الخميس 17 شوال 1445 هـ
25 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

تفسير سورة المائدة 12-14

تفسير سورة المائدة 12-14

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)}

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} قال أهل العلم: هذا بيان من الله تبارك وتعالى لصفة اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليكم، وأنهم أهل غدر، أي لا تستعظموا أمر الذين هموا ببسط أيديهم إليكم من هؤلاء اليهود بما هموا به لكم، ولا أمر الغدر الذي حاولوه وأرادوه بكم؛ فإن ذلك من أخلاق أوائلهم وأسلافهم، وما هذا منهم إلا سيراً على منهاج أولهم وطريق سلفهم.

هذا قول، وقال آخرون: هذا تحذير لهذه الأمة أن يفعلوا كفعل بني إسرائيل هذا الذي سيذكره، فقالوا: لما أمر تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالقيام بالحق، والشهادة بالعدل، وذكرهم نعمه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى؛ شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين: اليهود والنصارى، فلما نقضوا عهوده ومواثيقه أعقبهم ذلك لعنا منه لهم، وطردا عن بابه وجنابه، وحجابا لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع، والعمل الصالح. انتهى

فقال تعالى في بيان صفتهم وما فعلوه: ولقد أخذ الله العهد المؤكد على بني إسرائيل أن يخصلوا له ولا يعبدوا غيره، وبعث من بني إسرائيل اثني عشر نقيباً، النقيب مثل شيخ القبيلة اليوم، قالوا أخذ من كل سبط واحداً، يكون كفيلاً على قومه بالوفاء بالعهد.

قال أهل العلم: النَّقِيب للْقَوْم مثل الرئيس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: النَّقِيب: الْكَفِيل، وَقَالَ غَيره: هُوَ الْأمين، والنقيب فَوق العريف. وقال ابن كثير: يعني عرفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه. انتهى {وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ} أي بحفظي ونصري، فناصركم على عدوكم. ثم ابتدأ الكلام فقال: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ} يا معشر بني إسرائيل {وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ} أي أعطيتموها لمستحقيها {وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي} أي صدقتموهم فيما يجيئونكم به من الوحي واتبعتموهم {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} ونصرتموهم {وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} وهو الإنفاق في سبيله، وابتغاء مرضاته {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} أي ذنوبكم، أي لأمحون عنكم ذنوبكم وأسترها عليكم ولا أؤاخذكم بها {وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ} بساتين {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} من تحت أشجارها {الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي: أخطأ قصد السبيل، يريد طريق الحق، وسواءُ كلِّ شيء: وسطه.

أي فمن خالف هذا الميثاق بعد عقده وتوكيده، وجحَدَه، وعامله معاملة مَن لا يعرفه، فقد أخطأ الطريق الواضح، وعدل عن الهدى إلى الضلال.

{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)}

ثم أخبر تعالى عما حل بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقه ونقضهم عهده {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} أي: فبسبب نقضهم {مِيثَاقَهُمْ} العهد المؤكد الذي أخذ عليهم، قال قتادة: نقضوه من وجوه؛ لأنهم كذبوا الرسل الذين جاؤوا بعد موسى، وقتلوا أنبياء الله، ونبذوا كتابه، وضيعوا فرائضه {لَعَنَّاهُمْ} أي أبعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} فلا تلين للحق، ولا يتعظون بموعظة؛ لغلظها وقساوتها {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} فسروا كتابه على غير ما أنزله، وحملوه على غير مراده، وقالوا عليه ما لم يقل، عياذاً بالله من ذلك {وَنَسُوا} تركوا {حَظًّا} نصيباً {مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} مما أمروا به، قال ابن كثير: أي وتركوا العمل به رغبة عنه. وقال الحسن: تركوا عرى دينهم ووظائف الله تعالى التي لا يقبل العمل إلا بها، وقال غيره: تركوا العمل فصاروا إلى حالة رديئة، فلا قلوبٌ سليمة، ولا فطرٌ مستقيمة، ولا أعمال قويمة {وَلَا تَزَالُ} يا محمد {تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} أي: على خيانة منهم، وخيانات بني إسرائيل كثيرة ومتتابعة {إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} لم يخونوا ولم ينقضوا العهد، وهم الذين أسلموا من أهل الكتاب {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} أي: أعرض عنهم ولا تتعرض لهم {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال أهل العلم بالتفسير: هذه الآية {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} منسوخة بقوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)}

قوله عز وجل: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} أي ومن الذين ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى متابعون المسيح ابن مريم عليه السلام، وليسوا كذلك، قال الحسن: فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى {أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومناصرته، ومؤازرته، واتباعه، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض، ففعلوا كما فعل اليهود {وَنَسُوا} تركوا {حَظًّا} نصيباً {مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} مما أمروا به، فتركوا العمل بذلك، وخالفوا ما أمروا به {فَأَغْرَيْنَا} أي فألقينا {بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} عقوبة لهم، قال ابن كثير: أي فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضا، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة، وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، فكل فرقة تُحرِّم الأخرى، ولا تدعها تلِج معبدها، فالمَلكِية تكفر اليعقوبية، وكذلك الآخرون، وكذلك النُّسطُوريَّة والْأَرْيُوسِيَّةُ، كل طائفة تكفر الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. انتهى {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} في الآخرة. قال ابن كثير: وهذا تهديد ووعيد أكيد للنصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله وعلى رسوله، وما نسبوه إلى الرب عز وجل، وتعالى وتقدس عن قولهم علواً كبيراً، مِن جعلهم له صاحبةً وولداً، تعالى الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. انتهى

التعليقات عدد التعليقات (0)

اضافة تعليق
قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 3 ذو الحجة 1442
عدد المشاهدات 239
عدد التحميلات 5
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق