الخميس 17 شوال 1445 هـ
25 ابريل 2024 م
جديد الموقع   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-49، كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (124-129)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (117-123)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (111-116)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (107-110)   تفسير القرآن: تفسير سورة التوبة (97-106)   تفسير القرآن: ‌‌تفسير سورة التوبة 94-96   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-48، كتاب الوضوء، الحديث 170و171و172و173و174و175   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-47، كتاب الوضوء، الحديث 166و167و168و169   الصوتيات: شرح صحيح البخاري-46، كتاب الوضوء، الحديث 162و163و164و165      

التكفير وخطره وأدلة ذلك

التكفير وخطره وأدلة ذلك
للعلامة المحدث مفتي الجنوب الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله

المبحث الأول : حقيقة التكفير
حقيقة التكفير: هي الحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ، ويصلي، ويزكي، ويصوم، ويقرُّ بسائر أركان الإسلام ؛ الحكم عليه بأنَّه كافرٌ ؛ حلال الدم والمال .
وهذا لايحصل إلاَّ عند انحراف الفكر ، وتحول العقيدة ، فلا يحصل ذلك من مسلمٍ سليم العقيدة ؛ صحيح الفكر ؛ ذلك لأنَّ الأدلة الإسلامية كلها منصبَّة على أنَّ من شهد أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ، واعتقد فرضية الصلوات الخمس ، وفرضية الزكاة في أنصبتها المحددة ، وفرضية صيام رمضان ، وحج البيت ، واعتقد حرمة دم المسلم ، وماله ، وعرضه ؛ فهو المسلم الذي يجب اعتقاد أخوته للمسلمين ، وتعاونه معهم في أداء الواجبات بقطع النظر عن جنسيته ، ولونه ، وبعده في النسب وقربه .
والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى أو تحصر ، فالله سبحانه وتعالى يقول : { وما أمروا إلاَّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }، ويقول : { إنَّما المؤمنون إخوة {.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لايحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّي رسول الله إلاَّ بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " ، ويقول : " المسلم أخو المسلم لايظلمه ، ولايسلمه " .
فمن كفَّر أخاه المسلم بدون ما يوجب الكفر شرعاً من شركٍ أكبر ، وكفر صريح لايحتمل التأويل ؛ من جحود فرضٍ مجمعٍ عليه أو استحلال محرَّمٍ مجمعٍ على تحريمه أو تحريم حلال مجمعٍ على حله أو إنكار ركنٍ من أركان الإيمان الستة ؛ أقول من كفَّر مسلماً بدون تعاطيه لواحدٍ من هذه المكفرات ؛ فهو تكفيري خارجي إرهابي ، ومعلومٌ لدى الجميع أنَّه لايحصل ذلك إلاَّ ممن ابتلي بمن حوَّل عقيدته وفكره من المضللين الخوارج ، وهذا مجرَّبٌ ، ومعروف
.
المبحث الثاني : نشأة التكفير في عهد السلف الصالح
أمَّا نشأة التكفير في عهد السلف الصالح فأول نشأته هو ما ورد في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعـة نفر : الأقرع بن حابس الحنظلي ، وعيينة بن بدر الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بنى كـلاب ، وزيد الخير الطائي ، ثم أحد بنى نبهان ؛ قال فغضبت قريش ، فقالوا : أيعطي صناديد نجد ويدعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم . فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين ؛ غائر العينين ؛ ناتىء الجبين ؛ محلـوق الرأس ، فقـال : اتق الله يا محمد ؛ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟! قال : ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله يرون أنه خالد بن الوليد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من ضئضئ هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميـة ؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " رواه البخاري ومسلم من طريق أبي سعيد .
وروى البخاري برقم 1614 من طريق أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسـلم قال : " يخرج ناسٌ من قبل المشرق يقرأون القرآن لايجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، ثمَّ لايعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوَقِه " .فهذه القصة بهذا الحديث هي أول ما ورد من أخبارهم.
وقد تحقق ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه حيث اجتمع عليه جماعة من الخوارج ، فحصروه في بيته ، ثم قتلوه .
وفي عهد علي رضي الله عنه حين كان القتال بينه وبين معاوية رضي الله عنه فرفع أصحاب معاوية المصاحف وقالوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فأمر عليٌّ أصحابه بالاستمرار في القتال ، فأبوا ولمَّا توقف القتال سعى قومٌ بين علي ومعاوية في الصلح ، واتفقوا على أن يحكِّموا حكمـين.
فقـالت الخوارج - الذين كانوا في أصحاب علي - لعلي : كفَرْتَ لأنَّك حكَّمت الرجال ، والله يقول : { إن الحكم إلاَّ لله {. فلمَّا رجعوا إلى العراق أعلنوا كفر علي ؛ فقاتلهم علي بعد أن أرسل إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فناظرهم ، فرجع منهم جماعة ، وقتل منهم عددٌ كبير في موقعة النهروان.
وما زالت الخوارج تخرج بين حينٍ وآخر ، فتقاتلهم الولاة وتقتلهم ، وتقوى شوكتهم أحياناً وتضعف أحياناً ؛ غير أنَّه لم تقم لهم دولة من زمن عثمان رضي الله عنه إلى الآن ، وتحقق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ينشأ نشءٌ يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ؛ كلما خرج قرن قطـع " ، قال ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عِراضهم الدجال )) رواه ابن ماجة ، وقد حسنه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 2455 .
المبحث الثالث : نشأة التكفير في هذا الزمن
أمَّا نشأة التكفير في هذا الزمن ، فالذين أحيوا مذهب التكفير في هذا العصر هم جماعة الإخوان المسلمون ، وإليك ما يثبت ذلك ؛ لتكون من هذه الجماعة على حذر :
فهذا سيد قطب قد كفَّر أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كما في ج4 / 2122 من تفسيره في ظلال القرآن حيث يقول : " إنَّه ليس على وجه الأرض اليوم دولةٌ مسلمة ، ولامجتمعٌ مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي " .
وقال قريباً من ذلك في تفسير سورة يونس ؛ بل زعم فيها أنَّ مساجد المسلمين معابد وثنية ، وحرض على الانقلابات في تفسير سورة الأنفال وزعم أنَّ الإسلام يأمر بذلك .
وقال في تفسير سورة الأنعام في ج2 / 1057 : " ولقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلاَّ الله ؛ فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ، وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلاَّ الله ، وإن ظـل فريقٌ منها يردد على المآذن : لا إله إلاَّ الله دون أن يدرك مدلولها " .
وفي ج3 / 1634 من تفسيره يقول : " إنَّ المسلمين الآن لايجاهدون ؛ ذلك أنَّ المسلمين اليوم لايوجدون ؛ إنَّ قضية وجود الإسلام ، ووجود المسلمين هي التي تحتـاج إلى علاج ".
قال الشيخ عبد الله بن محمد النجمي في رسالته منبع الإرهاب المعاصر " ولقد شهد على تكفير سيـد قطب للمجتمعات الإسلاميـة كبار الإخـوان المسلمون : فهـذا يوسف القرضاوي الإخواني يقول في كتابه أولويات الحركة الإسلامية ص110 : " في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب ؛ التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره الذي ينضح بتكفير المجتمع وإعلان الجهاد على الناس كافة "
وقال فريد عبد الخالق أحد قادة الإخوان المسلمين في ميزان الحق ص115 : " إنَّ نشأة فكرة التكفير بدأت من بعض شباب الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وبداية الستينات ، وأنَّهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته ، وأخذوا منها أنَّ المجتمع في جاهلية ، وأنَّه قد كفر حكَّامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله ومحكوميهم إذا رضوا بذلك " .اهـ
قلت : وقد اعترف جماعةٌ من المفجرين الذين ظهروا على شاشة التلفاز السعودي بأنَّهم أخذوا فكرة التكفير من كتب سيد قطب ، وبالأخص كتاب في ظلال القرآن ، وهذا فيه ردٌّ على هؤلاء الذين يقولون إنَّ ما حملهم على ذلك إنَّما هو البطالة أو غير ذلك.
قلت: فهل بقي شكٌّ في أنَّ نشأة التكفير في هذا العصر كانت من عند الإخوان المسلمـون ، وإن أردت أيها القارئ أو السامع أن أزيدك تأكيداً أنَّ الإخوان المسلمون هم منبع الإرهاب في هذا العصر ، فاقرأ في الجزء الأول من كتاب قافلة الإخوان المسلمون لعباس السيسي وهو واحدٌ منهم اقرأ في ص258 مقتل القاضي أحمد بك الخازندار غيلة من قبل الإخوان المسلمـون .
وفي ص267 حادث نسف شركة إعلانات الشرقية .
وفي ص269 والصفحة بعدها حادث السيارة الجيب .
وفي ص271 محطة اللاسلكي حيث وجدت فيها ألغام زرعت من قبل أحد الإخوان المسلمين .
وفي ص272 – 273 ذكر الإخوان المتهمين في قضية سيارة الجيب ، والحكم عليهم .
وفي ص275 أمرٌ عسكري بحل جماعة الإخوان .
وفي ص281 قرار حل جماعة الإخوان ، ونصُّ بيان القرار في صفحة 281 و282 و283 وفي ص285 محاولة نسف محكمة الإستئناف .
وفي ص286 مقتل النقراشي في وزارته غيلة من أحد الإخوان المسلمين ؛ كل هذا موجودٌ في آخر الجزء الأول من قافلة الإخوان المسلمون لعباس السيسي ؛ وهو أحد معتنقي هذا المنهج ؛ وهو المسجل للوقائع ، والمعترف بها ، وكل هذا وغيره حصل في حياة حسن البنا في الأعـوام 1947 – 1948م أليس في هذا دليل واضح بأنَّ الإخوان المسلمين حزبٌ تكفيري يستعمل العنف ، والتفجير ؛ وهو الإرهاب الذي يعنيه العصر الحاضر.
المبحث الرابع : حكم التكفير
أمَّا حكم التكفير للمسلم الذي لم يصنع ما يوجبه فهو حرامٌ تحريماً قطعياً ؛ للأدلة الدالة على ذلك ، فقد روى البخاري في كتاب الأدب من صحيحه الباب رقم ( 44 ) باب ما ينهى عن السباب واللعن حديث ثابت بن الضحاك - وكان من أصحاب الشجرة – حدثه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على ملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال ، وليس على ابن آدم نذرٌ فيما لايملك ومن قتل نفسه بشيءٍ في الدنيا عذب به يوم القيامة ، ومن لعن مؤمناً فهو كقتله ، ومن قذف مؤمناً بكفرٍ فهو كقتله " .
ومن حديث عبد الله بن بريدة حدثني يحيى بن يعمر أنَّ أبا الأسود الدِّيلي حدَّثه عن أبي ذر رضي الله عنه أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لايرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر إلاَّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " .
قال الحافظ ابن حجر : " وفي رواية للإسماعيلي : " إلاَّ حار عليه " ، وفي رواية أخرى : " إلاَّ ارتدت عليه " ، يعني رجعت عليه ، و ( حار ) بمهملتين ؛ أي رجع ، وهذا يقتضي أنَّ من قال لآخر أنت فاسقٌ أو قال له أنت كافرٌ ، فإنَّ كان ليس كما قال كان هو المستحق للوصف المذكور ..."
إلى أن قال : " ووقع في رواية مسلم بلفظ : " من دعا رجلاً بالكفر ، أو قال عدو الله وليس كذلك ؛ إلاَّ حار عليه " . ذكره في أثناء حديث في ذم من ادعى إلى غير أبيه ... " .إلى أن قال الحافظ رحمه الله : " قال النووي : اختلف في تأويل هذا الرجوع فقيل : رجع عليه الكفر إن كان مستحلاً ، وهذا بعيدٌ من سياق الخبر ، وقيل محمولٌ على الخوارج لأنَّهم يكفرون المؤمنين " .اهـ.
قلت : وهذا أمرٌ مشاهدٌ في الخوارج ؛ ثابتٌ عنهم بالتواتر ؛ قديماً وحديثاً ، وإلاَّ فما الذي حملهم على قتل خيار المؤمنين ، فهم الذين قتلوا عثمان بن عفان ، وقتلوا علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين غيلةً ، لم يفعلوا ذلك إلاَّ بعد أن حكموا عليهم بالكفر ؛ إذ إنَّ من مبدئهم التكفير بالكبيرة .
وفي زمننا هذا ما قتلوا من قتلوا من المسلمين والمستأمنين إلاَّ بعد أن استحلوا سفك دمائهم وإزهاق أرواحهم ، وإتلاف أموالهم ، واستحلوا إخافة المسلمين والمستأمنين ، وإشاعة الرعب بينهم ، وشوهوا صورة الإسلام أمام الأعداء ؛ - أي أمام أعداء الإسلام- والمسلمين ؛ لم يفعلوا هذا كله إلاَّ نتيجة لتكفيرهم للمسلمين جميعاً ولاةً ورعية ؛ علماء وأميين ؛ قادةً متبوعين وتابعين .
مع العلم أنَّ الخوارج في كل زمن يتبعون في تكفيرهم للمسلمين أموراً وهمية ، فهم يكفرون بالذنب وهم واقعون في نظيره ، وقد يكون الذنب الذي كفروا به غير موجود فيمن كفَّروه ؛ بل هو مختلقٌ فيه ، ومكذوبٌ عليه ، وقد يكون أنَّهم يزعمون ذنباً ما ليس بذنب ، ومكفراً ما ليس بمكفر يحملهم على ذلك الهوى ، ويسوقهم إليه الرغبة في التكفير بغير علم عندهم ولاتحقيق .
فلذلك أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهم شر الخلق والخليقة ، وأنَّهم كلاب أهل النـار وأنَّهم شرُّ قتلى تحت أديم السماء ، فهل بعد هذه الأوصاف من مقال يكون أشدَّ ذماً من هذا الذم ؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في ج28 / 512 – 518 : " وقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحـاديث بقتـال الخـوارج ؛ وهي متواترة عند أهل العلم بالحديث ؛ قال الإمام أحمد رحمه الله : صحَّ الحـديث في الخوارج من عشرة أوجه ، وقد رواها مسلمٌ في صحيحه ، وروى البخاري منها ثلاثة أوجه : حديث علي ، وأبي سعيد الخدري وسهل بن حنيف ، وفي السنن والمسانيد طرق أخر متعددة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفتهم : " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية ؛ أين ما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ؛ لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد ".
وهؤلاء قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمن معه من الصحابة ، واتفق على قتلهم سلف الأمة وأئمتها لم يتنازعوا في قتالهم كما تنازعوا في قتال يوم الجمل وصفين ؛ فإنَّ الصحابة كانوا في الفتنة ثلاثة أصناف : قومٌ قاتلوا مع علي رضي الله عنه ، وقومٌ قاتلوا مع من قاتله ، وقومٌ قعدوا عن القتال لم يقاتلوا واحدةً من الطائفتين . وأمَّا الخوارج فلم يكن فيهم أحدٌ من الصحابة ، ولا نهى عن قتالهم أحدٌ من الصحابة .... " .إلى أن قال : " فإنَّ الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم ، وإنَّما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالكٍ ، وأحمد ، وفي مذهب الشافعي أيضاً نـزاع في كفرهـم " اهـ.
المبحث الخامس : مخاطر التكفير ، وعواقبه الوخيمة
من مخاطر التكفير وعواقبه الوخيمة ما يلي:
1- نقض العهود ؛ والتي أخذها الولاة على رعاياهم ، فإنَّ من كفَّر الولي رأى أنَّه لايستحق الوفاء ، ونقض العهد من كبائر الذنوب قال تعالى : { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } .
2- استباحة دم الولي عند من كفَّره ، واستباحة دماء عمَّاله .
3- استباحة منازعته ، والخروج عليه .
4- استباحة دماء المسلمين عند من كفَّروهم ، واستباحة دماء المستأمنين من باب أولى .
5- استباحة قتلهم ، وقتالهم ؛ ناسين أو متناسين قول الله عز وجل : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً } .
6- ويترتب على ذلك استباحة أعراضهم ، فيكذبون فيهم ، ويفترون عليهم ، وينسبون إليهم ما ليس فيهم .
7- ويترتب على ذلك استباحة إتلاف أموالهم أو أخذها من هؤلاء المكفرين ؛ أي أنَّ المكفرين يأخذون أموال الذين كفروهم .
8- نشر الفوضى في المجتمعات الإسلامية ، وإذهاب الأمن ، والثقة بينهم.
9- زرع اختلاف الكلمة ، وغرس بذور الفرقة .
10- امتداد أطماع الأعداء ؛ الذين هم أعداء الإسلام والمسلمين في الإستيلاء عليهـم واستغلال ثرواتهم ، ومواردهم .
11- ومتى استولى على المسلمين أعداؤهم أذاقوهم الهوان ، والنكال ، وحكموهم بقوانينهم الكفرية .
12- ومن هنا نعلم أنَّ الخوراج الإرهابيين أذاهم حاصلٌ على الأمة كلها القائد والمقـود والعامي والمثقف ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير، فلايبقى أحدٌ إلاَّ وسيصل إليه قسطه من الضرر .
أرجو أن يكون هذا البيان مقنعٌ لكل عاقلٍ بأنَّ الخوارج الإرهابيين قوم ضلال وسوء ، وحزب تخريب وإفساد ، ودعاة شر ؛ تترتب على أعمالهم التخريبية مفاسد لاتحصى ، وعواقب وخيمة لاتعد ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم.
 
مجموع رسائل الشيخ النجمي ص96
 


التعليقات عدد التعليقات (1)

اضافة تعليق
  • سماحي محمد
    الجزائر | 2010-03-01 13:06:23
    في ضل الواقع المعيش المر لا زالت الجهود ضئلة جدا في محاربة التكفير. فالى كل ذي علم الله الله في نصح المسلمين.
قائمة الخيارات
0 [0 %]
بقلم: أبي الحسن علي الرملي
الاحد 12 ذو الحجة 1430
عدد المشاهدات 3988
عدد التحميلات 119
جميع الحقوق محفوظة لشبكة الدين القيم © 2008-2014 برمجة وتصميم طريق الآفاق