الجمعة 11 شوال 1445 هـ
19 ابريل 2024 م
جديد الموقع   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161      

شرح ثلاثة الأصول الدرس الرابع

[المجلس الرابع] 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,

أما بعد:

فهذا المجلس الرابع من مجالس شرح ثلاثة الأصول وأدلتها.

قال المؤلف رحمه الله :(( اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم : أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين))

( اعلم ) تقدم الكلام عليها.

و(أرشدك الله) الرشد هو الاستقامة على طريق الحق, مع تصلب فيه,هكذا عرفه صاحب القاموس المحيط ,وقال صاحب اللسان وأرشده الله:أي هداه , والطاعة امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه, هذه طاعة الله تبارك وتعالى.

اعلم أرشدك الله لطاعته:أي هداك الله ووفقك لامتثال أوامره واجتناب نواهيه,

(أن الحنيفية) قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: الحاء والنون والفاء, حنف , أصل مستقيم وهو الميل,قال والحنيف المائل إلى الدين المستقيم , الحنيف المائل إلى الدين المستقيم, وعلى ذلك تكون الحنيفية الطريق المستقيم الذي يحبه الله ويرضاه.

ملة إبراهيم:الملة لغة: هي الدين والشريعة , كذا قال أصحاب معاجم اللغة, والشريعة ما شرع الله لعباده من الدين, يقال شرع لهم شرعا أي سن لهم , فملة إبراهيم طريقه الديني الذي صار عليه .

قال المؤلف: اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين,هذه هي الحنفية وهذه ملة إبراهيم, ما هي ؟ أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين ,

العبادة أصلها الخضوع والتذلل, يقال طريق معبد إذا كان مذللا بكثرة الوطء , وأما في الشرع فقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين :والعبادة تجمع أصلين :غاية الحب بغاية الذل والخضوع , والعرب تقول طريق معبد أي مذلل, والتعبد التذلل والخضوع, قال : فمن أحببته ولم تكن خاضعا له لم تكن عابداً له, ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابداً له حتى تكون محباً خاضعا.

قال رحمه الله: العبادة هي الحب مع الذل, فكل من ذللت له وأطعته وأحببته دون الله فأنت عابد له, فغاية الحب مع غاية الخضوع والتذلل هو العبادة , أن تعبد الله أي أن تخضع وتذل له خضوعا كاملا مع المحبة الكاملة وحده ولا تشرك معه في ذلك غيره.

مخلصا له الدين:الإخلاص هو التنقية , والمراد هنا أن يعمل الشخص العمل لله تبارك وتعالى ولا يشرك معه أحدا غيره.

قال المؤلف رحمه الله :((وبذلك)): أي بإخلاص العبادة لله وتوحيده ((أمر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال الله تعالى:{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ومعنى يعبدون يوحدون)), العبادة كما ذكرنا هي كمال الخضوع والتذلل مع كمال المحبة والتعظيم لله سبحانه وتعالى,بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, وخلقنا الله سبحانه وتعالى لكي نعبده , ومن العبادة التوحيد, وهو إفراد الله تبارك وتعالى بذلك , أن تُفرد الله سبحانه وتعالى بالخضوع والتذلل له, وبطاعة أوامره, وبكل ما يختص به سبحانه , خلقنا الله سبحانه وتعالى لأجل ذلك , فالواجب علينا أن نمتثل وأن نسير في الطريق الذي خلقنا الله سبحانه وتعالى لأجله.

قال:((وأعظم ما أمر الله به التوحيد:وهو إفراد الله بالعبادة)), أعظم ما أمر الله به التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة,{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فأعظم أمور هذا الدين هو أن تعبد الله وحده وألا تشرك به شيئا, وهذه هي أول دعوة الأنبياء , فما من نبي جاء لقومه إلا وقال لهم:{ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} والنبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء إلى قومه قال لهم :قولوا لا إله إلا الله تفلحوا, أي أعبدوا الله وحده واجتنبوا عبادة ما سواه من أوثان وأشجار وأحجار وغيرها , هذه أصل دعوة الأنبياء.

قال: وأعظم ما أمر الله به التوحيد: وهو إفراد الله بالعبادة, أي أن تعبد الله وحده وألا تعبد معه غيره.

والتوحيد يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات , توحيد الربوبية أن تؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المدبر, وأنه لا أحد يشاركه في ذلك, توحيد الألوهية أن تفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة , وتوحيد الأسماء والصفات أن تثبت لله ما اثبت لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات وأن تؤمن بذلك كله

قال المؤلف رحمه الله:(( وأعظم ما نهى عنه الشرك)),أعظم ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه الشرك, يقول سبحانه وتعالى:{ إن الشرك لظلم عظيم} ويقول{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } قال:((وهو:))أي الشرك :(( دعوة غيره معه)), سواء دعاء عبادة أو مسألة كما تقدم معنا التفصيل في ذلك, ((والدليل قوله تعالى:{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا })) فقوله :(واعبدوا الله) أمر بالخضوع والتذلل إلى الله سبحانه وتعالى بما أمر, وقوله :(ولا تشركوا به شيئا) ,هذا أمر بإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وعدم صرفها لغيره, وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل "أي الذنب أعظم؟قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك "هو خلقك وتجعل له مثيلاً وشبيهاً ونظيرا فيما يختص سبحانه وتعالى به, ومن ذلك العبادة .

((فإن قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟)) ,الأصول جمع أصل, وقد تقدم معنا بأنه ما يبنى عليه غيره.

هذه الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها ما هي؟ ((فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم)), أول ما يسأل عنه العبد في قبره, هذه الأصول الثلاثة , ويبنى عليها دين الإسلام بالكامل.

أخرج أبو داود في سننه وأصل الحديث عند مسلم من حديث البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة من الأنصار, فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله ,فكأنما على رؤوسنا الطير, وفي يده عود ينكت به في الأرض ,فرفع رأسه فقال:" استعيذوا بالله من عذاب القبر"مرتين أو ثلاثة, قال وإنه:أي الميت, ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين, حين يقال له يا هذا من ربك, وما دينك, ومن نبيك , وفي رواية :"فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له ,من ربك, فيقول ربي الله ,فيقولان له ما دينك, فيقول ديني الإسلام , فيقولان له ماهذا الرجل الذي بعث فيكم , قال: فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فيقولان وما يدريك , فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت , قال فينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي, فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة, قال فيأتيه من روحها وطيبها , قال ويفتح له فيها مد بصره, قال : وإن الكافر تعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه, فيقولان له من ربك, فيقول هاه هاه لا أدري , فيقولان له ما دينك, فيقول هاه هاه لا أدري , فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم, فيقول هاه هاه لا أدري, فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له باب إلى النار , قال فيأتيه من حرها وسمومها , قال ويُضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلعه , ثم يقيد له أعمى أبكم معه مِرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا, فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا ثم تعاد فيه الروح"نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته.

الشاهد من هذا الحديث أنه هذا أول امتحان يمتحن به العبد بعدما يوضع في قبره,يسأل عن هذه الثلاث :من ربك , وما دينك , ومن نبيك , فإن كان مسلما نظر في كتاب الله , وعرف ما جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم , هذا جوابه سيكون كما سمعتم , أما إن كان من المعرضين عن دين الله وعما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ,إعراضاً كاملا ,فهذا جوابه سيكون كما قال الكافر:هاه هاه لا أدري, فالواجب معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة , كما قال المؤلف رحمه الله تعالى

نكتفي بهذا القدر لهذا اليوم, نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لطاعته

قائمة الخيارات
45 [8.4 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الاربعاء 8 ربيع ثان 1433
عدد المشاهدات 4244
عدد التحميلات 76
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق