الثلاثاء 15 شوال 1445 هـ
23 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

الآية 187 من سورة البقرة

تفسير الآية 187 من سورة البقرة

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}

{أحل لكم} أي أحل الله لكم {الرفث إلى نسائكم} الرفث كناية عن الجماع، قال ابن عباس: إن الله حيي كريم يكني، كلما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة والإفضاء والدخول والرفث، فإنما عنى به الجماع، فالمراد: أباح الله لكم جماع نسائكم {ليلة الصيام} جميع ليالي رمضان {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} هن أي نساؤكم سكن لكم وأنتم سكن لهن، وقال الربيع بن أنس:

هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن، وحاصله: أن الرجل والمرأة كل منهما يخالط الآخر ويماسه ويضاجعه، فيشق عليهم ترك الجماع في الليل وهذا حالهم، فناسب أن يرخص لهم في المجامعة في ليل رمضان لئلا يشق ذلك عليهم ويحرجوا.

{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} أي تخادعون أنفسكم، بإتيانهن، فلا تصبرون عن جماعهن، وذلك لأنه كان يحرم عليهم الجماع في رمضان ليلاً ونهاراً، فكان البعض منهم يجامع في الليل، فأنزل الله هذه الآية تخفيفاً عليهم، فأباح لهم الجماع في الليل.

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء رضي الله عنه: «لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم». فأنزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} [البقرة: 187]

{فتاب عليكم} أي تجاوز عنكم {وعفا عنكم} أي محا ذنوبكم

{فالآن باشروهن} أي فالآن بعد التحريم، وبعد تحقيق التوبة، والعفو باشروهن، أي جامعوهن حلالاً {وابتغوا ما كتب الله لكم} أي اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد؛ وذلك بالجماع الذي يحصل به الإنزال.

{وكلوا واشربوا} أي لكم الأكل، والشرب في ليالي الصوم {حتى يتبين لكم} أي إلى أن يظهر لكم ظهوراً جلياً {الخيط الأبيض} وهو بياض النهار {من الخيط الأسود} وهو سواد الليل، يعني: بياض النهار من سواد الليل: سميا خيطين لأن كل واحد منهما يبدو في الابتداء ممتداً كالخيط

أخرج البخاري في صحيحه عن البراء رضي الله عنه، قال: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صِرْمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}. انتهى فكان الجماع ممنوعا مطلقاً في رمضان، والأكل والشرب يمنع في أحد حالين إما طلوع الفجر أو النوم قبل ذلك؛ فنسخ هذا، فأجاز لهم الجماع، وأجاز لهم الأكل والشرب ناموا أم لم يناموا إلى الفجر الصادق.

{من الفجر} بيان لمعنى {الخيط الأبيض} أخرج البخاري في صحيحه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض -أي أخذ حبلاً من الحبال التي يُربط بها البعير واحداً أبيض والآخر أسود- ، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك فقال: «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار». الحديث متفق عليه يعني فهم الآية خطأ ظن المقصود حتي يتمكن من التمييز بين الحبل الأسود والأبيض في ظلمة الليل، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن المقصود بالآية طلوع الفجر الصادق.

وأخرجا عن سهل بن سعد، قال: " أنزلت: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض، من الخيط الأسود} ولم ينزل {من الفجر}، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: {من الفجر} فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار ".

{ثم أتموا الصيام} أي أكملوا الصيام على وجه التمام {إلى الليل} أي إلى دخول الليل؛ وذلك بغروب الشمس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» ؛ وبمجرد غروب الشمس ، أي غروب قرص الشمس كاملاً فقط القرص.

{ولا تباشروهن} أي ولا تجامعوا النساء وأنتم {عاكفون} أي معتكفون في المساجد، والعكوف هو الإقامة على الشيء وملازمته، والاعتكاف في الشرع هو الإقامة في المسجد على عبادة الله، وهو سنة، ولا يجوز في غير المسجد، ويجوز في جميع المساجد.

{تلك حدود الله} يعني: تلك الأحكام التي ذكرها في الصيام والاعتكاف حدود الله: أي: ما منع الله عنها، قال السدي: شروط الله، وقال شهر بن حوشب: فرائض الله، وأصل الحد في اللغة: المنع، ومنه يقال للبواب: حداد؛ لأنه يمنع الناس من الدخول، وحدود الله ما يمنع الناس من مخالفتها.

واعلم أن حدود الله نوعان: الأول: حدود تمنع من كان خارجها من الدخول فيها؛ وهذه هي المحرمات؛ ويقال فيها: {فلا تقربوها} .

والثاني: وحدود تمنع من كان فيها من الخروج منها؛ وهذه هي الواجبات؛ ويقال فيها: {فلا تعتدوها}.

{فلا تقربوها} فلا تأتوها {كذلك} هكذا {يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون} لكي يتقوها فينجوا من العذاب.

قائمة الخيارات
0 [0 %]
الاحد 26 شعبان 1441
عدد المشاهدات 1001
عدد التحميلات 16
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق