الاربعاء 16 شوال 1445 هـ
24 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

تفسير سورة المائدة 32-34

سورة المائدة 32-34

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)}

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} أي: من أجل قتل ابن آدم أخاه ظلما وعدوانا {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي شرعنا لهم وأعلمناهم {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ} قتلها ظلماً، وليس قصاصاً {أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ} وبغير فساد في الأرض من كفر أو زنا أو قطع طريق، أو نحو ذلك، أي أنه قتل النفس ظلماً، لا بحق، فمن القتل ما هو ظلم محرم، ومنه جائز كقتل القاتل {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: من قتل نفسا فكأنما قتل الناس، يعني فقد وجب عليه القصاص، فلا فرق بين الواحد والجماعة، ومن أحياها أي عفا عن قاتل ولِّيه فكأنما أحيا الناس جميعا، وحكى ذلك عبد الرحمن عن أبيه.

وقال مجاهد: من قتل نفسا محرمة يَصلى النار بقتلها، كما يصلى النار لو قتل الناس جميعاً، ومن أحياها من سلم من قتلها؛ فقد سلم من قتل الناس جميعا {وَمَنْ أَحْيَاهَا} وتورع عن قتلها {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} في الثواب لسلامتهم منه، قال الحسن: فكأنما قتل الناس جميعا؛ يعني أنه يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل الناس جميعا، ومن أحياها؛ أي عفا عمن وجب عليه القصاص له فلم يقتله؛ فكأنما أحيا الناس جميعا، وقال: فكأنما قتل الناس جميعا، قال: وزرا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، قال: أجرا. وقال سليمان بن علي: قلت للحسن: يا أبا سعيد أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل؟ قال: إي والذي لا إله غيره، ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا {وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ} أي بني إسرائيل {رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ} أي بالحجج والبراهين والدلائل الواضحة {ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ} من بني إسرائيل {بَعْدَ ذَلِكَ} يعني بعد مجيء رسل الله بالبينات {فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} لمجاوزون الحد بسفك الدماء، ومخالفة أمر الله ونهيه، وارتكاب أنواع المحرمات، وهذا تقريع لهم وتوبيخ على ارتكابهم المحارم بعد علمهم بها.

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)}

{إِنَّمَا جَزَاءُ} أي عقوبة {الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} بمعصية أمر الله ورسوله، وقطع الطريق وإخافة المسلمين ومحاربتهم {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} أي يعملون في أرض الله بالمعاصي من قطع الطريق، وقتل الأنفس التي حرم الله، وأخذ الأموال ظلماً وعدوناً، والاعتداء على حرمات الناس.

قال ابن كثير: المحاربة هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر، وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر، حتى قال كثير من السلف، منهم سعيد بن المسيب: إن قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض. انتهى

ورجح أن الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات.

هؤلاء الذين يحاربون الله ورسوله ويفسدون في الأرض؛ لا جزاء لهم في الدنيا إلا {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} أي تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} أي يخرجوا من بلدهم إلى بلد آخر، وقال البعض: يسجنوا {ذَلِكَ} الذي ذكرت من الحد {لَهُمْ خِزْيٌ} عذاب وهوان وفضيحة {فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} إن لم يتوبوا قبل الموت {عَذَابٌ عَظِيمٌ} عذاب جهنم.

هذه عقوبة المحاربين، وقد بين الفقهاء أحكامهم في كتب الفقه، واختلف العلماء فيهم، فذهب قوم إلى أن الإمام بالخيار في أمر المحاربين بين القتل والقطع والصلب والنفي، كما هو ظاهر الآية.

وذهب الأكثرون إلى أن هذه العقوبات على ترتيب الجرائم لا على التخيير، فقالوا: حدود أربعة أنزلها الله. فأما من أصاب الدم والمال جميعاً، أي من قتل وأخذ المال: صلب؛ وأما من أصاب الدم وكف عن المال: قُتل، ومن أصاب المال وكف عن الدم: قُطع؛ ومن لم يصب شيئاً من هذا ولكنه أخاف السبيل أي أخافوا الناس في الطرقات: نفي ".

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)}

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} من المحاربين الذين ذكر عقوبتهم {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} تابوا قبل أن يمسك بهم الإمام {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ} لهم ما فعلوه {رَحِيمٌ} بهم.

قال ابن كثير: وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} أما على قول من قال: إنها في أهل الشرك؛ فظاهر، وأما المحاربون المسلمون، فإذا تابوا قبل القدرة عليهم، فإنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل، وهل يسقط قطع اليد أم لا؟ فيه قولان للعلماء، وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة. انتهى

أخرج الشيخان في صحيحيهما عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ، أَوْ قَالَ: عُرَيْنَةَ، وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: مِنْ عُكْلٍ، قَدِمُوا المَدِينَةَ «فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا» فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِئُوا قَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُدْوَةً، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي إِثْرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ «فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ» قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: «هَؤُلاَءِ قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الجمعة 28 ذو الحجة 1442
عدد المشاهدات 92
عدد التحميلات 4
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق