّق؟ بينهما؟ أي بعد أن يتلاعنا، يفرق بينهما؟ قال: سبحان الله نعم يفرق بينهما، إن أول من سأل عن ذلك-يقول ابن عمر- فلان بن فلان، قال : يا رسول الله : أرأيت إن وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ فسكت النبي فلم يجبه، ثم أتاه الرجل فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتُليت به، فأنزل الله الآيات من سورة النور { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...} فتلاهنَّ عليه ووعظه وذكّره، النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا على الرجل هذه الآيات ووعظه وذكَّره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، يعني إذا كنت كاذباً عليها فارجع من الآن فعذاب الدنيا، تُجلد في الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبتُ عليها، ثم دعاها (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) فوعظها وذكَّرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، قالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرّق بينهما
.
قال المؤلف رحمه الله:(( وإذا كانت حاملاً أو كانت قد وضعت أدخل نفي الولد في أيمانه)) إذا كانت حامل كان بالطبع ينفي هذا الولد الذي في بطنها أو كانت قد وضعت الولد ويتهمها بالزنا وأن هذا الولد ليس ولده، قال: يدخل الولد في أيمانه، أي أنه ينفي، يقول أيضاً الولد ليس بابني، لكن هذا الذي ذكره المؤلف ليس عليه دليلاً صحيحاً، فالأدلة في الصحيحين تدل على خلاف ما ذكره رحمه الله، ففي حديث ابن عمر المتقدم لفظ "اللعان" مذكور اللفظ وليس فيه الانتفاء من الولد، مع أن المرأة كانت حاملاً كما في بعض الروايات، ففي رواية" وكانت حاملاً فكان ابنها يُدعى إلى أمه ثم جرت السُّنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها" وفي رواية ابن عمر نفسه قال:"ففرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بأمه"، عندما سئل ابن عمر عن ذلك، قال: نعم، فهذا يرد على ما ذكره المصنف رحمه الله ولكن لا شك أن الرجل يجب أن ينتفي من الولد كما في رواية ابن عمر كي لا يُنسب إليه إذا كان يتهم المرأة هذه بالزنا وأن هذا الولد الذي في بطنها ليس له، فلا بد أن يعلن انتفاءه من الولد، وأما الإدخال في الأيمان فهذا الذي لا نعرف عليه دليلاً
.
قال المؤلف رحمه الله:((ويفرِّق الحاكم بينهما . وتحرم عليه أبداً)) تفريق الحاكم بينهما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرّق بين المتلاعنين وقد تقدم في حديث ابن عمر، وأما أنها تحرم عليه أبداً ففي رواية أبي داود في حديث سهل قال: "حضرت هذا عند رسول الله، فمضت السُّنة بعدُ في المتلاعنَيْن أن يفرَّق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا" فالبينونة هنا تكون بينونة تامة لا ترجع إليه أبداً ولا يمكنه أن يتزوج بها مرة أخرى
.
قال المؤلف رحمه الله:((ويُلحق الولد بأمه فقط . ومن رماها به فهو قاذف
))
يُلحق الولد بأمه فقط ولا يُنسب إلى أبيه، لا ينسب إلى زوج المرأة ولكن يُلحق بالأم، ففي البخاري من حديث سهل قال:" وكان ابنها يُدعى إليها " يدعى بالولد: فلان ابن فلانة، وفي حديث ابن عمر " فكان ابنها يدعى إلى أمه
".
ومن رماها به فهو قاذف، من رماها بالزنا أو قال: إن الولد ولد زنا فهو قاذف قذف الأم بالزنا فعليه حد القذف جلد ثمانين جلدة، لأن المرأة تدخل في ضمن المحصنات، فهي داخلة في عموم قول الله تبارك وتعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ النور/4]، الشاهد أنه قال: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } وهذه المرأة محصنة لأنه لم يثبت عنها الزنا فلذلك لا يجوز رميها بالزنا ومن رماها بالزنا أو رمى الولد بأنه ابن زنا فيجب حد القذف في حقه فيُجلد ثمانين جلدة
.
قال المؤلف رحمه الله:باب العدة والإحداد

العدة : تقدم تعريفها وهي تربُّص المرأة مدة محددة شرعاً بسبب فرقة نكاح أو وفاة.
هذه العدة

والإحداد ويقال له الحِداد وهو مشتق من الحَدّ وهو المنع لأن المرأة تمنع نفسها الزينة والطيب عند الإحداد، وهو في الشرع : ترك الطيب والزينة.
قال المؤلف رحمه الله:((هي:-أي العدة- للطلاق من الحامل بالوضع. ومن الحائض بثلاث حيض. ومن غيرهما بثلاثة أشهر. وللوفاة : بأربعة أشهر وعشرا . وإن كانت حاملاً فبالوضع
))
عدة المطلقة الحامل تنتهي بوضع الحمل لقول الله تبارك وتعالى { وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [ الطلاق/4]، هذا بالنسبة لعدة الحامل، وأما عدة المطلقة التي تحيض، ثلاث حيض لقول الله تبارك وتعالى { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ } [ البقرة/228]، القرء يطلق على الحيض وعلى الطهر لذلك اختلف أهل العلم هل العدة هي في حقها الحيض أم الطهر؟ لكن الظاهر أن الصحيح في ذلك هو أنه الحيض، وغير الحامل والحائض عدتها ثلاثة أشهر، الصغيرة التي لم تحض بعد أو الكبيرة التي يئست من المحيض، هذه عدتها ثلاثة أشهر لقول الله تبارك وتعالى { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } [ الطلاق/4] أيضاً عدتهن ثلاثة أشهر، فالمرأة التي لا تحيض وليست حاملاً عدتها ثلاثة أشهر قمرية وليست أشهراً ميلادية، نحن ذكرنا من قبل أن أي توقيت بالأشهر في الشرع فمباشرة تفهم أن المراد بالأشهر الأشهر القمرية لا الميلادية، هذا المعتبر في شرع الله
.
وأما المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرا لقوله تبارك وتعالى { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } [ البقرة/234]، إلا إن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لدخولها في عموم الآية المتقدمة، { وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [ الطلاق/4]، هذه لفظة عامة تدخل فيها المطلقة المتوفى عنها زوجها، ولحديث سُبَيْعة الأسلمية مات زوجها وهي حامل ووضعت حملها بعد موته بقليل فتجهزت للخطاب، فقال لها أبو السنابل: والله ما أنتِ بناكحٍ حتى تمر عليكِ أربعة أشهر وعشر، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: أفتاني (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي" متفق عليه
.
فهذا يدل على أن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها
.
قال المؤلف رحمه الله:((ولا عدة على غير مدخولة)) أي المرأة إذا لم يُدخل بها أي لم يجامعها زوجها فهذه لا عدة عليها لقول الله تبارك وتعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } [ الأحزاب
/49].
قال رحمه الله : ((والأَمة كالحرة)) أي الأمة تعتد كما تعتد الحرة لا فرق بينهما ولا يصح حديث في تخصيص عدة الأَمة بحكمٍ مخالف لحكم عدة الحرة، والأحاديث التي يستدل بها مَن يفرِّق بين عدة الأمة فيجعل عدة الأمة حيضتين وبين عدة الحرة، أحاديث لا يصح منها شيء فيبقى عندنا الأصل العمومات التي وردت تنطبق على الحرة وعلى الأمة
.
قال: ((وعلى المعتدة للوفاة : ترك التزين
))
لقوله - صلى الله عليه وسلم - :"لا يحل لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِد فوق ثلاثة أيام إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرا" متفق عليه
.
انتهينا الآن من العدة، دخل على الإحداد، الإحداد يكون في حق المرأة التي توفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، أما غير الزوجة فلا يجوز للمرأة أن تحد على أحد إلا ثلاثة أيام وليس أكثر ، لظاهر هذا الحديث الذي معنا
.
والإحداد قلنا: هو ترك التزين والتطيب كما تقدم ، وهذا الحكم الذي ذُكر أن المرأة تحد على زوجها أربعة أشهر وعشر في غير الحامل، أما الحامل فبوضع الحمل ينتهي الإحداد، والإحداد يكون للموت فقط لا لغيره، والطلاق لم يرد ما يدل على الإحداد فيه ولم تكن نساء السلف يفعلنه، ثم معنى الإحداد التظهُّر بما يدل على الحزن لمفارقة الزوج بالموت، وهذا المعنى غير موجود في الطلاق فلذلك يختلف حكم الطلاق عن حكم الوفاة
.
قال:((والمكث في البيت التي كانت فيه عند موت زوجها أو بلوغ خبره
))
على المعتدة بالوفاة أن تمكث في البيت التي كانت فيه عند موت زوجها أو بلوغ خبره، يستدلون لذلك بحديث القُرَيْعة بنت مالك، عندما مات زوجها أرادت أن تخرج من بيتها وذكرت عذراً لها في ذلك، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - :"امكثي في بيتك الذي أتاكِ فيه نعي زوجكِ حتى يبلغ الكتاب أجله" حتى تنتهي فترة العدة، قالت: "فاعتددت فيه أربعة أشهرٍ وعشرا " وهذا الحديث هو عُمدتهم بأن المرأة إذا توفي عنها زوجها لا يجوز لها أن تبات خارج بيتها الذي مات زوجها وهي تسكنه، هذا الحديث هو عمدتهم في ذلك، وهذا الحديث من رواية زينب بنت كعب ابن عُجرة، الصحيح أنها تابعية ولا يصح حديث في كونها صحابية وهذا الذي رجحه المحققون من أهل العلم أنها تابعية، ذكرها ابن حبان في الثقات وروى عنها اثنان ولم يرد فيها تعديلٌ معتبر فهي مجهولة الحال والحديث عليها يدور، فإذا كان الحديث هذا ضعيفاً فلا يلزم المرأة أن تبيت في بيتها بل يجوز لها أن تبيت في غيره وتعتد حيث شاءت، وعن مقصودهم في المكث في بيتها والمبيت فيه عدم المبيت في غيره يبدأ في أول العدة عند الوفاة، فلو أنها لم تعلم بموته إلا بعد انتهاء مدة العدة، فلا عدة عليها، مدة العدة تبدأ بالموت، لا بالعلم به، لو أن الرجل مات في أول الشهر، وبلغ المرأة وفاته بعد شهرين، كم تعتد؟ تعتد شهرين وعشرة أيام، العدة تبدأ بوفاة الميت لا ببلوغ الخبر
.
قال المؤلف رحمه الله: ((وامرأة المفقود تَربَّص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة وهي امرأته ما لم تتزوج
))
المفقود هو من انقطع خبره ولا يُعلم أحيٌّ هو أم ميت؟ ودليل ما ذكره المصنف هو قول الشافعية قول عمر رضي الله عنه، قال في امرأة المفقود: "تتربص أربع سنين ثم تعتد بعد ذلك " وهذا فيه خبر، كان رجل من المسلمين خرج للصلاة إلى المسجد فأخذه الجن ولم يرجع إلا بعد مضي الأربع سنين، فأفتى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لزوجته بهذا، أنها تربَّص أربع سنين ثم تعتد بعد الأربع سنين ثم لها أن تتزوج، فجاء هذا الرجل بعد هذه المدة، سأله عمر أين كنت؟ تغيب عن زوجتك هذه المدة ثم ترجع؟ قال له: لي عذر؟ قال: فما عذرك؟ فقال: كنت سائراً إلى المسجد فأسرتني الجن، أخذوه أسيراً، قال: ثم بعد ذلك حصل غزو من جن مسلمين لجن كافرين، فأخذه الجن المسلمون أسيراً عندهم فتبين لهم أنه مسلم فقالوا له: لا يحل لنا أسرك فإن شئت أن تبقى عندنا بقيت وإن شئت أن ترجع إلى أهلك ارجع، فرجع إلى أهله، وهذه القصة صحيحة وهي في سنن البيهقي رحمه الله، فأفتى عمر هذه الفتوى وأخذ بها من أخذ من علماء الإسلام، وبعد سنين أربع تعتد عدة وفاة كأنه قد توفي، فإن لم تتزوج فمتى رجع فهو زوجها ترجع إليه، وإن تزوجت فإن دخل بها الثاني فلها المهر بما دخل بها ثم تعتد وترجع للأول، وترجع للأول هذا إذا أراد الأول، أما إذا لم يرد الأول فتبقى عند الثاني ويرجع بالمهر على الثاني ويأخذ منه المهر
.
وقال بعض أهل العلم: المدة يقدرها الحاكم على حسب الحال، ما يتقيد بالأربع سنوات ولكن يقدر الحاكم على حسب حال الذين يترافعون إليه