الخميس 19 رمضان 1445 هـ
28 مارس 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-44، كتاب الوضوء، الحديث 155و156   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-43، كتاب الوضوء، الحديث 151و152و153و154   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-42، كتاب الوضوء، الحديث 145و146و147و148و149و150   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-41، كتاب الوضوء، الحديث 142و143و144   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-40، كتاب الوضوء، الحديث 138و139و140و141   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-39، كتاب الوضوء، الحديث 136و137   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-38، أول كتاب الوضوء، الحديث 135      

الدرس الثاني

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
كنا في الدرس الماضي قد بدأنا بمادة لُب الأصول ونكمل في درسنا هذا ما كنا بدأنا به بتوفيق الله تبارك وتعالى .
قال المؤلف رحمه الله بعد أن حمد الله تبارك وتعالى وصلى على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
قال:(وبعد).
أي وبعدما تقدم من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن حمد الله والبسملة أقول كذا وكذا ما سيأتي من كلام، يؤتى بها هذه الكلمة كلمة"وبعد" يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر في الكلام وأصلها "أما بعد"، واستدلوا على أن أصلها أما بعد بإتيان الفاء في جملة الجواب التي ستأتي، جملة جواب الشرط، وأما بعد شرطية، تقديرها: مهما يكن من شيء بعد فكذا فكذا.

ثم قال رحمه الله: (وبعد فهذا).
الإشارة للمؤلَّف الي هو لب الأصول الحاضر في ذهن المؤلِّف.

(فهذا مختصَر).
من الاختصار، والاختصار: تقليل اللفظ وتكثير المعنى.

(في الأصلَيْن).
المقصود بالأصلين الأصولَيْن، تثنية أصول، أصول الفقه وأصول الدين، فهذا مختصر في أصول الفقه وأصول الدين، فإذاً هذا الكتاب لا يحتوي فقط على أصول الفقه بل وأيضاً فيه مباحث في أصول الدين ويعنون بأصول الدين العقيدة.

قال: (وما معهما).
فهذا مختصر في الأصلين وما معهما من المقدمات التي سيَفتتح بها الكتاب، سيذكر فيها تعريف أصول الفقه وبعض التعريفات الأخرى، وأيضاً مع الكتاب غير المقدمات مباحث في التصوف كذلك، فصار في كتابه هذا المقدمات، ثم أصول الفقه، ثم أصول الدين، ثم مباحث في التصوف، فعَنَى بقوله: "وما معهما": المقدمات ومباحث التصوف، والمؤلف كما مرّ معنا أشعري على عقيدة الأشاعرة وهو صوفي كذلك، ونحن لن ندرس من هذا الكتاب إلا ما يهمنا وهو أصول الفقه.

قال:(اختصرت فيه جمع الجوامع للعلّامة السُّبكي رحمه الله وأبدلت منه غير المعتمَد والواضح بهما مع زيادات حسنة).
يبيِّن لنا الآن ما الذي فعله في كتابه هذا الي هو لب الأصول، فقال: اختصرت فيه جمع الجوامع، عرفنا أن جمع الجوامع مختصر في أصول الفقه جمعه مؤلف كما قال من زُهاء مئة مصنَّف في أصول الفقه فهو خلاصة هذه المصنفات المئة، مؤلِّفه ابن السبكي وهو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، بعض أهل العلم يفرِّق بينهما بالسبكي وابن السبكي، فإذا أطلقوا السبكي فيعنون به الأب وهو علي بن الكافي لأن أباه أيضاً من العلماء وله مؤلفات في الأصول وفي غيرها، فإذا أطلقوا السبكي فيريدون به الأب وإذا أطلقوا ابن السبكي فيريدون به الابن وأحياناً يطلقون السبكي على هذا وهذا كما فعل الآن المصنف معنا قال: للعلامة السبكي رحمه الله ويعني به الابن الذي هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي تاج الدين، وُلد سنة 720، من شيوخه أئمة من أئمة السُّنة من أهل الحديث في وقته الإمام الذهبي رحمه الله والإمام المزي، ومن شيوخه أيضاً والده علي بن عبد الكافي السبكي الأب يقال له السبكي، توفي سنة 771، هذا صاحب جمع الجوامع الذي هو ابن السبكي مات صغيراً، لكنه كان صاحب علم متمكِّن في فنِّه.

وقال المؤلف:(وأبدلت منه غير المعتمَد).
أي أنه لم يَجمُد على الاختصار بل اجتهد وغيَّر بعض الأمور في الكتاب لأنه رآها غير معتمَدة، إما عنده أو عند الشافعية، فغيَّرها، وأيضاً ما فيه خفاء غيَّره بما هو واضح كي يسهُّل المختصر، كان هدفه من هذا أن يسهِّل هذا الكتاب على الدارسين، مع زيادات حسنة ولم يقتصر على مادة الكتاب بل زاد أيضاً بعض الزيادات من عنده التي رآى هو أنها مفيدة وأن المؤلَّف بحاجة إليها.

ثم قال رحمه الله:(ونبَّهت على خلاف المعتزلة بعندنا) .
أي إذا قال: "عندنا" فينبه بذلك على أنهم قد خالفوا المعتزلة في هذه المسألة، الأشاعرة يخالفون المعتزلة في هذه المسألة فإذا كان عندهم خلاف للمعتزلة نبَّه على ذلك بقوله: عندنا، وأما غير المعتزلة فيقول:(وغيرهم بالأصح غالباً)
أي إذا خالف الأشاعرة غير المعتزلة ينبه على خلافهم بقوله: الأصح كذا، أما خلاف المعتزلة فيقول: وعندنا كذا وكذا، يشير بذلك إلى أنهم يخالفون المعتزلة في هذه المسألة .

قال:(وسميته لب الأصول).
اللب خالص كل شيء، يشير إلى أن كتابه هذا خالص أصول الفقه.

(راجياً من الله القَبول وأسأله النفع به فإنه خير مأمول).
ألَّف هذا المؤلَّف وهو يرجو من الله تبارك وتعالى أن يتقبله منه ويسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به العباد، يقول: فإنه خير مأمول أي خير مرجوٍ يرجى، أي الله سبحانه وتعالى خير مرجو فيأمل من الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منه ذلك وأن ينفع به العباد.

قال:(وينحصر مقصوده في مقدمات وسبعة كتب).
وينحصر مقصوده، مقصود ماذا؟ مقصود هذا الكتاب، الفائدة والزبدة التي يريدها من هذا الكتاب تنحصر وموجودة في مقدمات وسبعة كتب، وينحصر مقصوده أي لب الأصول، (في مقدمات) جمع مقدمة بكسر الدال ويجوز فتحها، فتقول: مقدِّمة ومقدَّمة، مقدِّمة: اسم فاعل، تقدَّمت غيرها فهي تقدمت مادة الكتاب، ومقدَّمة اسم مفعول أي قدَّمها المؤلِّف على غيرها، والمقدِّمة من كل شيء أوله وهي في العلم ما يَتوقف الشروع فيه عليها، ما يتوقف الشروع والبدء في العلم على هذه المقدِّمة، ما يتوقف عليه الشروع في الكتاب هذه تسمى مقدِّمة، يعني ما تقدمت الكتاب، الاستفتاحية للكتاب، وغالباً عند أهل العلم يقدمون الكتب بتعريف العلم الذي سيبدئون به وببيان موضوعه وثمرته وغير ذلك من الأبحاث التي يبدئون بها كتبهم، المؤلِّف سيأتي معنا إن شاء الله بأنه ذكر تعريف العلم وذكر الحكم وما يتبعه وذكر كذلك بعض التعريفات التي لها علاقة بغيرها من التعريفات، وعادة العلماء يقولون: المقدِّمات لبيان السوابق، والكتب لبيان المقاصد، فقال هنا: وينحصر مقصوده في مقدمات وسبعة كتب، الكتاب الأول ذكر فيه القرآن وأبحاث القرآن، طبعاً الكتب هذه السبعة هي مباحث أصول الفقه، نبدأ بمادة أصول الفقه من الكتاب الأول، بعد أن ننتهي من المقدمات، ربما ستلاحظون أن الحكم وما يتعلق بالحُكم وتأصيل الحكم الشرعي وما شابه من هذه المسائل كلها ستجدونها في المقدمة وليس في الكتب، لأن الحكم حقيقة ليس من أصول الفقه، الحكم وأبحاثه ليست من أصول الفقه، الحكم هو الثمرة، الحكم الشرعي هو الثمرة النتيجة من دراسة أصول الفقه، نحن ندرس أصول الفقه لماذا؟ لكي نتمكن من استنباط الحكم الشرعي، إذاً النتيجة والغاية هي الوقوف على الحكم الشرعي كي يؤدي ذلك إلى العمل، فالحكم هو ثمرة لذلك جعله المؤلف رحمه الله في المقدمة وليس في مادة أصول الفقه، الكتاب الأول ذكر فيه مباحث القرآن، والكتاب الثاني مباحث السنة، والكتاب الثالث مباحث الإجماع، والكتاب الرابع مباحث القياس، في الأربع كتب الأولى وضع الأدلة المجمَع عليها بالجملة، وإن كان القياس قد خالف فيه أهل الظاهر، أربع أدلة من الأدلة الإجمالية المتفق عليها وضعها في الكتب هنا: القرآن ، السُّنة الإجماع، القياس، ثم في الكتاب الخامس وضع الاستدلال، وماذا نعني بالاستدلال؟ الأدلة المختلَف فيها، الأدلة الإجمالية المختلَف فيها، مثل ماذا؟ قول الصحابي، الاستحسان، المصلحة المرسَلة، الاستصحاب، وهكذا، هذه التي اختُلف فيها أهي أدلة شرعية أم لا، هذه كلها وضعها في الكتاب الخامس، أما الكتاب السادس فوضع فيه مبحث التعادل والترجيح، يعني معارضة الأدلة وترجيح بعضها على بعض، كيف يتم ذلك؟ من خلال دراسة هذا الكتاب وهو الكتاب السادس، والكتاب السابع والأخير وضع فيه مبحث الاجتهاد، وتحدث عن شروط المجتهد، فالمجتهد هو المستفيد من أصول الفقه، مَن الذي سيطبق أصول الفقه وسيستخرج الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية باستعمال مادة أصول الفقه والقواعد هذه؟ هو المجتهد، فالذي سيستفيد من أصول الفقه هو المجتهد لذلك بحثوا شروط المجتهد وإن كانت هي حقيقة ليست من أصول الفقه، لكن لما بحثوا الأمر في كتب أصول الفقه أدخلوه في التعريف كما سيأتي إن شاء الله.

قال رحمه الله: المقدِّمات
الآن انتهى المؤلف رحمه الله من ديباجة الكتاب وبدأ بمادة الكتاب.
المقدمات جمع مقدِّمة وقد تقدم الكلام في ذلك، وقد بدأ بها المؤلف ليُعرِّف أصول الفقه قبل الدخول فيه، أراد أن يُعرِّف أصول الفقه قبل الدخول في أصول الفقه لماذا؟ ليتمكن الطالب من تصوُّر هذا العلم تصوراً مجمَلاً قبل الدخول فيه، إذا أردت أن تدرس علماً تريد أن تعرف ولو بالجملة ما هو هذا العلم الذي أريد أن أَدْرسه وتحتاج أيضاً أن تعرف فائدته، وتحتاج أيضاً أن تعرف مادته وهذا كله سنذكره بإذن الله تعالى .

قال: (أصول الفقه أدلة الفقه الإجمالية وطرق استفادة جزئياتها وحال المستفيد).
هذا تعريف المؤلِّف لأصول الفقه: أدلة الفقه الإجمالية وطرق استفادة جزئياتها وحال المستفيد، التعريف عند جمهور الأصوليين: "أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد" المعنى واحد، أصول الفقه تُعَرَّف عند الأصوليين باعتبارين، الاعتبار الأول بالنظر إلى مُفْرَدَيْه، بالنظر إلى أنه مكوَّن ومركَّب من جزئين، من كلمتين: أصول وفقه، أي قبْل النظر إلى كَوْن هاتين الكلمتين اسماً وعلماً ولقباً على هذا الفن ننظر إلى معناهما، ثم النظر الثاني إلى كوْن هذه الكلمة كلمة أصول الفقه علم على هذا الفن الذي معنا.
عبد الله اسم، إذا قلت ما معنى كلمة عبد الله؟ تحتاج أن تفهم كل كلمة على حدة أولاً ثم بعد ذلك تفهم معنى التركيب الذي حصل، لكن إذا كانت كلمة عبد الله اسم لشخص وسألت عن عبد الله قلت لك هو ذاك الرجل الطويل الذي يتصف بكذا وكذا وكذا، فانظر إلى الاعتبارين الآن، بنفس الطريقة معنا الآن معنا أصول الفقه نعرِّفه بالاعتبارين، بالنظر إلى تركيبته من كلمتين، وباعتبار أيضاً أنه علم على هذا الفن الذي بين أيدينا وهو أصول الفقه.
كلمة أصول، الجزء الأول من التركيبة جمع أصل، وهو في اللغة ما يبنى عليه غيره، كأساسات البيت، أساسات البيت أصله لماذا كانت أصل البيت؟ لأن البيت بني عليها، وهذا عند جمهور أهل العلم التعريف اللغوي، وبعضهم قال: ما منه الشيء، مثل البذرة، حبة صغيرة تتكون منها الشجرة فتكون البذرة أصل للشجرة لأن الشجرة نشأت منها والوالد للولد، أصل الولد نشأ من الوالد.
وهناك تعريفات أخرى وخلافات في معنى الأصل لكن بالجملة فهمنا المعنى المراد من ذلك.
أما في الاصطلاح فيطلق على أمور، أهل الاصطلاح يطلقون الأصل ويريدون به الدليل، هذا المعنى الأول، يطلق الأصل في الاصطلاح على معنى الدليل، كقولهم مثلاً: أصل تحريم الربا قول الله تبارك وتعالى{ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [ البقرة/275] إيش معنى كلمة أصل هنا؟ دليل، أي دليل تحريم الربا كذا وكذا، كلمة الأصل في الاصطلاح إذا جاءت، تارة تعني هذا المعنى وهو المراد عندنا هنا في كلمة أصول الفقه، لاحظنا المؤلف إيش قال؟ أدلة الفقه الإجمالية، المراد عندنا هنا بالأصل الي هو الدليل.
ويطلق الأصل على الرُجحان، أي على الراجح من الأمرين كرجل شك في طهارته، نقول له إيش؟ الأصل بقاء الطهارة، رجل كان متوضئاً ثم شك أهو متوضئ أو غير متوضئ؟ نقول له: الأصل بقاء الطهارة، إيش يعني الأصل هنا؟ أي الراجح، الراجح بقاء الطهارة، الراجح من الاحتمالين: احتمال زوال الطهارة وبقاءها، فالراجح الأقوى الي هو بقاء الطهارة لأن الحدث طارئ فالأصل عدمه.
وكذلك كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، مَن يقسمون الكلام إلى حقيقة ومجاز يقولون: الأصل في الكلام الحقيقة، أي الراجح في الكلام الحقيقة.
هذا المعنى الثاني
والمعنى الثالث: القاعدة المستمرة، مثلاً إباحة الميتة على خلاف الأصل، إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، إيش يعني على خلاف الأصل؟ أي على خلاف القاعدة المستمرة، القاعدة المستمرة عندنا إيش؟ أن الميتة محرَّمة، القاعدة المستمرة عندنا أن الميتة محرَّمة، فنقول: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، لأن الأصل عندنا أن الميتة محرَّمة.
أو كما يقول النُّحاه مثلاً: الأصل في الفاعل أنه مرفوع، إيش يعني هذا؟ يعني القاعدة المستمرة في الفاعل أنه مرفوع، ونقول: وجملة خرقَ الثوبُ المسمارَ على خلاف الأصل، هذه شذَّت عن الأصل الذي عندنا، الأصل في الفاعل إيش؟ أنه مرفوع، هنا جاء إيش؟ منصوباً، من الذي خرق الثوب أو المسمار؟ المسمار هو الذي يخرق الثوب، جاء هنا منصوباً على خلاف الأصل، إيش تعني بخلاف الأصل؟ يعني على خلاف القاعدة المستمرة.
ويطلق أيضاً على الصورة المَقيس عليها، هذا في باب القياس فقط، هذا الموضع الرابع، في باب القياس يطلق على الصورة المَقيس عليها، نحن درسنا في السابق بأن القياس له كم ركن؟ أربع: الأصل والفرع والعلة والحكم، الأصل إيش نعني به؟ هو الذي ثبت له حكم شرعي بأدلة الكتاب أو السنة، هذا الأصل، كالبُرّ في الربا ثبت له حكم شرعي أو لا؟ ثبت، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" البر بالبر والشعير بالشعير ...إلخ" في مسألة الربا سواءً بسواء مِثلاً بمثل........ إلخ الحديث، إذاً هذا له حكم شرعي أن القمح بالقمح أو البر بالبر من الربويات، ثبت بالدليل إذاً فهذا نسميه أصل في القياس.
الفرع: الأرز نريد أن نقيس عليه الأرز، فالصورة المقيس عليها عندنا هنا في المثال الي هو إيش؟ البُرّ، البر الذي ثبت له دليل شرعي وثبت حكمه بالدليل الشرعي، هذا يسمى الأصل وهي الصورة التي نريد أن نقيس عليها، نريد أن نقيس عليها الأرز وغيره، هذه الصورة المقيس عليها تسمى أصلاً في باب القياس، إذاً، إذا سمعت أحد علماء الاصطلاح يقول: الأصل فتعرف معنى كلامه من السياق، لربما يريد الديل، وربما يريد الراجح، وربما يريد القاعدة المستمرة، وربما يريد المَقيس عليه، والسياق هو الذي يبين لك المراد.
عندنا هنا يريد بالأصل: الدليل، هذا تعريف أصول الفقه.
طبعاً هناك اصطلاحات أخرى حصل فيها خلاف استوعبها الزركشي في البحر المحيط، هذا البحر المحيط اسم على مسمى فهو بحر محيط، يعني تقريباً ما في مسألة من مسائل أصول الفقه طُرحت أو ذُكرت إلا وضعها صاحبها في هذا الكتاب.
وأما الفقه (الجزئية الثانية من التعريف) انتهينا من أصول، الآن الفقه.
الفقه في اللغة هو الفهم { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي } [ طه/28/27]، اللهم فقِّهه في الدين، وهناك بعض الخلافات عند بعض العلماء في تعريف الفقه لكن جمهورهم على هذا، بعضهم قال: هو الإدراك الدقيق وبعضهم ... يعني خلافات كثيرة.
وفي الاصطلاح: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسَب من أدلتها التفصيلية، هكذا عرَّفه أكثر الأصوليين، والمؤلف سيغيِّر فيه شيئاً يسيراً كما سيأتي وسننبِّه على سبب تغييره هناك.
فقولهم هنا: العلم بالأحكام الشرعية، استشكل بعضهم كلمة العلم، قالوا: لماذا تستعملون كلمة العلم مع أن العلم يطلق على اليقين، هذا بناءً على اصطلاحهم، اصطلاح بعض الأصوليين يصطلحون على أن العلم لا يطلق إلا على اليقين، قالوا: ومسائل الفقه مسائل ظنية، الفقه ظني وليس يقيني وأنتم في التعريف قلتم العلم بالأحكام الشرعية، إذاً يقين أصبح عندنا فكيف يجتمع الأمر؟ قولهم بأن الفقه ظني، بعض أهل العلم أعاد ذلك إلى أنهم يعتقدون أن أحاديث الآحاد تفيد الظن، والفقه مبني على أحاديث الآحاد فهو ظني. إذا كان هذا بناؤهم فهو بناء باطل لأن الأصل الذي بني عليه باطل، أحاديث الآحاد منها ما هو ظني ومنها ما هو يقيني، لكن الذي يظهر لي أنهم يقولون أنه ظني لأنهم يتحدثون عن الفقه المستنبط وليس الفقه المنصوص عليه، لأن لاحظ قولهم هنا: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسَب من أدلتها التفصيلية، اكتُسِب من الدليل، استُنبط من الدليل استنباطاً، الأحكام الفقهية المعلومة من الدين بالضرورة عند الأصوليين ليست فقهاً، الأحكام المنصوص عليها والتي جاءت بأدلة واضحة هذه ليست من الفقه عند الأصوليين أما عند الفقهاء فهي من الفقه، على كلٍّ الخروج من هذا الإشكال الذي أوردوه أن العلم عند البعض الآخر يطلق على الظن وعلى اليقين ولا يطلق على اليقين وحده فيصح إطلاقه إذاً هنا
أذَّن الآن العشاء نكتفي بهذا القدر إن شاء الله ونكمل في الدرس القادم بإذن الله تعالى
قائمة الخيارات
20 [1 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الثلاثاء 16 ذو الحجة 1433
عدد المشاهدات 4057
عدد التحميلات 73
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق