الجمعة 11 شوال 1445 هـ
19 ابريل 2024 م
جديد الموقع   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-45، كتاب الوضوء، الحديث 157و158و159و160و161      

تفسير سورة المائدة 20-26

سورة المائدة 20-26

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)}

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ} أن فضلكم {إِذْ جَعَلَ} بأن جعل {فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} أي: منكم أنبياء {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} أي: فيكم ملوكاً، قال البعض: كانوا أول من ملك الخدم ولم يكن لمن قبلهم خدم، وقال آخرون: من ملك خادماً وزوجة وبيتاً كان يعد ملكاً عند بني إسرائيل، وقال آخرون: وجعلكم ملوكا أحرارا تملكون أمر أنفسكم بعدما كنتم في أيدي القبط يستعبدونكم {وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} يعني عالمي زمانكم، قال مجاهد في معنى ما أعطاهم الله: المن والسلوى والحَجَر والغمام، وقال آخرون: هو الدار والخادم والزوجة.

المهم أن موسى يذكرهم بنعم الله عليهم، وهي كثيرة، وما اختصهم به منها؛ كي يطيعوا أمره.

{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)}

قال موسى لقومه بني إسرائيل: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} هذا أمر لهم من موسى بأمر الله له بدخول الأرض المقدسة، أي المطهرة المباركة، واختلفوا في الأرض المقدسة، قال مجاهد: هي الطُّور وما حوله، وقال الضحاك: إيليا وبيت المقدس، وقال عكرمة والسدي: هي أريحاء، وقال الكلبي: هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن، وقال قتادة: هي الشام كلها، قال كعب: وجدت في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله في أرضه وبها أكثر عباده.

والصواب ما قاله الطبري رحمه الله، قال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: هي الأرض المقدسة، كما قال نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم؛ لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تُدرك حقيقةُ صحته إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به، غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي بين الفرات وعريش مصر لإجماع جميع أهل التأويل والسير والعلماء بالأخبار على ذلك. انتهى

قلت: وهذه حدود الشام، فهي إما الشام كلها، أو بعضاً منها الله أعلم به.

وقوله: {التِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} قال ابن إسحاق: وهب الله لكم، وقال السدي: أمركم الله بدخولها، وقال قتادة: أمروا بها كما أمروا بالصلاة، أي: فرض عليكم {وَلَا تَرْتَدُّوا} ولا ترجعوا {عَلَى أَدْبَارِكُمْ} إلى ورائكم إلى الخلف، بمخالفة أمر الله، أي امضوا أيها القوم لأمر الله الذي أمركم به من الدخول على القوم الذين أمركم الله بقتالهم والهجوم عليهم في أرضهم الأرض المقدسة، ولا تخالفوا أمر الله {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} تنصرفوا خائبين.

{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)}

{قَالُوا} أي قال بنو إسرائيل لموسى {يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} أصل الجبار: المتعظم الممتنع عن القهر، يقال: نخلة جبارة إذا كانت طويلة ممتنعة عن وصول الأيدي إليها، وسمي أولئك القوم جبارين؛ لامتناعهم بطولهم وقوة أجسادهم، وشدة بطشهم {وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} أي امتنعوا عن قتالهم؛ جبناً منهم، وخوفاً من قتالهم، ولا يريدون دخولها بقتال، بل بغير قتال، فعصَوا أمر الله تبارك وتعالى.

{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)}

{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} أي: يخافون الله تعالى {أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا} أنعم الله عليهم بالخوف منه وطاعة الله في طاعة نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، قالا لقوم موسى يشجعانهم بذلك، ويرغبَانهم في المضي لأمر الله بالدخول على الجبارين في مدينتهم: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} يعني: مدينة الجبارين {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} لأن الله منجزُ وعده، فلا تخشوهم {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي اعتمدوا على الله وثقوا به؛ فإنه معكم إن أطعتموه فيما أمركم من جهاد عدوكم، إن كنتم مؤمنين.

{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا (24)}

{قَالُوا} أي بنو إسرائيل {يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا} أي مدينة الجبارين {أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا} ما بقي الجبارون في مدينتهم فلن ندخلها {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} هذا جواب بني إسرائيل لنبيهم، وأما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ردهم مختلفاً لما من الله عليهم به من الإيمان والصلاح، قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل: {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} ولكن نقول: «اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكم مقاتلون». وهذه منقبة عظيمة لهم رضي الله عنهم.

فعصى بنو إسرائيل أمر الله تبارك وتعالى، فلما فعلت بنو إسرائيل ما فعلت من مخالفتهم أمر ربهم غضب موسى عليه السلام ودعا عليهم.

{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}

{قَالَ} موسى، يا {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} معناه: لا أقدر على أحد أن أحمله على ما أحب وأريد من طاعتك واتباع أمرك ونهيك؛ إلا على نفسي وعلى أخي. مِن قول القائل: ما أملك من الأمر شيئاً إلا كذا وكذا، بمعنى: لا أقدر على شيء غيرِه {فَافْرُقْ} فافصل {بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} العاصين. أي افصل بيننا وبينهم بقضاء منك تقضيه فينا وفيهم؛ فتبعدهم منّا.

{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)}

{قَالَ} الله تعالى {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} أي: إن من عقوبتهم أن نحرم عليهم دخول هذه القرية التي كتبها الله لهم، مدة {أَرْبَعِينَ سَنَةً} لا يدخلونها و{يَتِيهُونَ} يتحيرون ويضلون {فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} أي: لا تحزن على مثل هؤلاء القوم.

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 3 ذو الحجة 1442
عدد المشاهدات 317
عدد التحميلات 7
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق