شرح البيقونية مفرغا -3 الجزء الثاني

شرح البيقونية -3 الجزء الثاني

نُكْمِلْ .

هذا بالنسبة لتعريف المرفوع والمقطوع .

البيت الأخير الذي سنأخذه في هذا الدرس وهو قول الناظم رحمه :

وَالُمسْنَدُ الُمتَّصِلُ الإسنادِ مِنْ رَاويهِ حتَّى الُمصْطفى ولْم يَبـِنْ .

يُعَرِّف الناظم رحمه الله هاهنا المُسند فيقول في تعريفه : هو المتصل الإسناد من راويه ؛ أي من أول الإسناد ( الذي رواه بداية ) أي مَخْرَج الحديث كالبخاري ومسلم وأحمد .

مِنْ رَاويهِ حتَّى الُمصْطفى ولْم يَبـِنْ ؛ أي من بدايته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقطع .

ولم يبن ؛ أي لم ينقطع .

فالمسند عند المصنف رحمه الله : المتصل الإسناد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

هذا تعريفه : المتصل الإسناد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هذا يسمى مُسنداً عند المصنف رحمه الله ، فإذا سمعت محدثاً يقول : هذا حديث مُسند فمعناه عند الناظم رحمه الله أنه حديث متصل الإسناد ومرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هذا معنى الحديث المسند في هذا الموضع .

وللحافظ ابن حجر رحمه الله تعريف آخر يخالف فيه الناظم بعض الشيء ، قال الحافظ ابن حجر بناءً على استقرائه لكلام أئمة الحديث وتصرفاتهم ، قال في تعريف المُسند : ما أضافه من سمع النبي صلى الله عليه وسلم إليه بسند ظاهره الاتصال .

فهو المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند ظاهره الاتصال ، عند الناظم بسند متصل ، إيش الفرق بين القولين ؟

الفرق بينهما أن ما فيه انقطاع خفيف كالتدليس والإرسال الخفي - وسيأتي تعريفهما إن شاء الله - هذا يدخل في المُسند عند أهل الحديث على قول الحافظ ، أما على قول الناظم فلا يدخل فيه ؛ فالذي فيه انقطاع خفيف لا يسمى مسنداً عند الناظم ، ويسمى مسنداً عند الحافظ ابن حجر .

هذا معنى المسند عند أهل الحديث .

الأسئلة على هذا الدرس :

السؤال الأول : يقول السائل : عندما نجد عدة أحاديث في نفس السياق يمكننا أن نُحَسِّنه ؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب : ما المقصود بنفس السياق ؟

إذا كنت تعني : عدة أحاديث بنفس المعنى ، وهذه الأحاديث وردت بطرق ضعيفة؛ ولكن ضعفها خفيف وليس شديداً ، فنعم يُحسَّن الحديث .

وهذا النوع الذي يسمى : الحسن لغيره ، أي أن الحديث في أصله يكون ضعيفاً ؛ في سنده راوٍ ضعيف ، لكن هذا الضعف ليس شديداً بحيث يقال في الراوي متروك أو كذاب ، لا ، ضعفه خفيف يقال فيه : ضعيف ، سيء الحفظ ، كلمة كهذه تُبين بأن ضعف هذا الراوي خفيف .

ووجدنا حديثاً آخر كذلك ، فيه ضعف خفيف والمعنى واحد ، من الممكن أن نقوِّي أحد هذين الحديثين بالآخر ويرتقي الحديث ويصبح حسن لغيره . هذا هو الحسن لغيره .

السؤال الثاني : نعلم أن العلماء قد اختلفوا فيما يخص الاستدلال بالحديث الضعيف وبالأخص في فضائل الأعمال ، فما قولكم شيخنا في هذه المسألة ؟ أرجو التوضيح بالتفصيل وبارك الله فيكم .

الجواب : الاستدلال بالحديث الضعيف واستنباط حكما شرعيا منه ؛ هذا ليس فيه خلاف أنه لا يجوز فيما أعلم . أما في فضائل الأعمال ، فالمراد من ذلك أن تَذكر حديثاً يدل على فضل العمل مع أن العمل في أصله ثابت في حديث صحيح . مثلاً : الترغيب بركعتي الفجر (الترغيب بسنة الفجر ) ورد فيها أحاديث صحيحة كثيرة تدل على شرعيتها وأنها مشروعة ، فإذا رَوَيت بعد ذلك حديثاً يدل على فضلها فقط وهذا الحديث لم يكن شديد الضعف وبيَّنت ضعفه للناس الذين رويت لهم هذا الحديث ، فإذا كانت المسألة بهذه الشروط وبهذه القيود ، هنا وقع الخلاف بين أهل الحديث ، هل يُروى الحديث الضعيف في فضائل الأعمال أو لا يُروى ؟ الذين قالوا يُروى ، قيَّدوا الأمر بهذه الشروط : أن تبيِّن أن الحديث ضعيف ، وأن لا يكون الحديث شديد الضعف ، وأن يكون الحكم الذي فيه ثابتا بحديث آخر صحيح .

أنت عندما تحتاج أن تَذكر حديثا وتتقيد بهذه القيود ماذا تريد أن تفعل به ؟ عندما تأتي تحدث الناس حديثاً في فضائل الأعمال وتقول لهم : هذا الحديث ضعيف ، ما الفائدة ؟

فالراجح أن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تُنسب إليه ينبغي أن يكون الإنسان متحرزاً فيها، ولا يذكر إلا الأحاديث الصحيحة ، وفي الأحاديث الصحيحة بحمد الله غنية عن كل الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال وفي غيرها ، يوجد عندنا أحاديث صحيحة في فضائل الأعمال الصحيحة الثابتة أحاديث كافية لمن وفقه الله سبحانه وتعالى للعمل بطاعته .

السؤال الثالث : ما المقصود بالانقطاع الخَفي ؟

الجواب : الانقطاع الخفي ، المقصود به أن يكون هناك إرسالاً خفياً أو تدليساً في الإسناد . إرسالاً خفياً : أي أن يكون الراوي قد عاصر شيخه ولكنه لم يسمع منه . هذا يسمى إرسالا خفيا ( مخفيا ) ربما ينطلي أمره على بعض طلبة العلم ، لذلك يسمى انقطاعاً خفيفاً ، وسيأتي تفصيل هذا كله إن شاء الله في مواضعه .

السؤال الرابع : هل صحيح أن الشيخ الألباني متساهل في التصحيح والتحسين ؟

الجواب : الشيخ الألباني رحمه الله إمام من أئمة أهل الحديث مجتهد ، له رأيه وله اجتهاداته التي بناها على العلم ، فهو عالم مجتهد ، وأحكامه معتمَدة - رحمه الله - فهو إمام .

السؤال الخامس : ما معنى الحسن لذاته ؟

الجواب : الحسن لذاته : هو حديث حسن بإسناده الذي ورد فيه ، وليس محتاجاً إلى تقوية خارجية كي يصبح حسناً بها . حسن لغيره أي جاءته قوة من الخارج وأصبح حسناً ؛ أي لوجود غيره من الأسانيد قد دعمه ، أما الحسن لذاته : لا يحتاج لإسناد آخر لكي يصبح حسنا ، هو داعم نفسه بنفسه فأصبح حسناً لذاته أي لنفسه وليس محتاجاً لغيره كي يكون حسناً لغيره .

هذا المعنى بشكل سهل .

السؤال السادس : ما هي أهم الفوارق بين منهج أهل الحديث ومنهج المَلِيْبَاريين ؟ ومَن هم أهم رؤوسهم ؟

الجواب : المهم - بارك الله فيك – أن تعلم منهج أهل الحديث المعروف هو ما قُرِّر وكُتِب في كتب المصطلح . فالمهم لطالب العلم أن يكون مجتهداً وعارفاً بمصطلحات أهل العلم ، ويكون قصده هو الوصول إلى الحق وليس قصده الطعن في كتب أهل العلم وكتب السنة .

الحذر الحذر من الطعن في كتب السنة وخصوصاً صحيح البخاري وصحيح مسلم ، ينبغي على المسلم أن يكون عنده من الورع والتقوى ما يجعله يتوقف عند ما توقف عنده علماء الحديث الذين قبله ولا يتجاوز ذلك ..نعم .

نكتفي بهذا القدر بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.