تحذير الإخوان من إيقاظ الفتنة والسير على طريقة الخَوّان

تحذير الإخوان من إيقاظ الفتنة والسير على طريقة الخَوّان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ؛
فهذه كلمات أذكّر بها الغافلَ وأحذّرُ الذاكر ، أذكّر وأنصح الإخوان المسلمين ، وأحذر من غُرّر به منهم ومن غيرهم بطريقتهم التي هم عليها اليوم .
فأقول وبالله التوفيق يعلم الجميع أننا حُذرنا من الفتنة ومن السير في طريقها ، حذرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من ذلك في أحاديث عدة مذكورة في الصحيحين وغيرهما وقد بوب علماء الحديث عليها أبوبا مستقلة وهي أكثر من أن تحصر ، وأشهر من أن تذكر .
ومن أعظم الفتن التي تقع بين المسلمين سفك الدم الحرام وانتهاك الأعراض وضياع الأموال ، وهذا كله يحصل بالخروج على الحاكم ؛ لذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ونهى عن الخروج على الحاكم إلا أن نرى كفرا بواحا ، نهى عن الخروج عليه حتى وإن رأينا منكرا ، وهذه المسألة هي التي يتعلق بها بعض الإخوان ( النهي عن المنكر ) فأقول : النهي عن المنكر واجب شرعي دلت عليه الأدلة واتفق العلماء على وجوبه ، ولكن الأدلة العامة التي تدل على ذلك مخصوصة بالأدلة التي تتعلق بالحاكم ؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم : "«إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ» متفق عليه .
وقال : " «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ»،
وجاء في الصحيح أيضا : سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ»،
وقال : «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا، فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» .
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»
وكل هذه الأحاديث في الصحيحين وغيرها كثير يدل على أن الحاكم وإن وجدنا منه منكرا ؛ فلا يجوز الخروج عليه إلا إن رأينا كفرا بواحا ، وما ذلك إلا لحقن الدماء ودرء الفتنة التي تعم ولا تخص ، والخروج على الحاكم يؤدي إلى فتن كبيرة ملموسة أعظم وأكبر من المنكرات التي نريد إنكارها ومن المقرر عند أهل العلم أن المنكر إذا كانت إزالته تؤدي إلى منكر أعظم منه لا يجوز إنكاره ؛ لأن المعنى المراد غير متحقق .
وأنا بهذا المقال لا أدافع عن الفساد والمفسدين - معاذ الله - بل أقول يجب على الجميع إقامة العدل الذي أنزله الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا يجوز إقرار الفساد في البلاد بجميع أنواعه وليس فقط ما يطالب به الإخوان ، ولكن هذه المطالبة تكون من الحاكم بالنصيحة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أمره إلى الله ، نصبر حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض كما أمر صلى الله عليه وسلم .
فهدفي الأول والأخير من هذا المقال ؛ النصيحة للجميع والتحذير من الفتنة عملا بما أمرنا الله تبارك وتعالى به ، فدفاعي حقيقة عن شرع الله وعن القاتل والمقتول في الفتنة ، لا عن شخص معين .
وما فعله الإخوان أخيرا من استعراض للعضلات على غرار ما فعله حزب الله اللبناني الرافضي ؛ يدل على تبييت نية سيئة لإحداث فتنة الله أعلم بعواقبها ، فأذكرهم بالله ولا يحملوا أنفسهم دماء المسلمين يوم القيامة ، وكذلك من غُرر به واتبعهم على ما هم عليه .
ولا أظن عاقلا يحب أن تتحول الأردن إلى عراق ثان ، أعاذنا الله من ذلك .
والله أعلم وهو المستعان .